أبوظبي ـ صوت الامارات
عبر السنوات الخمس الماضية؛ فرضت السياسة وقضاياها حضورها على الفن في الوطن العربي بشكل عام، والدراما بشكل خاص. كانت ثورات ما عرف بالربيع العربي وتداعياتها، عنصراً مشتركاً في كثير من المسلسلات الدرامية التي عرضت في رمضان عبر الأعوام الماضية، خصوصاً الأعمال المصرية والسورية، في حين ظلت الدراما الإماراتية والخليجية بعيدة إلى حد ما عن هذا التوجه، باستثناء تناول بعض الأعمال الكويتية المحدودة لأحداث غزو الكويت 1990.
في العام الجاري؛ وفي الوقت الذي تراجعت فيه السياسة في الأعمال الدرامية المصرية والسورية، مقارنة بالسنوات الماضية، حضرت بقوة في الدراما الإماراتية والخليجية، من خلال المسلسل الإماراتي "خيانة وطن" الذي يعد أول دراما سياسية محلية، ويتناول قضية التنظيم السري، كاشفاً فصول القصة وما كان يدور في الخفاء. جرأة الطرح وغرابة القضية على المجتمع الإماراتي؛ خلقت للمسلسل المأخوذ عن رواية "ريتاج" للدكتور حمد الحمادي جماهيرية واسعة منذ عرض الحلقة الأولى، تزايدت مع توالي الحلقات، وتوالي كشف الشخصيات المتورطة في التنظيم والقبض عليهم من قبل رجال الأمن في مشاهد أذكت المشاعر الوطنية لدى المشاهدين، ليتصدر "خيانة وطن" قائمة الأعمال الإماراتية المعروضة هذا العام، بفضل أهمية الموضوع الذي يتناوله رغم بطء الأحداث الذي اتسم به العمل بدءاً من الحلقة الرابعة.
التطرق إلى قضايا شائكة وجرأة الطرح؛ كانت أيضاً من أبرز أسلحة المسلسل السعودي "سلفي2" لمواصلة النجاح الذي بدأه العام الماضي، ليحقق المسلسل منذ حلقته الأولى ردود أفعال واسعة بين المشاهدين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الحلقات التي تناولت قضايا ذات أبعاد سياسية هي الأكثر إثارة للجدل بين الجمهور، مثل حلقة "على مذهبك" التي تناول فيها الصراع بين المذاهب الدينية، وكذلك الحلقة التي استوحت أحداثها من جرائم تنظيم "داعش" وما يمارسه من أعمال إرهابية وتفجيرات، كما في حادثة تفجير مسجد الطوارئ في عسير بالسعودية، حيث قام الداعشي غازي، في الحلقة، بتفجير مسجد قوات الأمن الذي يصلي فيه شقيقه الضابط ليكون أحد الشهداء، وهو أمر ظهر في فيديوهات بثها التنظيم لأحد أفراده يذبح أخاه.
في المقابل؛ تراجعت السياسة وقضاياها من واجهة المشهد الدرامي المصري في رمضان هذا العام، فاختفت تماماً في كثير من الأعمال، وظهرت كخلفية للأحداث في بعض الأعمال، ليشكل مسلسل "القيصر" للفنان يوسف الشريف استثناء لهذه القاعدة، فهو يدور في إطار سياسي مخابراتي، يتناول قضايا متشابكة مثل الجماعات التكفيرية وخططها في مصر، وتجارة السلاح، والمواجهات التي تدور بين الجيش المصري وبين تجار السلاح والتكفيريين في سيناء، كما يتناول الجمعيات الحقوقية وما يدور في كواليسها، وذلك من خلال بطل العمل الملقب بالقيصر، يوسف شريف، حيث يتم القبض عليه في أحد أنفاق تهريب السلاح في سيناء، وتعجز كل الأطراف عن تحديد هويته أو المهمة التي كان يقوم بها أثناء القبض عليه. هذا الغموض الذي طالما صبغ أعمال يوسف الشريف السابقة، كان عنصراً مهماً في جذب المشاهدين لمتابعة المسلسل.
تناول الموضوعات السياسية لا يجلب دائماً النجاح وإعجاب المشاهدين؛ فأحياناً يصبح سبباً لفتح نار النقد، وإثارة غضب الجمهور الذي يصل إلى المطالبة بإيقاف العمل، كما في برنامج المقالب المصري "ميني داعش" الذي يقدمه خالد عليش، وتقوم فكرته على استضافة فنان أو فنانة، وإيهامه بأنه مختطف من قبل التنظيم الإرهابي، حيث يقتحم الاستديو مجموعة من الملثّمين يرتدون ملابس أعضاء التنظيم.
أرسل تعليقك