واشنطن ـ كارين اليان
كشف مؤلف الكتب العلمية الأكثر مبيعًا والباحث في علم النفس في جامعة "هارفاد" الأميركية الكاتب ستيفن بنكر، عن انخفاض العنف بشكل كبير في العالم، مضيفًا أن الحرب أصبحت أقل شيوعًا وليست مميتة كما كانت في السابق، مشيرًا إلى أن التطرف أصبح نادرًا، فضلًا على أن أزمة اللاجئين الأوروبية ليست جديدة وذلك على الرغم من هجمات باريس المتطرفة.
وأوضح بنكر خلال لقاء مع مؤسسة "تومسون رويترز"، "تعد الأخبار وسيلة مضللة منهجيا لفهم العالم، وعلى مدار الخمسة أعوام الماضية انتهت الصراعات في تشاد وبيرو وإيران والهند وسريلانكا وأنغولا، وفى حالة نجاح محادثات السلام الحالية في كولومبيا ستكون الحرب قد اختفت من نصف الكرة الغربي".
ووصف بنكر في كتابه عام 2011 (أفضل الملائكة في طبيعتنا) انخفاض العنف بالتطور الأكثر أهمية والأقل تقديرا في تاريخ الجنس البشرى، ومقارنة بفترة ما بعد الحرب يعتبر عام 2015 عاما هادئا نسبيا مقارنة بالقرون الماضية، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك إلا نموًا صغيرًا في الوفيات العنيفة في جميع أنحاء العالم على مدى العامين الماضيين.
وأكد انخفاض عدد الوفيات في زمن الحرب استنادا إلى بيانات برنامج أوبسالا لبيانات الصراع في السويد ومعهد أبحاث السلام في أوسلو في النرويج، مفيدًا بأنه مثلما انقرض الرق والعبودية وأكل لحوم البشر في معظم العالم الحديث فمن الممكن انقراض أشكال أخرى من العنف مثل عقوبة الإعدام والحروب بين الدول"، مضيفا "على مدار 500 عام خاضت بلدان أوروبا الغربية حربين جديدتين سنويا، ومنذ الحرب العالمية الثانية انخفض الرقم إلى صفر، وفى الأعوام الأخيرة كانت معظم الوفيات أثناء المعركة في الحروب الألية".
وانتقد المؤرخ في جامعة "ييل" في الولايات المتحدة تيموثي سنايدر، بعض طرق بينكر مشيرًا إلى عدم تفاؤله، مضيفًا لمؤسسة "تومسون رويترز"، "هناك قلق بشأن الحاضر والمستقبل فيما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري وانهيار الدولة وهي أزمات يمكن أن تنهى حالة السلام التي تعودنا عليها، إذا كنا نعتقد أن السلام شئيا أوتوماتيكيًا، فيجب أن نعرف العوامل التي تجلبه".
ويُلقي بنكر باللوم على وحشية الرئيس الأسد والمتطرفين مثل تنظيم "داعش" ومغامرة الرئيس الروسي بوتين في أوكرانيا في ارتفاع حالة الوفيات العنيفة، لكنه أوضح أن النطاق الجغرافي للحروب تقلص، مضيفًا "امتدت الحروب سابقا في أنحاء العالم، وكان هناك 30 عاما بين عامي 1945 حتى 1990 قتل خلالها 100 ألف شخص بما في ذلك حروب اليونان والصين وموزمبيق والجزائر والتبت وغواتيمالا وأنوغندا وتيمور الشرقية، وفيما عدا الحروب الصغيرة في أوكرانيا خلال العام الماضي تتخذ منطقة الحرب شكل الهلال من وسط أفريقيا مرورا بالشرق الأوسط إلى جنوب آسيا".
وأفاد بنكر في كتابه (أفضل الملائكة) بأن معظم أشكال العنف بما في ذلك القتل والإعدام والعنف المنزلي والتعذيب والاحتجاز انخفضت، مشيرًا إلى أن هجمات قتل المدنيين في باريس وأنقرة وكاليفورنيا وبيروت وغاريسا في كينيا هذا العام أصبحت كبيرة لأنها نادرة الحدوث، كما أن عمليات إطلاق النار تحدث دعاية لوسائل الإعلام، موضحًا أنه لحساب عدد صغير نسبيا من الوفيات.
وتابع "لذلك يعتبر قتل الأبرياء من الطرق المؤكدة الوحيدة لجذب الدعاية لنفسك أو قضيتك"، مشيرًا إلى أن مهاجمة المدنيين بسبب قضايا سياسية ليست جديدة في أوروبا، حيث قتل الكثيرين بواسطة الماركسيين والقوميين والجماعات الانفصالية في فترتي السبعينات والثمانينات وهم أكثر ممن قتلوا على يد المتطرفين في عام 2000 و2010.
وينظر بنكر إلى أزمة اللاجئين في أوروبا بشكل مختلف حيث شهدت أوروبا وصول أكثر من مليون لاجئ هذا العام هربا من الحرب الأهلية في سورية، مبيَنًا أن أوروبا تعاملت مع 60 مليون شخص مشرد بعد الحرب العالمية الثانية وهو ما يساوي العدد الاجمالي للنازحين في جميع أنحاء العالم اليوم.
يشار إلى أنه على الرغم من تفاؤل بنكر بعام 2015 إلا أنه لم يراهن على ما سيجلبه عام 2016، مضيفًا "يجب على علماء الاجتماع ألا يتنبؤوا بالمستقبل فلدينا ما يكفي من المشاكل في التنبؤ بالماضي".
أرسل تعليقك