لندن ـ سليم كرم
وجد الزوجان كيم وتونيا إيلمان، زجاجة مرمية في شمال جزيرة ويدج في يناير/كانون الثاني، عندما علقت سيارة ابنهما في رمال الشاطئ، واصطحباها معهما إلى منزلهما، حيث أكّد إيلمان أنّ زوجته أعطتها إلى صديقة ابنها التي ظنّت أنّها تحتوي على سيجارة ملتفة، وحاولت تونيا فك الخيط عن الورقة، ولكنّ الورقة كانت هشة للغاية، فوضعتها في الفرن لمدة 5 دقائق لتجفيفها من الرطوبة، ثم أخرجها الزوجان ووجدا أنّ حبر الكتابة اليدوية المطبوعة عليها، لا يزال موجوداً، وفيها أيضًا رسالة مطبوعة، تطلب من قارئها الاتصال بالقنصلية الألمانية عند العثور عليها، وفي وقت لاحق، لاحظا أيضا كتابة يدوية باهتة على المذكرة، كُتبت بتاريخ 12 يونيو (حزيران) 1886، مع اسم للسفينة بولا.
وظنّ الزوجان كيم وتونيا إيلمان، عندما رأيا التاريخ، أنّه أبعد من أن يكون حقيقياً، ولكنّهما بحثا في شأن الزجاجة على الإنترنت وعرضاها على خبراء في متحف أستراليا الغربية، وأكد مساعد أمين علوم الآثار البحرية في المتحف، روس أندرسون، بعد رؤية الزجاجة وبعد التشاور مع زملاء له من ألمانيا وهولندا، أنّ الزجاجة أصلية، مشيرًا إلى أنّه "من المثير للذهول، أنّ البحث الأرشيفي في ألمانيا، وجد مذكرات الأرصاد الجوية الأصلية للسفينة بولا، وكانت هناك مدونة بتاريخ 12 يونيو 1886، حرّرها القبطان، وسجّل وجود زجاجة ألقيت على سطح السفينة، ويتوافق التاريخ والإحداثيات تماماً مع تلك الموجودة على رسالة الزجاجة"، كما تطابقت الكتابة اليدوية على المذكرات مع الرسالة في الزجاجة.
وألقيت الرسالة، في جنوب شرقي المحيط الهندي، وربما جرفتها الأمواج نحو الساحل الأسترالي خلال 12 شهراً، حيث دفنت هناك في أسفل الرمال، كما قال في تقريره، وألقيت الآلاف من الزجاجات من على متن السفن خلال التجربة الألمانية التي استمرت 69 عامًا، ولكن لم يُسترجع منها حتى الآن إلّا 662 رسالة، ولم يُستعد أي من الزجاجات. وكانت آخر زجاجة تحمل رسالة مع ملاحظة العثور عليها في الدنمارك في عام 1934، وكانت الزجاجة التي عُثر عليها في جزيرة ويدج مكشوفة تماماً، ومن دون سدادة من الفلين، وكانت مليئة إلى ربعها تقريبا بالرمال الرطبة. وعلى ما يبدو أنّ الزجاجة ظلّت مدفونة معظم الوقت.
وتتحرك الكثبان الرملية كثيراً في هذه المنطقة، بسبب العواصف والأمطار الغزيرة، وبالتالي فقد تكون الزجاجة تعرضت لفترات دورية من الانكشاف أثّرت في جفاف سدادتها الفلينية وانفصالها عنها، فيما ساعدت كمّية الرمال المتبقّية في داخلها بحفظ الورقة المطوية بإحكام. قد تكون فتحة الزجاجة الضيقة التي يبلغ قطرها 7 ملليمترات وزجاجها السميك، ساعدا في حماية الورقة وحفظها من تأثيرات التعرض للعناصر الخارجية، ووفّرا بيئة ميكروبية حمائية مواتية لحفظها لفترات طويلة.
وتبرعت عائلة إيلمان بالزجاجة إلى متحف أستراليا الغربية لمدة عامين اثنين فقط، حيث ستُعرض للزّوار اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل، وتعليقاً على الأمر، قال وزير الثقافة والفنون في أستراليا الغربية، ديفيد تيمبلمان، إنّه مسرور جداً بهذا التبرع، مضيفا: "إنه اكتشاف مثير للإعجاب بحق، وبفضل التعاون الدولي المتعدد التخصصات للعلوم والأبحاث، يمكن الآن أيضا عرض الاكتشاف على العالم بأسره"، ووصف إيلمان، عبر الإنترنت، الاكتشاف بأنّه "الحدث والأكثر تميّزا في حياتي. والتفكير في أنّ هذه الزجاجة لم يمسها أحد طيلة 132 سنة. وهي في حالة ممتازة، على الرغم من مختلف العوامل التي تعرضت لها، يؤكد على هذه الميزة".
أرسل تعليقك