تسلط حادثة القطار المروعة التي وقعت في ضاحية نيويورك وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة مئة آخرين، الضوء مجددا على مشاكل سلامة القطارات وتأخر الاستثمار في شبكة النقل هذه في الولايات المتحدة.
وكشف المحققون مساء الجمعة أن الأمر قد يستغرق أياما عدة قبل تحديد أسباب هذه الحادثة التي وقعت الخميس في محطة هوبوكان (نيوجيرزي) قرب نيويورك خلال ساعة الذروة.
والمعلومات المتوافرة حتى الآن عن الحادثة هي أن قطار الضواحي هذا الذي كان ينقل نحو 250 راكبا دخل المحطة بسرعة فائقة من دون أن يبطئ.
وأشار خبراء إلى أن حصيلة الضحايا منخفضة نسبة لهول الحادث الذي صدم فيه القطار المصدات الواقعة عند نهاية الخط الحديدي ليرتطم بجدار يفصل هذا القسم من المحطة عن البهو الرئيسي.
وحتى من دون التأكد من الأسباب الفعلية للحادث، كثيرة كانت وسائل الإعلام التي ذكرت بمشاكل السلامة المتكررة في شبكة القطارات وخطط الاستثمار غير المنفذة في هذا المجال في بلد تبقى فيه السيارة والطائرة أفضل وسيلة للتنقل.
ووجهت أصابع الاتهام إلى حاكم نيوجيرزي الجمهوري كريس كريستي لأنه خفض في تموز/يوليو الأموال المخصصة للنقل إثر خلاف مع الديموقراطيين في البرلمان المحلي.
وسرعان ما دحض المدير المحلي لشبكة النقل هذه الاتهامات، مؤكدا أنه ما من "نفقات مرتبطة بسلامة الشبكة وبصيانتها قد اقتطعت" إثر تخفيض الميزانية.
لكن المشكلة لا تقتصر على ذلك، فشركة "نيوجيرزي ترانزيت" التي تدير القطار الذي ينقل مئات الآلاف من سكان الضواحي كل أسبوع تعاني من نقص مزمن في الاستثمار.
وفي تقرير مرحلي رفع في منتصف أيلول/سبتمبر إلى وزارة النقل ونشرت صحيفة "ديلي نيوز" مقتطفات منه الجمعة، أقرت الشركة خصوصا بأنها لم تزود بعد أي مقصورة أو أي سكة حديد بالنظام المعرف بـ "بي تي سي" والذي يقوم بدور السائق لكبح سرعة القطارات التي تسير بسرعة فائقة.
ورفضت نائبة الرئيس للهيئة الفدرالية المعنية بسلامة النقل في الولايات المتحدة استباق نتائج التحقيق، لكنها أكدت الخميس أن المحققين سيدرسون الدور الذي كان من الممكن أن يؤديه هذا النظام في حال اعتماده.
- المشكلة في الكلفة -
قد تسببت السرعة الفائقة مؤخرا بحادثي قطارات في الولايات المتحدة، وذلك سنة 2015 عندما انحرف قطار لشركة "أمتراك" كان يربط واشنطن بفيلادلفيا عن مساره، متسببا بمقتل 8 أشخاص وإصابة مئتين آخرين، وقبله سنة 2013 عندما فوت قطار ضواح لشركة "ميترونورث" منعطفا عند وصوله إلى نيويورك، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 67.
ويفرض قانون فدرالي صادر سنة 2008 على شركات سكك الحديد تعميم استخدام نظام "بي تي سي" قبل نهاية 2015. لكن هذه المهلة قد أجلت إلى 2018، لكن الاستثمارات قليلة جدا وقيود الميزانية كثيرة بحيث أن عددا كبيرا من الولايات لا يزال متأخرا في هذا المجال.
وشرح روبرت هالستيد الخبير في حوادث القطارات منذ أكثر من 20 عاما في الولايات المتحدة وكندا "نحن في منتصف الطريق وتعد كاليفورنيا الأكثر تقدما في هذا المجال".
وأشار في تصريحات لوكالة فرانس برس إلى أن "المشكلة هي في الكلفة، فلا بد من إنفاق 75 ألفا إلى مئة ألف دولار لتزويد مركبة واحدة بهذا النظام، بالإضافة إلى تزويد الخط. وقد تبلغ الكلفة الإجمالية لشبكة القطارات ما بين 10 و15 مليار دولار".
وتكمن المشكلة الثانية، في نظر الخبير، في تعدد الشركات وقلة التنسيق بين المجموعات المختلفة.
وأشار المنتدى الدولي للنقل وهو هيئة تابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في تقرير حديث إلى أن الولايات المتحدة هي بعيدة كل البعد عن أوروبا واليابان في ما يخص الاستثمارات في شبكة القطارات.
فالبلاد استثمرت أقل من 0,1 % من إجمالي ناتجها المحلي في شبكة القطارات سنة 2013، أي أقل بست مرات مما استثمر في فرنسا وأستراليا، بحسب أرقام نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز".
أرسل تعليقك