الأقصر- محمد العديسى
مبرد وجاكوش وأدوات بدائية، هو كل ما يحتاجه النحات المصري أحمد حسان، 27 سنة، ابن مدينة الأقصر الجنوبية، لصناعة منتجات "الألباستر"، واللوحات المنقوشة، والتماثيل المختلفة من الحجر أو الغرانيت والبازلت، والذي يطالب بوقف استيراد منتجات الألباستر الصينية حماية للصانع المحلي.
حسان لم يرث مهنة النحت من آبائه وأجداده مثل الكثير من زملائه، بل إنه أول أفراد عائلته عملاً في هذه المهنة التي تشتهر بها منطقة القرنة، منذ ما نحو 3 آلاف عام، إذ كانت هناك مدينة مخصصة للنحاتين والعمال تسمى "دير المدينة"، أُنشئت فى عهد رمسيس الثالث، وظلت قائمة حتى عام 1100 قبل الميلاد .
ورغم أن المهنة شاقة للغاية، ولا تدر دخلا مناسبا يصرف منه حسان على أسرته المكونة من 7 أفراد، إلا أنه يجد متعة كبيرة فيها ويرتبط بها ارتباطا وثيقا، حيث أنه يمكن أن يعمل ليومين كاملين في نحت تمثال من الحجر، ثم يبيع منتجه في النهاية ببضعة جنيهات .
يؤكد حسان أن ما يعوضه عن هذه المشقة والتعب، نظرات الإعجاب والانبهار التي يلمحها في أعين السائحين الذين لا يفوتون الفرصة لاقتناء منتجات الألباستر التي مازلت من أهم معالم المدينة، رغم الغزو الصيني لهذه المهنة.
ولا يتخيل هذا الشاب أن يجد نفسه في مهنة غير النحت، لأنه تربى في مصانع الألباستر منذ أن كان طفلا صغيرا يقوم بتنظيف المصنع، حتى تعلم المهنة وأصبح اسما معروفًا في المدينة كلها.
ورغم أنه ترك المدرسة في الصف الأول الإعدادي من أجل الانفاق على عائلته الكبيرة، إلا أن حسان يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ويتعامل مع السائحين الذين يزورون المصنع لشراء التماثيل واللوحات، إلا أنه يؤكد أنه لم يفكر إطلاقًا في الارتباط بفتاة أجنبية مثل الكثير من شباب غرب الأقصر .
يشير حسان إلى أن مهنة النحت وصناعة الألباستر بصفة عامة أصبحت في خطر، ومعرضة للاندثار بسبب الغزو الصيني للسوق السياحية، والذي "خرب بيوتنا"، على حد قوله، إذ يقوم المستوردون بتوريد تماثيل ولوحات ومنتجات شبيهة بمنتجات مصانع القرنة بأسعار زهيدة للغاية، الأمر الذي ينعكس بطرقة مباشرة على النحاتين، كما أن الركود السياحي الذي بدأ بعد قيام ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، جعل صغار النحاتين يعانون لإيجاد قوت يومهم.
ويطالب حسان بمنع استيراد المنتجات الصينية حماية لأصحاب مصانع الألباستر والنحاتين، ودفاعا عن المهنة التاريخية التي ارتبطت منذ آلاف السنين بمنطقة القرنة.
أرسل تعليقك