أبوظبي - صوت الإمارات
عرفنا "الإتيكيت" عموماً في مقال سابق، وعرفناه في الإسلام أيضاً، وقلنا إنه إسلامي المولد والنشأة، وإن كان ضعفاء الفكر من المسلمين حسبوه مستورداً من الغرب .
وبما أن "الإتيكيت" يقسم إلى فردي ومجتمعي في الإسلام، ثم إلى "إتيكيت" غربي، فإننا في هذا المقال نتناول الفردي والمجتمعي منه .
ذلك أن الإسلام اعتنى بالفرد أولاً لأنه نواة المجتمع، و"الإتيكيت" بما أنه هو الأدب فما أجمل بالإنسان المسلم أن يتأدب مع الله تعالى أولاً، لأنه أنعم عليه بنعم الإيجاد والإمداد والهداية والرشاد .
و"الإتيكيت" الإسلامي يتجلى في هذا الجانب، ألا يعبد العبد إلا خالقه ورازقه، قال تعالى: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" (الآيتان ،162 163 من سورة الأنعام) .
ويشكر الله تعالى أولاً لأنه المنعم المتفضل، قال تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" (الآية 152 من سورة البقرة) .
ويحب الله تعالى قبل أن يحب أي شيء، قال تعالى: " . . والذين آمنوا أشد حبا لله . ." (الآية 1 من سورة الحجرات) .
نعم . . وهكذا "الإتيكيت" مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: "قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول . ." . (الآية 54 من سورة النور) .
فمن "الإتيكيت" في الإسلام أن يحب المسلم الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبع سنته، ويوقره، ويتخلق بأخلاقه، ويحب أصحابه وآل بيته، وينشر هديه بين الناس، قال تعالى: "إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا، لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا" . (الآيتان ،8 9 من سورة الفتح) .
وعلى المسلم أن يتعامل مع نفسه "بالإتيكيت" الإسلامي الرفيع الذي علمه كيف يستقبل ليله إذا أوى إلى فراشه، وكيف يستقبل نهاره إذا استيقظ .
وماذا يقول إذا قضى حاجته واغتسل، وماذا يقول إذا جلس ليأكل أو لبس ثوبه، أو خرج من بيته، أو إذا تحدث، أو إذا أراد أن يعالج نفسه من شر المرض والحسد ومس الشيطان .
في الواقع أن كتب الأحاديث زاخرة بمثل هذا "الإتيكيت"، ولقد ألف العلماء كتباً كثيرة في هذا المجال، ولعل أشهرها بين الناس كتاب "الأذكار" للإمام النووي الذي تناول الموضوع بإسهاب، واستشهد بالمئات بل الألوف من الأدعية التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمرنا بأن نتحصن بها، ونجعلها سلوكنا في الصباح والمساء، في الليل والنهار، في السفر والحضر .
وعلى سبيل المثال يقول النووي في كتاب "الأذكار": "يستحب لمن استيقظ من الليل وخرج من بيته أن ينظر إلى السماء، ويقرأ الآيات من خواتيم سورة آل عمران" .
ثم يقول: "وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: يعقد الشيطان على رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ وذكر الله تعالى انحلت عقدة، وإن توضأ انحلت عقدة، وإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" (متفق عليه) .
ومن إتيكيت الحديث مع الناس في الإسلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" رواه الترمذي .
وأوضح في حديث آخر: "لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا" . هذا والأدعية والأحاديث كثيرة .
أرسل تعليقك