تمكنت صحيفة "إنديبندنت" من معرفة مكان سائق "السيارة الغامضة" المذكورة في نظريات المؤامرة بشأن حادث الطريق الذي وقع عام 1987 وقُتل فيه 'حب ديانا الكبير' باري ماناكي، كان السائق معروفا لدى السلطات منذ البداية، وقدم إفادات عدة للمسؤولين، وقد أكد أصحاب نظرية المؤامرة أنه بالفعل سائق "السيارة الغامضة" الذي لعب دورا رئيسيا في الحادث المدبر الذي أحاطت فيه قوى الظلام "بأعظم الحب" في حياة الأميرة ديانا -الحارس الشخصي السابق لها باري ماناكي.
تسود الشكوك بأن في ليلة 14 مايو/أيار 1987 كانت نيكولا تشوب، التي كانت في السابعة عشر من عمرها، تستعد للاتجاه يمينا للدخول إلى شارع "وودفورد"، وكان سائق "السيارة الغامضة"، متجها خارجا من الطريق الرئيسي إلى نفس الجانب من الشارع ، وبطريقة ما تسبب فيما حدث بعد ذلك، خرجت السيدة تشوب، التي كانت اجتازت اختبار القيادة قبل ستة أسابيع فقط، فجأة أمام دراجة نارية كان السيد ماناكي من ركابها.
جاء رد فعل سائق الدراجة النارية، وهو زميل السيد ماناكي في الشرطة الضابط "ستيفن بيت"، سريعا جدا وتمكن من الانحراف وتجنب الاصطدام بسيارة السيدة تشوب، ولكن كلا الرجلين سقطا من فوق الدراجة، وقُتل السيد ماناكي على الفور متأثرا بإصابات قاتلة في العمود الفقري، وقيل مرارا وتكرارا أن سائق "السيارة الغامضة" بدلا من أن يتوقف، اتجه إلى شارع جانبي واختفى، ولم يُعثر عليه بعد ذلك أبدا.
أصبحت نظرية المؤامرة علنية في عام 2004 عندما بثت قناة الأخبار الأميركية "ان بي سي" أول فيديو سجله مدرب الصوت لديانا "بيتر سيتيلن"، وكانت تتحدث بصراحة عن حياتها الخاصة. وقالت ديانا مشيرة إلى السيد ماناكي: "كان أعظم حب مررت به في حياتي"، وقد عمل ماناكي كموظف حماية ملكية في الفترة من أبريل/نيسان 1985 إلى مارس/أذار 1986، وتضيف ديانا: "كنت سعيدة جدا بالتخلي عن كل شيء، فقط للذهاب والعيش معه، وكان يقول إنه أيضا يراها فكرة جيدة، ولكن تم اكتشاف كل شيء وطُرد من الحماية الملكية، ثم قُتل، أعتقد إنه كان حادثا مدبرا ".
وهكذا بدأ التكهنات المحمومة أن السيد ماناكي قُتل بسبب قربه من الأميرة المتزوجة، وأن الحادث نُظم بمعرفة الأجهزة السرية ليبدو وكأنه حادث مرور بسيط في شمال شرق لندن، وفي هذا الشهر، حصلت نظرية المؤامرة على دفعة جديدة عندما استخدمت القناة الرابعة لقطات من تسجيلات فيديو خاصة في فيلمها الوثائقي المثير للجدل "ديانا: بكلماتها الخاصة".
دائما ما تفيد التقارير الصحافية بخصوص نظرية المؤامرة بأن "السيارة الغامضة" -التي اتهمت في بعض الأحيان بالتسبب في حجب الرؤية لدى السيدة تشوب باستخدام المصابيح الأمامية – لم يتتبعها أحد، ومع ذلك تعقبت صحيفة "الإنديبندنت" سائق "السيارة الغامضة"، وتبين أن الأمرمختلف تماما، والسائق الذي زُعم أنه اختفى هو دكتور ممارس عام متقاعد:
• لقد توقف فورا بعد أن شاهد الحادث وعرض تقديم المساعدة الطبية، مما يؤكد أنه كان معروفا لدى السلطات منذ ليلة الحادث في 14 مايو/أيار 1987.
• قدم شهادته بشأن الحادث في للشرطة بعد أيام من الحادث.
• قدم أدلة للتحقيق عام 1987 في وفاة باري ماناكي.
• قدم شهادة عيان للاستشاريين الذين يعملون لصالح شركة التأمين التي تعاقد معها الضابط سغت بيت ، في كانون الأول / ديسمبر 1988.
• قدم أدلة إلى المحكمة العليا فيما يتعلق بقضية الإجراءات المدنية التي رفعتها أرملة السيد ماناكي ضد السيدة تشوب وسغت بيت في عام 1990.
• أدلى ببيان أثناء تحقيق شرطة العاصمة لمدة عامين في وفاة ديانا ودودي فايد التي اختتمت في عام 2006.
وقد وافقت صحيفة "الاندبندنت" على عدم ذكر اسم الطبيب السابق، الذي أصبح الآن من المسنين، وهو يعترف بأن ذاكرته تشوشت، ولكن المحادثات معه وزوجته والوثائق التي يحتفظ بها الراكبان الآخران في السيارة - طبيب أسنان وزوجته - سمحت للصحيفة بجمع ما شاهدوه ليلة 14 أيار 1987، وما فعلوه بعد ذلك، جميع الأشخاص الأربعة الذين كانوا مستقلين سيارة الطبيب في تلك الليلة مقتنعون بأن ما رأوه لم يكن أكثر من مجرد حادث مأساوي.
الطبيب المتقاعد هو المصير
فيقول الطبيب المتقاعد: "أنا لم اتآمر على قتل باري ماناكي، تلك فكرة مضحكة جدا، إنه سيئ للغاية ما تفعله الصحف لتحقيق مبيعات"، وقال الطبيب المتقاعد إنه لم يقرأ التقارير الصحافية التي تشير إلى "السيارة الغامضة" في حادث مقتل باري ماناكي، ولهذا لم يشعر قط بالحاجة إلى إظهار نفسه علانية. وأعلن أنه مذهول لمعرفة أن سيارته قد تورطت في نظرية المؤامرة التي كانت موضع نقاش عام لأكثر من عقد من الزمن، وانفجر يضحك على االشكوك بأنه عضو في الأجهزة الأمنية، فعلى العكس من ذلك، قال إن أهله منعوه من القيام بالخدمة الوطنية، وأضاف "كان والدي أيضا طبيبًا عامًا، أخذني في جولة معه أثناء الممارسة، ومنذ ذلك الحين أصبحت لا أريد أن أقوم بأي شيء آخر غير العمل كممارس عام".
وقد رأت "إندبندنت" دليلا على أنه درس الطب في كامبريدج قبل العمل كطبيب، ووصفه أصدقاؤه بأنه "مثال للطبقة الوسطى المحترمة". وأكدوا أنهم شاهدوا الحادث في نحو الساعة 10.15 مساء، وهم في طريق عودتهم إلى منازلهم بعد مشاهدة مسرحية في مسرح غرينتش في جنوب شرق لندن، وفي بيان عام 1988 قال الطبيب: "كنت أسير بسرعة نحو 20-25 ميلا في الساعة كما كنت أنوي أن أتجه يسارا، ثم أدركت ظهور سيارة في الطريق الذي كنت أعتزم أن أدخله. كانت السيارة تتحرك لليمين، ومرت بجانبي دراجة نارية بعدما عبرت إشارات المرور وقبل محطة للحافلات التي تقع في منتصف الطريق بين إشارات المرور والشارع الذي أتت منه سيارة السيدة تشوب، وقد دخلت إلى الشارع بسرعة عادية، تقريبا 10-15 ميلا في الساعة."
"يبدو أنني أتذكر انجراف الدراجة نحو وسط الطريق في محاولة لتجنب السيارة، ولكن تذكري لتسلسل الأحداث غامض قليلا، أنا فقط أتذكر رؤية الدراجة نارية تتأرجح"، أكد بيان الطبيب أن بعد رؤية الحادث،: "تحولت إلى شارع جانبي وتوقفت وذهبت للمساعدة، بدا أن الرجل الذي يرقد على يمين السيارة [السيد ماناكي] قد مات عندما وصلت إليه، لم تكن هناك حركة ".
وعلى مر السنين، أشارت بعض التقارير عن نظرية المؤامرة - بما في ذلك نظرية "إنديبندنت" في عام 2004 - إلى أنه في التحقيق الذي أُجري في عام 1987، ألقى محققو الشرطة باللوم على الوهج من المصابيح الأمامية المبهرة في "السيارة الغامضة" باعتباره مسبب الحادث، وبطبيعة الحال، فإن ذلك مشابها لبعض التقارير عن حادث تحطم السيارة في نفق ألما الذي قتل ديانا في عام 1997، والذي ادعى أن السائق هنري بول فقد قدرته على الرؤية بسبب "ومضة بيضاء كبيرة" قبل وقوع الحادث مباشرة.
ومع ذلك، فإن أصدقاء الممارس العام المتقاعدين احتفظوا بتقارير صحافية محلية عن التحقيق بخصوص وفاة السيد ماناكي، مما يشير إلى أن محققي الشرطة قدموا نظرة أقل إثارة عن كيفية فشل السيدة تشوب في اكتشاف دراجة نارية. ويذكر التقرير أن أحد المحللين في حوادث الشرطة أخبر المحققين بأنه في ليلة رطبة "قد تكون تعرضت السيدة تشوب للخلط بين الأضواء المختلفة وتأثيرات الإضاءة أثناء نظرها إلى الطريق أمامها، وشملت هذه المصابيح الأمامية للسيارات وانعكاساتها عل سطح الطريق الرطب، وأضواء الشوارع، وأضواء المرور ".
وانتهى التحقيق إلى اعتباره حادث عرضي أدى للموت، وفي جلسة قضائية لاحقة، أقرت السيدة شوب بأنها مذنبة بالقيادة دون إيلاء العناية الواجبة والاهتمام، وغُرمت 85 جنيه استرليني، وتولت شركة التأمين المتعاقدة معها الدعوى المدنية التي رفعتها السيدة ماناكي. بيد أن السيدة تشوب ذكرت مرارا أنها لا تعتقد نفسها مسؤولة عن وفاة السيد ماناكي، قائلة إنها تخشى وجود مؤامرة محتملة، على الرغم من أن سغت بيت، الذي أصيب بجروح خطيرة في الحادث، رأى دائما أنه حادث بسيط.
في حين أنه من حيث التفاصيل الفعلية للاصطدام، يبدو أن هناك عدم توافق في نقطة واحدة بين شهادة السيدة تشوب والتي قدمها سائق السيارة، في مقابلات أجريت في عام 2004، بعد 17 عاما من الحادث، إذ أشارت السيدة تشوب إلى سائق "السيارة الغامضة" كونها امرأة ترتدي النظارات. ومع ذلك، فإن الأدلة التي تظهرها الآن صحيفة "إندبندنت" تشير بقوة إلى أن السيدة تشوب ارتكبت خطأ نزيها هنا، وربما خلطت بين السائق وزوجة الطبيب أو زوجة صديقه - اللذين كانا في المقعد الخلفي من السيارة، كل الأدلة - بما في ذلك التي أعادت اكتشافها الصحيفة- يشير بوضوح إلى أن "السيارة الغامضة" كان يقودها الطبيب المتقاعد.
وقد أشارت السيدة تشوب منذ البداية إلى وجود سيارة واحدة تتجه إلى اليسار، وليس اثنين، ويؤكد بيان الممارس العام المتقاعد أكثر من ذلك، إذ يذكر أنه في وقت وقوع الحادث لم تكن هناك في الواقع سيارات أخرى قريبة على الطريق السريع - في أي من الاتجاهين - على الإطلاق، وقال الطبيب: "لا أعتقد أن هناك أي سيارة أخرى تسير في اتجاهي [الشمال] أو أن أي شيء آخر غير الدراجة النارية التي مرت جانبي، وأضاف "لا أتذكر أي سيارة تسير في الاتجاه المعاكس حتى بعد وقوع الحادث".
وقد ذهب بعض أصحاب نظرية المؤامرة إلى حد اتهام السيدة تشوب نفسها بالتورط في المؤامرة - وهو ما اضطرت هي وأسرتها إلى إنكاره، كما رفض الطبيب العام المتقاعد وزوجته وأصدقاؤه هذا الادعاء، ووصفوه بأنه مثير للسخرية، ويشير الطبيب السابق إلى رؤية السيدة تشوب "ترتعش وترتعش" في أعقاب الحادث مباشرة، وهو مقتنعة بأن هذا الشعور بالمحنة العميقة كان من المستحيل تقريبا أن يكون مزيفا، وأضافت زوجته أنها ترى أنه من غير المعقول إلى حد كبير أن يطلب أي جهاز أمني من مراهق لديه 17عاما أن يشارك في عملية قتل.
وقد سخر الممارس العام من اقتراح أي نوع من المؤامرة التي تنطوي على حادث مدبر لقتل السيد ماناكي، لا سيما وأن بعض التقارير تشير إلى أن السيد ماناكي البالغ من العمر 39 عاما في ذلك الوقت، كان يعتزم العودة إلى المنزل بالسيارة ليلا، وقد أفيد بأنه غير رأيه فقط حين عرض عليه الضابط بيت أن يقله إلى منزله، لأنه كان يعمل متأخرا وأراد العودة إلى منزل أسرته بسرعة. وقال الممارس العام السابق أن فكرة وقوع حادث مدبر فى مثل هذه الظروف هي "على أبسط وصف مستبعدة للغاية"، ومع ذلك، شاهد هو وزوجته الفيلم الوثائقي الذي بثته القناة الرابعة، وقال عنه: "لقد وجدنا أنه مخيب للآمال للغاية"، وأضاف "لم يضف أي شيء جديد".
أرسل تعليقك