يلاحظ الراصد للساحة الاقتصادية العالمية أن نسبة سيدات الأعمال آخذة في التصاعد خلال العقود الأخيرة، بحيث تكاد المرأة تصبح منافسة للرجل في هذا الميدان الذي لطالما كان حكراً على الرجال، فقد أظهرت دراسة بحثية لمؤسسة سويسرية أن عدد النساء المليارديرات في العالم ارتفع بنسبة 560% على مدى العقدين الماضيين.
الدراسة التي نشرتها مؤسسة "يو.بي.إس" السويسرية للخدمات المالية، وشركة الخدمات المهنية العالمية "برايس ووتر هاوس كوبرز"، تشير إلى أن عدد النساء المليارديرات في العالم الآن وصل إلى 145 امرأة، مقارنة بـ22 امرأة عام 1995، مؤكدة أن النساء جمعن ثرواتهن في أغلب الحالات من خلال القطاع العقاري والصناعي والصحي.
تقرير المؤسسة الذي نشر مؤخراً يذكر بأن المرأة تأخذ الآن المناصب في نادي النخبة لأصحاب المليارات، كسيدات أعمال وقيادات للعائلات، وتمتلك الآن نفوذاً أكبر، وتساعد على إيجاد ثروة للعائلة وتعزز من سيادة الشركات والعائلات وتدعم العمل الخيري، كما توضح بأن 80% من النساء المليارديرات في العالم في الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أن الأغلبية ورثن معظم الثروات.
وفي المقابل، ينمو عدد المليارديرات الذكور بمعدل أبطأ، إلا أن عالم الرجال لا يزال يهيمن على هذا النادي العالمي بعدد 1202 ملياردير، يُمثلون 90% من مليارديرات العالم.
- تصنيفات عالمية
قائمة تصنيف "فوربس"، لأكثر النساء نفوذاً في العالم، التي تضم قائدات ورئيسات في بضعة مجالات، منها التكنولوجيا والسياسة والأعمال والأموال ووسائل الإعلام ومجال الترفيه والمجال الخيري، أظهرت أن للنساء العربيات هذا العام وجوداً تمثل بثلاث سيدات، اثنتان منهما من الإمارات العربية المتحدة، والأخرى من المملكة العربية السعودية.
فقد احتلت الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي بالإمارات العربية المتحدة، المرتبة 42، وهي أول وزيرة إماراتية تعين على رأس وزارة الاقتصاد والتخطيط بالشارقة، وتقلدت من بعدها منصب وزيرة التجارة الخارجية، ثم تقلدت منصب وزيرة التنمية والتعاون الدولي، في حين حلت بعد القاسمي مواطنتها رجاء عيسى القرق في المرتبة 97، وهي المديرة التنفيذية لمجموعة شركات عيسى صالح القرق التي تشمل 24 شركة و370 شراكة تجارية دولية.
وصنفت سيدة الأعمال السعودية لبنى بنت سليمان العليان في المرتبة 67، وكانت أول امرأة سعودية يتم انتخابها عضواً في مجلس إدارة البنك السعودي الهولندي، بالإضافة إلى أنها المديرة التنفيذية لشركة العليان المالية.
- تصنيفات السيدات العربيات
أما قائمة أقوى السيدات العربيات، التي تضم مئة سيدة، أيضاً بحسب المجلة الأمريكية، فقد تصدّرت قائمة أقوى 100 سيدة عربية لعام 2015، سيدة الأعمال السعودية لبنى العليان، تلتها في القائمة سيدة الأعمال الإماراتية رجاء عيسى القرق، ثم الشيخة المياسة آل ثاني، من دولة قطر، وتصدّرت الشيخة لبنى القاسمي، من الإمارات، قائمة أقوى السيدات في القطاع الحكومي.
وتضمنت القائمة الكاملة لأقوى مئة سيدة أعمال في المنطقة العربية، نحو 60 سيدة يشغلن مناصب تنفيذية في كبرى الشركات والمؤسسات بالمنطقة، في حين تشغل 24 سيدة مناصب قيادية في الشركات العائلية، شغلن مراكز متقدمة في القائمة، وسجلت القائمة كذلك وجود 16 رائدة أعمال ممّن قمن بتأسيس شركات خاصة.
وبالنظر إلى نتائج التوزيع الجغرافي لقائمة أقوى 100 سيدة أعمال عربية لعام 2015، التي شهدت وجود سيدات من 13 دولة عربية، تصدّرتها مصر بنحو 18 سيدة، على رأسهن نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي، تلتها دولة الإمارات بـ15 سيدة، ثم لبنان 13 سيدة، فالكويت 12 سيدة.
وعلى الصعيد العالمي، صنّفت فوربس قائمة بأقوى 10 سيدات عربيات، وجاءت على رأسهن المصرية الأصل نعمت شفيق، التي تعمل نائبة لمحافظ البنك المركزي البريطاني، تلتها في القائمة اللبنانية الأصل أمل علم الدين كلوني، وهي محامية تقيم في لندن.
- إفساح المجال أمام المرأة الخليجية
عملت دول الخليج خلال السنوات الماضية على إعطاء دور أكبر للمرأة في قيادة المؤسسات وإفساح المجال أمامها لتكون شريكة للرجال في عالم الأعمال، حيث نظم اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي وغرفة قطر، فعاليات "الملتقى الثالث لصاحبات الأعمال الخليجيات" بالعاصمة القطرية الدوحة، نهاية الشهر الماضي، وشارك في الملتقى مسؤولون حكوميون، وخبراء دوليون، وتنفيذيون من مؤسسات وجمعيات، بالإضافة إلى اختصاصيين محليين في الاقتصاد والاستثمارات، وتمكين المرأة بدول مجلس التعاون الخليجي، وحظي بمشاركة كبيرة من سيدات الأعمال الخليجيات.
رئيسة منتدى سيدات الأعمال القطريات وعضو مجلس إدارة غرفة قطر، ابتهاج الأحمداني، تقول إن المرأة استطاعت أن تحقق قفزات كبيرة في تطوير الصناعات التقليدية للأسر المنتجة، وأن هناك بعض الأمثلة استطاعت بنجاح أن تخرج من محيط الصناعات البسيطة إلى محيط مجتمع الأعمال.
وتؤكد أنه في مجتمع الأعمال الخليجي والعربي هناك نماذج وأمثلة لسيدات أعمال نجحن في المنافسة بقوة والدخول في مجتمع الأعمال، واستطاعت المرأة القطرية الدخول بقوة في مجالات عدة وساهمت في الاقتصاد الوطني بفاعلية وإيجابية.
وتضيف الأحمداني أن قطر تعمل على تعزيز مكانة المرأة ودورها في المجتمع، وتوفير أجواء ملائمة وتشجيع التكافؤ بين الجنسين، مؤكدة أن ثروات المستثمرات القطريات اليوم أصبحت ما بين 20 إلى 25 مليار ريال قطري (نحو 7 مليارات دولار)، و2700 سجل تجاري لسيدات أعمال قطريات.
وأوضحت أن مبدأ تمكين المرأة يعتبر ركناً استراتيجياً من أركان التنمية الاجتماعية اللازمة للنهوض بالمجتمع القطري تحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030، كما أشارت إلى أن "المرأة القطرية أثبتت أحقيتها بالدعم الممتد منذ سنوات بعيدة، فقد تقلدت مناصب قيادية في الكثير من الدوائر الحكومية ومناصب مرموقة، إضافة إلى دورها البارز في مجال التربية والتعليم، وكفاءتها في إنشاء أعمال واستثمارات خاصة بها وإدارتها.
عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس الغرف السعودية، قال خلال افتتاح فعاليات المنتدى الوطني الثاني لسيدات الأعمال السعوديات في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن الاستثمارات النسائية تشكل شريكاً مهماً يجب أن يضطلع بدور أكبر في عملية البناء.
وأشار إلى ارتفاع حجم الودائع النسائية في المصارف التي تقدر بنحو 60 ملياراً، في حين يبلغ عدد السجلات التجارية 130 ألف سجل تجاري، مؤكداً أن ما تشهده المملكة من تنمية قطاعية تشمل القطاعات الحيوية والاستراتيجية يفتح آفاقاً كبيرة للاستثمار، خصوصاً في ظل الخطط الطموحة والاستثمارات العامة التي تتبناها السعودية.
أرسل تعليقك