القاهرة - علي رجب
يرى خبراء في مجال الأسرة و المرأة أن قوانين الأحوال الشخصية المصرية تحتاج إلى تعديل فوري، لكثرة الثغرات فيها التي تؤدي إلى تفكك الأسرة المصرية.
وقدمت رئيس برنامج الأسرة في مؤسسة "قضايا المرأة" الدكتورة سهام علي، خلال مؤتمر بشأن قوانين الأحوال الشخصية تحت عنوان "قانون أكثر عدالة لكل أفراد الأسرة"، رؤية المؤسسة بشأن قوانين الأحوال الشخصية، حيث قالت "إن الآثار الناتجة عن العيوب داخل القوانين الحالية، ومنها على سبيل المثال الصعوبات في تطبيق وتنفيذ الأحكام، ولا سيما الخاصة بالنفقة، نظرًا للفساد المنتشر في صفوف السلطات التنفيذية، أو عدم حصولها على التدريب الكافي، إلى جانب غياب العقوبات الفعالة ضد الأزواج الذين لا يمتثلون لقرارات المحكمة، وبالتالي يُعد القانون غير فعال، لأنه يحتوي على فجوات متعددة تضر بالنساء والأطفال، ومن العيوب أيضًا عدم وجود عقوبات رادعة للزوج، الذي لا يقوم بسداد النفقة، حيث أن هناك العديد من الأزواج يُفضلون الحبس على سداد النفقة، ويدل على ذلك عدد قضايا الحبس لعدم الإنفاق، وهو ما يعززه آخر إحصائات صادة عن وزارة العدل لعامي 2006/2007، سواءًا على مستوى المناطق الحضرية، أو الريفية، حيث وصل عدد أحكام الحبس لعدم الإنفاق في محافظة القاهرة إلى (3849) حكمًا في العام 2006، بينما بلغت (5378) في 2007".
وأضافت علي قائلة "عند النظر إلى التطبيق الفعلي لقانون الخُلع، نجد العديد من المخالفات من بعض القضاة داخل المحاكم، وتتمثل تلك المخالفات في النظرة الدونية للمرأة، والاستهزاء والسخرية في بعض الأحيان من طلبها للخُلع، ومحاولة إثناءها عن ذلك، بل والأكثر من ذلك، اعتبار بعض القضاة لمنقولات الزوجية، التي تُعد حقًا للزوجة على أنها جزء من مقدم المهر، الذي يستوجب على المرأة رده إلى الزوج في حالة طلب الخُلع، وعليها عبء الإثبات بأن تلك المنقولات ليست جزءًا من مقدم المهر، بالإضافة إلى المعاملة السيئة التي تلاقيها المرأة في المحاكم، بداية من رفع الدعوى، حتى المثول أمام القاضي، الذي يطبق قانون الخُلع في كثير من الأحيان بطريقة خاطئة".
وأكدت علي أن "القانون الخاص بمحاكم الأسرة يمكن القول، بعد مرور ما يقرب من ثمانية أعوام على إطلاقه، أنه من حيث النصوص القانونية والتطبيق العلمي جاء مخيبًا لكل المتعاملين، وهو ما لاحظه المجتمع بأكمله، من خلال الواقع العلمي لمحاكم الأسرة".
بدورها، قالت رئيس المركز المصري لحقوق المرأة نهاد أبو القمصان أن "هناك تراجعًا في قضايا المرأة، على كل المستويات في مصر، خلال عامين بعد الثورة"، مؤكدة على أن "كل الإحصائيات تشير إلى أن مصر هي البلد رقم 1 التي حققت تراجعًا واضحًا في الحقوق السياسية الخاصة بمشاركة المرأة في دول ثورات الربيع العربي"، مشيرة إلى أن "مصر تُعد ثاني دولة في التحرش بالنساء بعد أفغانستان، وأن المرأة المصرية هي الضحية الأولى لفشل النظام الحاكم، حيث يحاول النظام تغطية فشله على حساب المرأة، بدلاً عن أن يضع استيراتيجية تحقق فرص عمل للجنسين، ويعمل على تحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي.
وأوضحت أبو القمصان أن "قوانين الأسرة والأحوال الشخصية هي قضايا تمس كل بيت، تمس أساس المجتمع المصري، وهي الأسرة"، لافتة إلى أن "القوانين الحالية بحاجة إلى تعديل، أو تغير بعضها، لأن القانون الحالي لا يوفر العدالة سواءًا للأم أو الأب، والضحية في النهاية هم الأبناء".
من جانبه، اعترف عضو لجنة تعديل قوانين الأسرة في وزارة العدل المستشار تامر أحمد بأن "قوانين الأحوال الشخصية، والمتعلقة بالأسرة والطفل، هي قوانين متغيرة، وليست ثابتة، وهو ما يؤكد على أهمية أن يكون هناك تعديل لهذه القوانين"، وأضاف أن اللجنة مستمرة في عملها، من أجل تعديل القوانين التي عليها خلاف شديد من قبل المتضررين .
وأوضح أحمد أن "اللجنة استمعت إلى غالبية الملاحظات، التي تشوب القوانين الحالية، بغية تفاديها في تعديل القوانين الجديدة"، ولفت إلى أن "تعديل منظومة قوانين الأحوال الشخصية هو ضمان لأن يكون لدينا أسرة مستقرة، وبقاء الأسرة المصرية متماسكة، والتي تعتبر أهم لبنة في أساس المجتع المصري".
وشدد الحاضرون في المؤتمر على أهمية الإسراع في تعديل قوانين الأحوال الشخصية والخاصة بالأسرة، وفي مقدمتها قوانين الرؤية وسن الحضانة، وأن يكون هناك تفعيل قوي لتنفيذ الأحكام، لأن الكثير من الأحكام لا يتم تنفيذها.
أرسل تعليقك