دبي -صوت الامارات
يرى مؤلف كتاب «السرقات الشعرية والتناص..نقاط التقاطع ومسارات التوازي»، أن نظرية السرقات الشعرية كانت منبثقة من الغض من المحدث الجديد، وتقابلها حتمية التغيير والتطور الذي لحق بالمجتمع العربي، فتجلت تلك النظرية ولم تخب إلا بخبو الشعر، وذهاب دولته في عصور الانحطاط، إلا أن نظرية التناص قد فتحت آفاقا جديدة في الدرس النقدي للأدب، ووجدت صدى كبيرا في الغرب والشرق، تمثل في خروج نظرية التفكيك أو التقويض من عباءتها فكانت بحق نظرية خلق وبناء.
ويشير المؤلف إلى أن مفهوم السرقات الشعرية، لم يتبلور إلا بعد تدوين الشعر والانتقال من الرواية الشفهية إلى تدوين الشعر، وما رافق ذلك الانتقال من تغير فكري اطرد مع الانتقال من طور الشفهية إلى طور التدوين.
لقد كان ذلك التبلور الذي لحق مصطلح السرقة الشعرية مقترنا بتقدم الدرس الأدبي والنقدي في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، ثم تطور إلى تفنن الرواة في تتبع أشعار المعاصرين لهم من الشعراء واستخراج سرقاتهم.
ويصل المؤلف إلى نتيجة مفادها، أن السرقات الشعرية هي أن يعمد شاعر فيأخذ من شعر من سبقه معنى مفترعا أو صورة بيانية أو تركيبا، فيقوم بعملية هدم وإذابة ثم يعيد البناء والخلق، في مخاتلة وخفاء وطي لتخفى على المتلقي قدر الإمكان.
ويرى المؤلف أن التناص مصطلح فرنسي ظهر في المرحلة التي وسمت بـ (ما بعد البنيوية). كما يعد مصطلحا وسم تلك المرحلة بميسمه، والترجمة الحرفية للتناص ( البينصة )، وكان ظهوره على يد البلغارية الأصل الفرنسية الجنسية، جوليا كريستيفا. ويشير الكتاب الى نقاط التقاطع بين السرقات الشعرية والتناص، ولعل أبرزها:
1- يستطيع الناقد والمتلقي توظيف النظريتين في معالجة جميع النصوص، سواء القديمة أو التراثية أو الحديثة المعاصرة.
2- تحكم السرقات الشعرية والتناص في تتبعها للنصوص، أن النص محكوم دائماً بالتوالد، وأن المبدع ليس إلا معيدا لإنتاج سابق.
وهنالك نقاط أخرى في مجال التقاطع بين النظريتين، لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا.
أما مسارات التوازي بين نظرية السرقات الشعرية والتناص، فيحددها المؤلف بعدة نقاط، منها:
1- المسار التاريخي والمحضن الحضاري والوسط النقدي والمرجعية الفكرية، الذي نشأت فيه السرقات، ويختلف اختلافا كبيرا عن ذلك المسار التاريخي والمحضن الحضاري والوسط النقدي الذي نشأ فيه التناص.
2- السرقات والتناص يختلفان من حيث الحكم الأخلاقي، فالسرقات الشعرية تعد من النقائض وتعد من الأمور المعيبة، أما التناص فبعيد كل البعد عن هذا الحكم الأخلاقي، وما يراد به منه هو نقيضها فهو دلالة على تفاعل النص مع نصوص سابقة عليه، وذوبان نصوص سابقة في هذا النص وتقاطعه معها، وهو يدل على سعة اطلاع المبدع وثقافته، ومهارته في النسيج وإعادة الإنتاج.
أرسل تعليقك