بغداد ـ وكالات
طالبت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، اليوم الثلاثاء، وسائل الإعلام بضرورة اعتماد "خطاب مهني خال من التحريض الطائفية والشحن السلبي"، وفيما بررت سحب
الترخيص عن عشر قنوات فضائية بـ"نهجها الطائفي"، ين اتهم مسؤولون حكوميون بعض من وسائل الإعلام بعرض صور "مفبركة" عن أحداث الحويجة فيما رأى ممثل
اليونسكو أن الأنظمة الديمقراطية "لا تحدد الحريات الإعلامية"، منتقداً الهيئة لعدم ركونها للحوار مع وسائل الإعلام قبل سحب تراخيصها.
جاء ذلك خلال مؤتمر "توضيحي" عقدته هيئة الإعلام والاتصالات، اليوم، في فندق الشيراتون وسط العاصمة بغداد، بشأن قرارها تعليق رخص أربع قنوات بالإضافة إلى
منع ست قنوات من مزاولة نشاطاتها لعدم حصولها على الرخصة، بحضور المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع محمد العسكري، والمستشارة في رئاسة الوزراء مريم الريس،
ورئيس لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية النائب علي شلاه، وممثل عن منظمة اليونسكو في العراق ضياء صبحي السراي، وعدد من الإعلاميين والصحافيين، وبغياب من
يمثل القنوات العشر المعنية، وحضرته (المدى برس).
وقال المسؤول في هيئة الإعلام والاتصالات، مجاهد أبو الهيل، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المؤتمر يقام بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (
اليونسكو)، بهدف توضيح مستوى الخرق الذي وقع من قبل وسائل الإعلام التي علقت تراخيصها أو التي منعت من البث والنشاط في العراق"، مشيراً إلى أن "المؤتمر جاء
لاطلاع الرأي العام المحلي والدولي على مستوى تلك الخروق الكبيرة التي لا علاقة لها بحرية التعبير".
وأضاف أبو الهيل، أن "الهيئة ترى أن حرية الإعلام والرأي والتعبير تقف عند أول قطرة دم عراقي تباح وتنتهك بفعل الخطاب التحريضي"، داعياً وسائل الإعلام إلى "
اعتماد خطاب مهني لا علاقة له بالحكومة أو المعارضة وعدم التحريض الطائفي والشحن السلبي".
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، قررت في (الـ28 من نيسان 2013)، تعليق رخص عمل 10 قنوات فضائية لـ"تبنيها خطاباً طائفياً" رافق أحداث الحويجة،
وأكدت أن تلك القنوات عملت على "تمزيق" نسيج العراق الاجتماعي من خلال التحريض على العنف والكراهية الدينية والدعوة إلى ممارسة أنشطة "إجرامية انتقامية"،
مشددة على ضرورة إدراك أن حرية التعبير عن الرأي "ليست حقاً مطلقاً"، والقنوات هي (بغداد، والشرقية، والشرقية نيوز، والبابلية، وصلاح الدين، والانوار2، والتغيير،
والفلوجة، والجزيرة ، والغربية).
إلى ذلك قال المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع محمد العسكري، في كلمته خلال مؤتمر، إن "صور الحويجة التي عرضتها بعض القنوات الفضائية كانت مفبركة"، مضيفاً
"زودنا بعض القنوات بأفلام حقيقية عن مشاهد موثقة بكاميرا الهواتف النقالة لمرافق القائد".
وأوضح العسكري، أن "نتيجة ما عرضته عدد من القنوات الفضائية وعمل فبركة بعض الأفلام والصور في أحداث الحويجة، تم قتل 72 من القوات المسلحة خلال اسبوع،
فضلاً عن جرح 75 منتسباً في عدد من نقاط السيطرة".
وأكد المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع، أن "القوات المسلحة تحترم الإعلام ووجهات النظر والانتقاد وجميع من يقومها"، مستدركاً "لكن هنالك بعض القنوات أصبحت
اليوم منبراً سواء عن قصد أم غير قصد، لمساعدة بعض التنظيمات الإرهابية".
وتابع العسكري، أن "المشاهدين عندما يرون بعض البرامج والأخبار يعتقدون أنها حملة منظمة"، راجياً "القنوات الإعلامية إلى التنبه إلى ذلك".
ومضى المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع محمد العسكري، متسائلاً في حديث إلى (المدى برس)، "لا أعرف ما إذا كانت هناك ضوابط يعمل بها الإعلام العراقي"، عاداً أن
هنالك "فوضى ومن يحرض ويطلق فتاوي ويعطي أفلام ويشجع على الإرهاب".
وتابع العسكري، "لا توجد دولة في العالم فيها هكذا انفلات إعلامي"، مستطرداً "عندما تصدر هيئة الإعلام والاتصال قراراً بتعليق رخص أربع قنوات ومنع ست أخرى
غير مرخصة نتفاجأ بقيام الدنيا".
إلى ذلك وقالت المستشارة في رئاسة الوزراء مريم الريس، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المؤتمر يعد ضرورياً لتوضيح أسباب تعليق هيئة الإعلام والاتصالات
رخص القنوات الأربع بالإضافة إلى القنوات الست التي لا تمتلك أصلاً رخصة من قبل الهيئة".
وذكرت الريس، "كانت هذه القنوات تعطي التعهدات بالالتزام بضوابط الهيئة لكن من دون تطبيق تعهداتها فعليا"، مبينة أن "ما عرض، اليوم، يثبت بوضوح الكثير م
الأدلة على خرق تلك القنوات لقانون هيئة الإعلام والاتصالات".
ورأت المستشارة في رئاسة الوزراء، أن "الهيئة كان يفترض أن تسبق تعليق رخص تلك القنوات بعقد مثل هذا المؤتمر لتحذير تلك القنوات وانذارها على أن تعلق
رخصها إذا ما استمرت بنهجها الطائفي".
بالمقابل قال ممثل منظمة اليونسكو في العراق، ضياء صبحي السراي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المنظمة لم نتفاجأ كثيراً بحجب رخص أربع قنوات فضائية
وتوجيه انذار لست قنوات فضائية أخرى ومنعها من مزاولة عملها المهني"، مشدداً على أن "الأمم المتحدة بعامة واليونسكو بخاصة كونها معنية بالثقافة والإعلام، تحرص
بشدة على أن كفالة حرية التعبير لكل وسائل الإعلام من دون تقيد أو حدود مع حماية وضمان أمن وسائل الإعلام والصحافيين".
وتابع السراي، "ليس هنالك شيء في الأنظمة الديمقراطية يسمى تقيد وتحديد الحريات الاعلامية"، لافتاً إلى أنه "كان على هيئة الإعلام والاتصالات أن تذهب إلى الحوار
مع القنوات وتجبرهم من خلال الحوار على إيقاف بث مواد تجدها هي محرضة على العنف من دون اصدار قرار بتعليق رخصها".
وكان قرار هيئة الإعلام والاتصالات قد أثار ردود أفعال محلية وعالمية ساخطة، عدت القرار محاولة لـ"تكميم الأفواه" وتعبيراً عن "ضيق الحكومة" بالأصوات المعرضة
التي "كشفت ما حدث في الحويجة"، في (الـ23 من نيسان 2013)، نتيجة اقتحام الجيش ساحة الاعتصام مما أدى إلى مقتل أكثر من 163 من المعتصمين واعتقال
العشرات منهم، مما أثار موجة هجمات مسلحة على نطاق واسع طالت مناطق متفرقة من جنوب وجنوب غربي كركوك وجنوب الموصل ومناطق مختلفة من صلاح الدين
والفلوجة والرمادي وأدى تلك الهجمات إلى مقتل وإصابة العديد من قوات الجيش والشرطة والمسلحين أيضا واحتراق العشرات من المركبات العسكرية المختلفة.
ودعت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، في (الـ30 من نيسان 2013)، الهيئة إلى "التراجع الفوري" عن قراراها بسحب إجازات عشر قنوات فضائية والسماح لها
بالاستمرار"، مبينة أن قرار سحب التراخيص "استهدف قنوات المعارضة على وجه التحديد في حين تركت قنوات مثل قناة العراقية حرة ببثها".
كما دعا رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق، مارتن كوبلر، في بيان له في(الثلاثين من نيسان 2013)، هيئة الاعلام والاتصالات إلى إعادة النظر في قرارها بتعليق
تراخيص بعض المحطات التلفزيونية، موضحاً أن الأمم المتحدة تعد حرية الصحافة "إحدى الركائز الأساس للديمقراطية التي تأخذها الأمم المتحدة على محمل الجد"، داعيا
هيئة الاعلام إلى "التقيد بشكل كامل بالتزامها بحرية الصحافة".
ودعت الولايات المتحدة الأميركية، الحكومة العراقية، في (الول من ايار 2013 الحالي)، إلى التراجع عن قراراها بشأن تعليق رخص قنوات فضائية، مؤكدة على أن
القرار "يقوض من مبادئ الديمقراطية التي يضمنها الدستور العراقي"، ون "حماية حرية الصحافة هو جانب جوهري في جميع المجتمعات الديمقراطية".
من جانبه أدان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، في (29 من نيسان 2013)، قرار هيئة الإعلام والاتصالات بتعليق عمل 10 قنوات فضائية، عاداً أنه "أحد اساليب
تكميم الأفواه".
وكان مرصد الحريات الصحفية، اعتبر، في (الرابع من ايار 2013 الحالي)، أن حرية الصحافة في العراق كانت خلال العام 2012 المنصرم، "الأسوأ منذ سقوط النظام
السابق"، وبين أن الصحافيين العراقيين والأجانب "لم يسلموا" من عمليات الاعتقال والاحتجاز بمسوغات مختلفة، تزامنت مع أزمات سياسية طاحنة شهدتها البلاد ودفعت
المؤسسات الإعلامية العراقية أثمانها باعتداءات مباشرة وغير مباشرة، وتهديدات، و"تنكيل" بالفرق الإعلامية والصحافية.
وانتقد المرصد هيئة الاتصالات والإعلام العراقية لممارستها "أساليب ضغط خارج إطار الشرعية"، لافتاً إلى انها "لم تستطع التمييز بين التنظيم والتقييد"، عازياً ذلك إلى
"غموض لوائحها وغياب الرقابة البرلمانية على أدائها، ما أدى لاتخاذ إجراءات مجحفة بحق بعض وسائل الإعلام بدعوى خرق اللوائح".
ورأى المرصد أن الهيئة صارت "تقوض جهود حرية التعبير وترمي في أفعالها وقراراتها إلى ترهيب الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة"، وتابع أن ذلك أدى إلى "خشية
متنامية من دور سياسي تقوم به الهيئة لحساب جهات حكومية".
أرسل تعليقك