تتسابق أنديتنا عقب نهاية الموسم الكروي في الإعلان عن معسكراتها الإعدادية، وغالبا ما تكون الوجهات أوروبية وذلك لاعتدال الجو وتوافر مقومات الإعداد الناجحة، ويشتاق الجميع إلى السفر اللاعبون أو الإداريون بعد موسم شاق، يرون فيه فرصة لالتقاط الأنفاس وترويح النفس، بالإضافة إلى الإعداد الفني لاستقبال الموسم الجديد، بعيداً عن درجات الحرارة والرطوبة العالية، وهذا حق أصيل للأندية.
التحقيق التالي يحاول أن يصل إلى حقيقة تلك المعسكرات ومدى الاستفادة منها، وهل هي بداية لحلم بطولة وتسطير إنجاز أم مجرد رحلة سياحية ورفاهية مكان.
أوضح صالح إسماعيل الحمادي مدير أكاديمية بني ياس عضو مجلس الإدارة، أن معسكرات أنديتنا لا تكون ناجحة بنسبة 100% ولا بد أن يتخلله بعض المشاكل والإخفاقات، التي يكون سبباً فيها المتعهد أو وسيط المعسكرات، ومن أبرز المشاكل التي تواجه فرقنا هي اختيار المباريات الودية، حيث إن المتعهد يقدم عرضاً إلى النادي بقائمة الفرق التي يواجهه الفريق خلال معسكره الخارجي، علماً بأن هذه القائمة غير مؤكدة، وفي كثير من الأحيان تتغير أسماء وديات الفرق عما هو متفق عليه، بالإضافة إلى تفاصيل صغيرة تؤثر سلباً على المعسكر ولذلك فإن العلاقة مع المتعهد بمثابة العلاقة مع مقاول البناء والذي دائماً يخلق مشاكل تطفو على السطح وليست في الحسبان.
مدير أكاديمية بني ياس عضو مجلس الإدارة، أوضح أن المتعهد نفسه ربما لا يقصد التلاعب لكن ليس لديه ضمانة كافية لمواجهة هذه الفرق ويتوقف الأمر على علاقات المتعهد وخبراته، ولذلك يتحتم على مسؤول النادي أن يختار وسيطاً يتمتع بخبرة كبيرة حتى لا يقع عرضة للتلاعب، لافتاً إلى أن هناك فرقاً كبيرة غير متاحة كفرق إسبانيا الريال وبرشلونة ومايوكا كذلك غالبية الفرق متصدرة الدوري الانجليزي والألماني والفرنسي، لأنها جميعاً لها أجندتها الخاصة، وتحتاج إلى تنسيق كبير وعمل جاد إذا رغبت احدى فرق دورينا في مواجهتها، وإنما المتاح أمام فرق دورينا هي فرق الدرجة الثانية أو الثالثة.
وشدد مدير أكاديمية بني ياس عضو مجلس الإدارة، على أهمية تحديد متطلبات وأهداف الفريق من المعسكر حسب إمكانياته المادية وموقعه في قائمة الترتيب، لافتاً إلى أن فرقا مثل العين والجزيرة وأهلي شباب دبي تختلف أهدافها عن فرق الوسط أو المتزيلة لقائمة الترتيب، لأن لديها طموح وأهداف المنافسة بالإضافة إلى رصد ميزانية كبيرة لإقامة هذه المعسكرات، مما ينعكس على معسكرها الإعدادي الخارجي من حيث اختيار الدول ذائعة الصيت، ومواجهة فرق كبرى، ربما الأخيرة يتم دفع أموال لها.
وتابع: المعسكر ربما ينجح فنياً بدرجة كبيرة لكن ربما لا ينجح من حيث اختيار الفندق والملاعب، وحالة الطقس، كذلك مواجهة فرق قوية ودياً.
وعن أوجه المقارنة بين معسكرات أوروبا وبعض الدول العربية كشمال أفريقيا التي يتميز فيها الطقس بالاعتدال النسبي قال مدير أكاديمية بني ياس عضو مجلس الإدارة: المعسكرات الأوروبية اكثر تخصصاً وتنظيماً وهي معدة لهذا الشأن من حيث المجمعات التدريبية والفنادق وترتيبات خاصة، بالإضافة إلى اعتدال الجو، لكن ليس هناك ضمانة لاختيار فرق قوية بغرض خوض وديات، في المقابل يأتي التخصص أقل في الدول العربية من حيث التنظيم والملاعب ودرجة الحرارة مرتفعة نسبياً عن أوروبا، لكن الشيء الإيجابي إمكانية مواجهة فرق قوية، وبني ياس كان له تجربة اختيار تونس لإقامة معسكراته الخارجية من 2007 وإلى 2010، والتقينا فرقاً قوية مثل الأفريقي والنجم الساحلي حتى بعض الفرق المتصدرة للدوري السعودي كانت متاحة حينها.
ولفت صالح إسماعيل إلى معايير اختيار المعسكر الإعدادي وهو اختيار فندق الإقامة والملاعب، ومعرفة درجة حرارة البلد المستضيف مسبقاً، وبعد استيفاء هذه الشروط، يحدد النادي وجهته من المباريات الودية وهي الأهم ونسب نجاحها لو وصلت إلى 85% فإن المعسكر سيكون ناجحاً.
شدد عبدالباسط الحمادي مدير فريق الوحدة الأول لكرة القدم على أهمية وجود شرط جزائي بين النادي والمتعهد، وهذا الشرط ملزم للطرفين بدفع مبلغ مالي مقدر في حال حدوث التغير ويضمن حق النادي في حال حدوث تلاعب.
وأضاف: بالنسبة لتجربتنا في نادي الوحدة فإننا نقوم بتحديد المعايير والمستويات، لمعسكرنا الإعدادي، بالإضافة إلى تحديد مستويات الفرق الفنية وترتيبها التي نواجهها ودياً، ونقوم بالاختيار ضمن قائمة تعرض من جانب المتعهد والشرط الجزائي يطبق في حال الإخلال من جانب المتعهد أو اعتذار الفريق عن عدم خوض هذه المباراة.
وأوضح مدير فريق الوحدة الأول لكرة القدم، بأن بعض أنديتنا المحلية تواجه بعضها البعض ويعتقد بصفة شخصية بأن هذه الوديات مردودها الفني ضعيف، حيث إن تغيير المدارس والاحتكاك مع مدارس أخرى له مردود فني أكبر، كما أوصى عبدالباسط باتباع معايير معينة في اختيار المعسكر الإعدادي من حيث فندق الإقامة والملاعب، وان تكون المباريات الودية حسب حاجة الفريق أو المرحلة الإعدادية التي يخضع لها فإذا كانت في بداية الموسم ينصح بالتدرج فيها، أما إذا كانت في نهايته فيخضع الفريق لمواجهات قوية.
وأوضح مدير فريق الوحدة الأول لكرة القدم، أن اختيار المعسكر الإعدادي يخضع إلى معايير أبرزها اختيار دولة تتمتع بجو معتدل، بالإضافة إلى توافر المقومات اللوجستية من فندق وملاعب جيدة وصالات جمانزيوم ويفضل قرب ملاعب التدريب من مكان الإقامة.
وأضاف الحمادي المباريات الودية غاية في الأهمية ولا بد أن يتم الاتفاق عليها مسبقاً مع الوسيط أو المتعهد، مشيراً إلى انهم في نادي الوحدة حريصون على تحديد فرق بعينها والتنسيق مع إدارتها قبل السفر، وبذلك نضمن خوض هذه المباريات ولا يتم التلاعب أو التغيير من جانب الوسطاء أو هذه الفرق.
أوضح الحمادي إن العنابي وضع ضمن خطته لمعسكره الإعدادي التدرج في المباريات الودية بداية من المستوى المتوسط وإلى الجيد القوي، وقد الوحدة فريق أوديينزي الإيطالي وتم بث المباراة مباشرة على التلفزيون الإيطالي، كما واجهنا المنتخب العماني، بالإضافة إلى وديات في البداية مع فرق من الدرجة الثانية، ومشدداً على أن معسكر الوحدة نجح بنسبة كبيرة عدا بعض السلبيات بغياب اللاعبين الدوليين لعدد من أيام المعسكر.
شدد محمد عتيق الهاملي عضو مجلس إدارة نادي الجزيرة، على أن معسكرات أنديتنا ناجحة، والمردود الفني عال جداً، مشيراً إلى أن شركات الوساطة والمتعهدة بإقامة المعسكرات على أعلى مستوى ولا مجال للتلاعب.
وأوضح عضو مجلس إدارة نادي الجزيرة، حضرت العديد من معسكرات نادي الجزيرة وآخرها في هولندا وهو ناجح بكل المقاييس، وبالنسبة للمباريات الودية التي تخوضها فرقنا والتي توصف من جانب الإعلام أنها ضعيفة ومع فرق درجة ثانية أو ثالثة، فإن فرق دورينا ليس بإمكانها خوض مباريات قوية مع فرق كبرى، بالإضافة إلى أن الأخيرة انتهت وتستعد لموسمها الجديد، ولذلك فإننا نواجه الفرق المتاحة أو التي في مستوانا.
تتمتع دولة الإمارات بشتاء معتدل بالإضافة إلى أماكن سياحية تجعلها محط جذب الكثير من الفرق الأوربية ذات الأسماء الكبيرة، لكن في المقابل تفشل وتضعف فكرة استقطاب هذه الفرق لأسباب، أبرزها عدم توافر الملاعب، فعلى سبيل المثال أندية دبي وأبوظبي تحتفظ بتوقيتها في التدريبات على ملاعبها، ولتكن من الخامسة وإلى السابعة مساء، بعدها تسمح للفريق المعسكر باستخدام الملعب والتدريبات، ما يضع الفريق المعسكر في توقيت غير مناسب له وربما يختتم تدريباته في العاشرة مساء، وتصبح وجبة العشاء في الحادية عشرة وهذا النمط الغذائي غير مسموح به عند هذه الفرق وبالتالي تفقد أنديتنا فرصة الاستضافة ووضع الإمارات على خريطة معسكرات الشتاء.
أوصى المشرفون الفنيون على أهمية وضع برنامج محدد لخوض المباريات الودية، على أن يخوض الفريق مستويين من المباريات تشمل المتوسطة والقوية وبشكل تدريجي، وبغرض تحقيق الاستفادة الفنية المطلوبة، وفي حال مواجهة فرق ضعيفة، فالاستفادة الفنية تكون معدومة وربما تعود على اللاعبين بالسلب، وتساءل البعض ما أوجه الاستفادة من الفوز على فرق بـ 5 و6 أهداف، في حين إن من أوليات المسؤول الفني اكتشاف الأخطاء وليس إبراز الجانب الإيجابي فقط.
أفاد بعض مسؤولي الأندية أن تكلفة المعسكر الخارجي للنادي تبلغ في المتوسط 700 ألف درهم، على أن يشمل تكاليف الفندق والملاعب وضيافة الفرق التي تواجهه ودياً، بمتوسط 21 يوماً إي 3 أسابيع، في المقابل تبلغ التكلفة في بعض دول شمال أفريقيا من 600 إلى 650 ألف درهم، وتزيد النسبة وتقل حسب الدولة وأفضلية العرض المقدم.
قال أحد منظمي المعسكرات، رفض الإفصاح عن اسمه: نظمنا معسكراً إعدادياً في إحدى الدول العربية، وقام المتعهد بسداد المبالغ كاملة لإدارة الفندق موضع الحجز، لكن النادي وقع في فخ الاستعانة بمتعهد من الدولة نفسها، وما كان من الأخير إلا أن حصل على 8000 دولار وفر هارباً وكان ذلك الحادث في عام 2005، وقد اضطرت إدارة الفندق إلى حجز الفريق والبعثة كاملة إلى حين سداد المبالغ المستحقة، واضطرت بعثة الفريق إلى سداد المبلغ كاملاً وبذلك وقعت في فخ النصب ودفع المبلغ مرتين.
أوصى المسؤولون بأهمية إشراك جميع اللاعبين في المعسكر الإعدادي، بهدف خلق التجانس بين أعضاء الفريق واستيعاب فكر المدير الفني، وسفر بعض اللاعبين على مراحل مرفوض، ففي كثير من الأحيان تعلن الفرق عن عدد لاعبيها وعلى سبيل المثال 30 لاعباً يبدأ بهم المعسكر، لكن تفاجأ بعدد من اللاعبين يلتحقون بالبعثة بعد أسبوع أو أكثر، وهنا تبرز شخصية مسؤول البعثة والمدير الفني بالحزم مع ظاهرة التسرب، وسفر المعسكر كامل العدد وعودته أيضاً.
من الممكن أن تتحول ملاعبنا إلى واجهة جذب كبرى في فصل الشتاء لإقامة معسكرات منتصف الموسم، نظراً لاعتدال المناخ، وتوافر البنية التحتية، لكن غلو أسعار ملاعبنا تقف حجر عثرة أمام استضافة العديد من الفرق خصوصاً الأوروبية التي تسعى إلى إقامة معسكرات منتصف الموسم في جو معتدل، كما أن متوسط قيمة الساعة الواحدة لحصة تدريبية واحدة تبلغ 5 آلاف درهم، في مقابل 500 يورو لحصة تدريبية على ملاعب أوروبا ذات التصنيف المتوسط، وترتفع القيمة إلى 1000 يورو في حال الملاعب «السوبر» بألمانيا أو النمسا.
أكدت بعض المصادر أن هناك الكثير من التلاعب بخصوص خوض المباريات الودية، والكثير من أنديتنا تقع في فخ النصب، حيث إن المتعهد يقدم فرقاً مغايرة عن المتفق عليها في العرض المقدم، وربما تلتقي فرق أنديتنا فرقاً من الدرجة الثالثة والرابعة وغالبها من دون هوية، ويصل الأمر في بعض الأحيان أن هذه الفرق الخارجية ترتدي قمصاناً لا تمثل أي من الأندية المعروفة أو المعتمدة من الدرجة الأولى أو الثانية، وبذلك يقع مسؤولو البعثات في هذا الفخ ولا يحصل الفريق على المستوى الفني المطلوب، ولذلك شددت المصادر على أهمية اختيار متعهد موثوق به ومعتمد داخل الدولة، أو عن طريق توصية من سفاراتنا الخارجية، بالكشف عن هوية هذه الفرق، وبغرض تحقيق ضمانات بعدم التلاعب.
اجرت «البيان» استطلاعاً سبتمبر الجاري حول جدوى المعسكرات الإعدادية ومردودها الفني، وشمل الاستطلاع الموقع الإلكتروني الذي صوت زائروه بنسبة 24% كاستفادة فنية لفرقنا، مقابل 76% جولات سياحية. أما تويتر فرأى 21% جدوى فنية، مقابل 79% جولات سياحية.
نجم محمد:أغلب أندية الدولة تقع في فخ السعر
أرجع نجم محمد وكيل مباريات معتمد بأن الفخ الذي تقع فيه معظم أندية الدولة هو النظر فقط إلى السعر المقدم لتكاليف المعسكر الخارجي دون التدقيق وقراءة بنود العرض كاملة، وهناك بعض التفاصيل الدقيقة ربما تؤدي إلى فشل معسكر الفريق الخارجي بنسبة كبيرة.
عرض
وأضاف: نقدم عرضاً على سبيل المثال بـ 100 ألف يورو ويضم هذا العرض أدق التفاصيل ويشمل عرضاً موسعاً لإقامة مباريات ودية مع فرق متوسطة، ووجبات الطعام، والرحلات الترفيهية، وليس فقط النظر على اسم الفندق والملاعب التي سيقيم عليها الفريق معسكره الخارجي، في المقابل يتقدم بعض الزملاء من الوسطاء والمتعهدين بتقديم عرض اقل في السعر وليكن 90 ألف يورو، لكن في حقيقة الأمر العرض لا يشمل بعض التفاصيل الدقيقة المهمة والضرورية، وعند الموافقة وسريان المعسكر يدرك حينها مسؤول المعسكر من النادي أهميتها فيسارع إلى شرائها وبذلك تزداد القيمة على العرض المقدم في بادئ الحال.
وتابع: عندها يدرك مسؤولو الأندية انهم وقعوا ضحية تضليل المتعهد، ويلقون بالمسؤولية عليه، لكنهم في الواقع ذهبوا إلى الأقل سعراً ولم يقرأوا تفاصيل العرض كاملة، وفي الوقت نفسه لا أبرئ بعض المتعهدين الذين يتلاعبون بالعروض. وللخروج من هذه المشكلة يجب على مسؤولي الأندية قراءة تفاصيل العرض كاملة.
عبدالباري:نسب النجاح الفعلية لا تتجاوز 60 %
شدد سفيان عبدالباري مدرب مراحل سنية سابقاً بنادي شباب الأهلي- دبي ومتعهد معسكرات معتمد، أن الكثير من مسؤولي بعثات أنديتنا يتكتمون على حوادث النصب التي يتعرضون لها، ويقعون فعلاً ضحية التلاعب من قبل متعهدين غير معتمدين ومجهولي الهوية.
وأضاف: يتسابق مسؤولو الأندية في الإعلان عن نجاح معسكراتهم، وبنسبة 100% وفي حقيقة الأمر أن نسب نجاحه لا تتعدى 60%، حيث إن الاستفادة الفنية من المباريات الودية ضعيفة، بمواجهة فرق درجة ثانية وثالثة وربما مجهولة الهوية، بالإضافة إلى حكام مبتدئين، ويتوقف الأمر على التمرين والإعداد البدني والغريب أن بعض مسؤولي البعثة يتغاضى عن كل ذلك تحت مسمى المقولة الدارجة «مشي حالك».
وأضاف على الأندية أن تتحرى اختيار المتعهد ويكون معتمداً داخل الدولة وليس من خارجها حيث يمكن فيما بعد ملاحقته قضائياً في حال الإخلال ببنود العقد والعرض المقدم، بخلاف الوسيط الخارجي والذي يصعب ملاحقته، على أن تدرس بنود العرض كاملة، وبتمعن شديد، وأن لا يذهب النادي إلى الأقل سعراً لأنه حتماً سيقع ضحية التلاعب.
وأضاف: بصفتي متعهداً ومدير شركة وساطة أقدم العرض إلى النادي مستوفي الشروط، ويشمل جميع التفاصيل الكبيرة والصغيرة بداية من حجز الفندق وعدد نجومه والملاعب وصالات الجيم التي يجري عليها التدريب، بالإضافة إلى التفاصيل الصغيرة الخاصة بالوجبات الغذائية والمواصلات.
أرسل تعليقك