دبي ـ حمود عيسي
تعتبر الجولة 19 في دوري الخليج العربي إحدى أفضل جولات المسابقة، التي أصبحت المستويات الفنية فيها تعلو من جولة لأخرى، وتزيد الإثارة في المراحل الأخيرة للبطولة، وربما العيب الوحيد للجولة هو أنها مرحلة الطرف الواحد، حيث كان في أغلب مبارياتها الغلبة كاملة لفريق واحد .واكتسح الجزيرة نظيره الإمارات بخمسة أهداف دون أي رد من "الصقور"، الذي لم يكن بيده حيلة أو مقدرة لرد الهجوم الكاسح، واستطاع الأهلي اقتناص المركز الثاني والإطاحة بالوصل إلى المركز الرابع، بعدما تخطى الفرسان فريق حتا بثلاثية نظيفة، واستمر العين في المطاردة واحتفظ بمركزه الثالث بعدما عبر فريق الشباب بثلاثية مقابل هدف وحيد للجوارح، أما الوصل فتعثر أمام اتحاد كلباء، وسقط في فخ التعادل مهدياً الوصافة للأهلي ومتساوياً في رصيد النقاط مع البنفسجي، وفي صراع القاع، ربح بني ياس ثلاث نقاط لم تغير من تذيله لجدول الدوري، ولكنها أوصلته للنقطة 11 وقربته قليلاً وضيقت الفارق بينه وبين الإمارات صاحب المركز قبل الأخير برصيد 12 نقطة، ودبا الفجيرة صاحب المركز الـ13 برصيد 16 نقطة، والأخير ربح نقطة مهمة من النصر بتعادلهما سلبياً.
وجاءت مباراة الوحدة أمام الشارقة كأفضل مباريات الجولة من الناحية الفنية، حيث تفوق المدرب أغيري على البرتغالي بيسيرو في قراءة المباراة، ولعب على الثغرات الواضحة في عمق دفاع الملك، فتألق كل من: الأرجنتيني سبيستيان تيغالي، والمهاجم محمد الحمادي، اللذان تحركا بوعي تكتيكي عالٍ في دفاعات الشارقة، فسجل العنابي خماسية في مرمى الشارقة، بتوقيع الحمادي "هدفين"، ولكل من تيغالي والغافري وبلازس هدف، في مقابل هدف وحيد لماسودا لاعب الشارقة، ووصل "العنابي" إلى مرمى الشارقة أكثر من 22 مرة، سواء من العرضيات الخطيرة، أو التسديدات من العمق، ووصل عدد تسديدات العنابي على مرمى الملك 19 تسديدة، مقابل ما لم يتجاوز 8 تسديدات للشارقة، الذي لم يستطع الوقوف فنياً وتكتيكياً أمام تحركات العنابي، ولم يستطع البرتغالي بيسيرو إيقاف الإعصار العنابي، وسد الثغرات الواضحة في دفاع فريقه.
وتألق المهاجم محمد الحمادي، اللاعب الشاب من مواليد 1997، لم يبلغ بعد عامه الـ20، وظهر أمام الشارقة بمستوى رائع، سجل هدفين، وتميزت تحركاته بالسرعة والثقة العالية، ما يجعلنا أمام خامة مبشرة، وموهبة واعدة أضافها العنابي للكرة الإماراتية، نتمنى أن يستمر على مستواه الذي قدمه أمام الشارقة.
ولا يزال فريق الجزيرة يقدم واحداً من أفضل مواسمه على الإطلاق، فريق متكامل يملك شخصية البطل، وأيضاً يملك «البخت» بوجود مهاجم فذ مثل علي مبخوت، الفريق اكتسح الإمارات باقتدار بخماسية نظيفة، وواصل علي مبخوت سلسلة «الهاتريك» بتسجيله ثلاثية أخرى تجعله متربعاً على عرش هدافي البطولة منفرداً برصيد 23 هدفاً، متفوقاً بثلاثة أهداف عن البرازيلي فابيو دي ليما لاعب الوصل، واستطاع تين كات المدرب الهولندي القدير، رسم لوحة فنية متكاملة، وتقديم توليفة متوازنة دفاعياً وهجومياً بشكل متميز جعلت من الجزيرة الفريق الأكثر تنظيماً بين فرق دورينا، وجعلت لـ«فخر أبوظبي» شخصية دفاعية لا تقل قوة عن شخصيته الهجومية الشرسة، وهو أمر يحسب للمدرب الذي أجاد توظيف عناصره باقتدار.
ويعتبر المدرب هاشيك واحد من المدربين الذين يملكون خبرة واسعة في دوري الخليج العربي، وبقدومه إلى الإمارات، استبشر الجميع خيراً بتقديم مستويات مختلفة تخرج الصقور من حالة الترنح التي عانى منها مع مدربه السابق ثيو بوكير، ولكن الأمر لم يختلف كثيراً مع هاشيك، ولم يقدم المدرب الخبير خلاصة خبراته لإنقاذ الإمارات، فواصل الفريق ترنحه، وخسر أمام المنافسين المباشرين، ولم يستطع الوقوف صامداً أمام الجزيرة فتلقى خسارة ثقيلة بخماسية نظيفة، خرج فيها «صفراً» في الأداء والنتيجة، وإذا كنا نشيد بفريق الجزيرة تألقه، فعلينا أن نلقي بكثير من اللوم أيضا على هاشيك الذي لم يقدم الكثير مع الإمارات، وإذا كان قد جاء كمنقذ.. فحتى الآن لم ينقذ أحداً، ولم يسعف الصقور في رحلة النجاة التي لا يزال الإمارات فيها يهوى، محتلاً المركز قبل الأخير.
وبدا أن الثبات في المستوى أحد أهم عوامل المنافسة، وفريق الأهلي هو ضمن أكثر فرق الدوري استقراراً، وثباتاً في المستوى العام مع المدرب الخبير أولاريو كوزمين، صاحب البصمة الواضحة في أداء الفرسان. الأهلي استطاع تخطي الإعصار الحتاوي العنيد بثلاثية نظيفة في الجولة 19، أعادت حامل اللقب للوصافة وأبقته في المنافسة بقوة خلف الجزيرة المتصدر، وأداء الأهلي في الصاعد بشكل متميز برغم لعبه باثنين فقط من الأجانب، ولكن الفريق لم يهتز ولم تتراجع نتائجه، متحدياً الإصابات، والإيقافات ومقدما البديل الكفؤ، والحلول الفنية التي تمكن الأهلي من المضي قدماً في مشوار المنافسة على اللقب، على الطرف الآخر فريق حتا قدم واحدة من أقل مبارياته فنياً، ولم يستطع إيقاف المد الأحمر، وسقط لاعبوه في فخ الأخطاء الدفاعية التي كلفتهم الخسارة.
ويعد اللاعب الفرنسي غيريس كيمبو إيكوكو لاعب نادي النصر، أحد أقل اللاعبين فنيا في الجولة 19، وإيكوكو صار لغزاً من ألغاز دوري الخليج العربي، فاللاعب يمتلك قدرات فنية عالية، ولكنه في أغلب الأحوال والمباريات يقدم مستويات متراجعة وأداء يفتقد الحماس والمثابرة، ما يفقد فريق النصر القوة الهجومية في كثير من الأحيان ويظهره بمظهر فني ضعيف، وخسر النصر نقطتين بتعادله أمام دبا الفجيرة، ولم يقدم إيكوكو المستوى المطلوب منه، كما لم يستطع المدرب الروماني بيتريسكو إخراج اللاعب من حالة اللامبالاة التي يعيشها، فاستمر النصر في المركز السادس برصيد 26 نقطة فقط من 19 مباراة.
ولايزال المستوى الذي يقدمه فريق الشباب، لا يليق بالجوارح وتاريخه، فتلقي الفريق 32 هدفاً في 19 مباراة، وكون فارق تهديفه بالسلب 13 هدفاً في المركز الثامن، أمراً لا بد من دراسته. الفريق تلقى 3 أهداف من العين، وواصل مسلسل خسائره، التي لم يستطع المدرب الجديد إيقافها، وبات أمره محيراً، على جميع الصعد، ويعاني دفاع الشباب من خلل واضح، وهجومه أيضاً ليس على ما يرام، وتفكك الفريق بشكل كبير، بعد أن كان منافساً على الصدارة في بداية المسابقة، والجوارح الآن يحتاج للعون وتكاتف الجميع، للخروج من الدوامة التي يعاني منها أحد أبرز فرق دورينا.
ويأتي إفراز اللاعبين الجيدين لدعم المنتخب الوطني، أساس أي مسابقة دوري في العالم، والجولة 19 هي نموذج رائع ومبشر للمستويات التي يقدمها اللاعبون المواطنون، فلدينا في الأهلي برز أحمد خليل بشكل رائع، والنجم الجزراوي علي مبخوت، واللاعب الشاب محمد الحمادي مع العنابي، إضافة للعكبري والهاشمي والغافري والحمادي وعنبر وعموري والعنزي وبرمان، والحارسين علي خصيف، وإبراهيم عيسى، والحقيقة أن تطبيق الاحتراف والاستعانة بالأجانب ليس هدفه فقط منافسة الفرق على لقب الدوري، ولكن الاستعانة بالخبرات لدعم وصقل لاعبينا، والـ19 كانت جولة متميزة بالفعل للاعبين المواطنين، الذين يعدون خير عون للأبيض في مشواره في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم روسيا 2018، متمنيين دوام التألق للاعبينا المواطنين، الذين يُصقلون وتزداد خبراتهم مع التواجد جوار اللاعبين الأجانب المحترفين، الذين يضيفون إلى لاعبينا الخبرات وأيضاً روح التنافس، وبالطبع كل الشكر للمدربين أغيري وتين كات وكوزمين على إعطائهم الفرصة للشباب الواعد، وأيضاً صقلهم ودعمهم لكبار النجوم لإخراج أفضل ما لديهم في الدوري، ما ينعكس على المنتخب بالإيجاب، ويعطيه روافد متعددة، تسهم في دعم الأبيض.
أرسل تعليقك