بغداد ـ جعفر النصراوي
شهدت الأوساط المحلية العراقية سخطًا واسعًا في الأيام الماضية، إثر قيام ضابط في الجيش العراقي و3 من جنوده باغتصاب فتاة(13عامًا) في مدينة الموصل(405شمال بغداد)، وفيما رفضت وحدته العسكرية تسليمه إلى القضاء، بحجة تمتعه بالحصانة، قال محافظ نينوي أثيل النجيفي، لـ"العرب اليوم"، إن القائد العام للقوات المسلحة "يعطي الحصانة إلى الضباط كامتياز في غير موضعه، لاسيما عندما يتعلق الأمر بجرائم من هذا النوع". وروى أحد أقارب الفتاة تفاصيل الواقعة لـ"العرب اليوم"، رافضًا ذكر اسمه والفتاة، لعدم إثارة القبيلة، التي ينتميان إليها، خاصة أن الموضوع يتعلق بالشرف، قائلاً:" الضحية كانت تقوم بأعمال منزلية عند باب دار عائلتها في قرية بأطراف الموصل، قبل أن يُفقد أثرها مساء الثلاثاء". وأوضح المصدر، أن "أفراد عائلة الفتاة هبَّوا للبحث عنها في أنحاء القرية، إلا أنهم لم يجدوها، ما جعلهم يُبلِغون نقاط التفتيش التابعة إلى الجيش والشرطة المنتشرة في عموم المنطقة"، فيما أضاف المصدر:" في اليوم التالي من الإبلاغ تمكن أفراد العائلة من التوصل إلى معلومات تفيد أن أحد أئمة المساجد في حي فلسطين الواقع عند المدخل الشرقي لمدينة الموصل، عثر على فتاة وقام برعايتها، وتبين أنها نفس الفتاة فتسلمناها منه". وبحسرة وألم، يتحدث المصدر، قائلاً:"وجدناها محطمة نفسيًا ومعنويًا، وهي القاصر التي لم تبلغ بعد سن الرشد، وبصعوبة علمنا منها تفاصيل اختطافها من قبل مجهولين، وكيف أن ضابطاً في الجيش العراقي برتبة ملازم أول يدعى (ش. ذ.) قام بتخديرها قبل أن يغتصبها". ويتابع المصدر:" في اليوم الثاني انهارت الفتاة أكثر، حتى أنها كانت تتقيأ بين مدة وأخرى وسرعان ما اصطحبناها معنا إلى القضاء لتسجيل شكوى بالحادث، والمطالبة بمحاسبة الضابط، لكن القضاء قرر توقيفها احترازيًا خشية على حياتها،رغم أننا لم نؤذها لأن الضابط كما علمنا خدرها، ومن ثم اعتدى عليها داخل وحدته العسكرية، وتركها في العراء". وطالب المصدر، (50عاما) القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، بضرورة "إنزال عقوبة الإعدام بالضابط، وتنفيذ الحكم في مكان الجريمة ليكون عبرة لمن يعتبر"، مهددًا بـ"انتفاضة عشائرية من أبناء عمومته تمتد إلى جميع محافظات العراق". من ناحيته، أكد القضاء أن الإجراءات تأخذ مجراها، وصدر أمر باعتقال الضابط، إلا أن وحدته ترفض تسليمه، بحجة تمتعه بـ"حصانة عسكرية" تمنع تسليمه إلا بموافقة وزارة الدفاع. من ناحيته، أكد محافظ نينوى أثيل النجيفي لـ"العرب اليوم"، أن قائد العمليات في المحافظة أبلغه بـ"الموافقة على تقديم الضابط إلى القضاء مع 3 جنود آخرين، ساعدوه في حادثة الاغتصاب، وتطبيق الإجراءات وفق القانون". ويضيف النجيفي:" إن مدينة الموصل شهدت حادثة مؤسفة جدًا، بل ومشينة في حق الأشخاص الذين ارتكبوها"، لافتًا إلى أن "الضابط المسؤول عن هذه الواقعة رهن الاعتقال في وحدته العسكرية مع 3 من الجنود الذين سهلوا له العملية، حيث تم خطف الفتاة ليلاً واقتيادها إلى غرفة الضابط واغتصابها"، فيما قال النجيفي:"التقرير الذي أعده الطب العدلي أثبت حدوث الاغتصاب بالفعل، لكننا كحكومة محلية لا يمكن أن نتدخل في عمل القضاء". وانتقد النجيفي، وهو شقيق رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، الإجراءات قائلاً:"القائد العام للقوات المسلحة يعطي الحصانة إلى الضباط كامتياز في غير موضعه، لاسيما عندما يتعلق الأمر بجرائم من هذا النوع". بدورها أعلنت حركة "العدل والإصلاح" بزعامة الشيخ عبد الله حميدي عجيل الياور، والتي تشغل 11 مقعدًا في مجلس محافظة نينوى، من أصل 39، عن "تعليق عضويتها ما لم يُقدَم الضابط إلى القضاء لينال جزاءه العادل". وقال عضو مجلس محافظة نينوى عن حركة العدل عبد الرحيم الشمري، لـ"العرب اليوم"، إن "أعضاء الحركة علقوا عضويتهم في جلسة الأربعاء، بسبب حادثة الاغتصاب التي قام بها ضابط في الجيش العراقي"، مؤكداً أن "الأعضاء لن يعودوا حتى تُتخذ أقصى العقوبات في حق المجرمين الذين قاموا بالحادث". وأضاف الشمري:"الجيش وُجِد لحماية أرواح المواطنين وأعراضهم وأموالهم لا للاغتصاب"، فيما أكد أن "هذا التصرف شخصي، لذلك يجب ألا تكون هناك فوضى وتدخلات وتحذيرات تتعلق بموضوع الطائفية، على اعتبار أن الضابط من محافظة نينوى والمعنية أيضًا من نينوى"، مشددًا على أن "هذا الأمر لا ينبغي أن يُسمح به نهائياً على اعتبار أن المجتمع شرقي ومسألة العرض من الخطوط الحمراء فيه". وتأتي هذه الحادثة وسط جدل كبير بين الأوساط السياسية، بشأن حالات اغتصاب مماثلة قام بها أفراد في قوات الأمن، سُجِلت في السجون والمعتقلات العراقية ضد السجينات. ويُذكر أن رئيسة لجنة المرأة في البرلمان، المنتمية إلى القائمة العراقية انتصار الجبوري، عرضت خلال جلسة البرلمان الـ35 من الفصل التشريعي، التي عقدت، في الـ29 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، تقريرًا عن أوضاع النساء المعتقلات، أكدت خلاله أن "السجينات يتعرضن إلى التعذيب والاغتصاب"، ما أدى إلى إثارة جدل كبير بين الكتل السياسية. وعلى الرغم من أن مجلس النواب صوَّت في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 ، على تشكيل لجنة للتحقيق في وضع النساء المعتقلات تضم ممثلين عن لجان الأمن والدفاع وحقوق الإنسان والمرأة والطفولة، فإن اللجنة لم تحسم الموضوع. وفي حين أكدت اللجنة تسجيل إفادات لـ 14 سجينة محتجزة أكدن فيها تعرضهن إلى "تهديد بالاغتصاب وليس اغتصاب"، تشير تقارير قضائية أخرى تم تسريبها إلى ضلوع بعض منتسبي الأجهزة الأمنية في عمليات "تعذيب واغتصاب ممنهج للسجينات". ونفت وزارة الداخلية في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، الأنباء التي تحدثت عن اعتقال نساء من دون مذكرات، وتعذيبهن لانتزاع اعترافات ضد أزواجهن، مؤكدة أن "جميع المحتجزات تم اعتقالهن بطرق قانونية وبمذكرات صادرة من القضاء". يذكر أن "منظمة العفو الدولية"، كشفت في تقرير صدر في 12 أيلول/ سبتمبر 2011، عن وجود ما لا يقل عن 30 ألف معتقل في السجون العراقية لم تصدر بحقهم أحكام قضائية، وتوقعت تعرضهم إلى التعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى وفاة عدد من المعتقلين أثناء احتجازهم نتيجة التعذيب أو المعاملة السيئة من قبل المحققين أو حراس السجون، الذين يرفضون الكشف عن أسماء المعتقلين لديهم.