دبي – صوت الإمارات
أكد الإعلامي والمسرحي الإماراتي جمال مطر أنه يركز على مضامين أعماله وطرق تقديمها، أكثر من التكريمات، مضيفًا "أنا أقل الفنانين الإماراتيين نيلًا للجوائز، وهذا الأمر لا يزعجني لأنني أعلم أن المسألة تندرج ضمن جملة من الحسابات".
وأوضح مطر "لقد ابتعدت عن التلفزيون لأنني تيقنت أنني غير قادر على تحقيق مشروعاتي بالاعتماد على نمط البرامج الرائجة هذه الأيام، ولأنني أرى أن الإعلامي كالفنان، مطالب دومًا بأن يبقى ضمير جمهوره ومجتمعه"؛ متوقفًا عند مجموعة من البرامج التلفزيونية الناجحة التي قدمها منذ التحاقه بالعمل في تلفزيون دبي في الثمانينات، وعودته بعد سنوات طويلة لقناة سما دبي لتقديم برامج "الدعوة عامة"، و"حوار خاص" و"غلطة الشاطر"، وغيرها، قبل أن يأخذه سحر الأثير وألق التواصل المباشر مع الجمهور لفترة إلى "البث المباشر"، وبرامج أخرى، بقي فيها مطر وفيًا لقناعاته حريصًا على تجارب الاختلاف.
وتابع مطر "لماذا أعود إلى التلفزيون إذا لم يكن عندي برنامج يستوعب أفكاري وحرصي على تقديم مادة مختلفة للجمهور الذي بات يتابع حاليًا الإذاعة أكثر من التلفزيون، وهذا ما حاولت تجسيده في برنامج (ما يطلبه المستمعون) الذي يمثل متنفسًا جميلًا بعيدًا عن موجات الأغاني الهابطة، إذ تم تقديمه بثوب جديد يسلط الضوء على الأسماء الغنائية الطربية، وأهم الأعمال الخالدة في ذاكرة الغناء العربي".
ولا يُخفي مطر نبرة العتب الواضحة التي تطفو على السطح حين يتحدث عن التكريمات والجوائز التي توج بها الإعلامي والمسرحي جزءًا من مسيرته المسرحية الطويلة التي قدم فيها عشرات النصوص والأعمال تأليفًا وإخراجًا ورؤية لا تخلو من المواقف الجريئة؛ موضحًا: "أنا أقل الفنانين الإماراتيين نيلًا للجوائز، وهذا الأمر لا يزعجني لأنني أعلم أن المسألة تندرج ضمن جملة من الحسابات التي تتدخل فيها آراء النقاد وبعض تفاصيل الكواليس أحيانًا، وما حدث معي أعتبره ضريبة أفكاري الجريئة، ونتيجة طبيعية لطرق طرحي الخاصة لمختلف القضايا على المسرح، وهذا ما يجعلني حريصًا طوال الوقت على التركيز على مضامين أعمالي وطرق تقديمها للجمهور، أكثر من تركيزي على الجوائز التي تكون في غالب الوقت تتويجًا لجودة الأعمال المسرحية المعروضة، وإيذانًا بنجاحها في عيون النقاد".
وعن هواجس الفنان الحقيقي من وجهة نظره والسبل التي يتوخاها الكاتب في رحلة بحثه الدائم عن الفكرة المغايرة والرؤية المسرحية المتجددة، يفضل مطر وصف هذا البناء الإبداعي باللعبة المسرحية الجميلة التي يتقنها الكاتب من باب التحدي نفسه الذي يجعله باحثًا دؤوبًا عن الفكرة، مستمتعًا بعثراته في الطريق إليها، إذ يظل المسرح هنا اللعبة الخطرة والمغرية التي لا مناص منها، ويظل "الفنان الحقيقي متشبثًا بلعبته المفقودة التي تذكره بأيام طفولته البعيدة".
وأضاف جمال مطر "أعتقد أن هذه الطفولة المقصودة والحكمة في رسم الخيارات شرطان أساسيان من شروط الفن الحقيقي، خصوصًا إذا اقترنا بجرأة الكاتب في التصدي لمختلف القضايا، والبحث الجاد عن الاقتراحات الكاملة البعيدة عن أنصاف الحلول.. ولقد جازفت كثيرًا خلال مشواري المسرحي لتقديم عروض تخرج عن السياقات المألوفة، من ناحية اللغة والمضامين، وحتى من ناحية الفضاءات التي تجاوزت فيها فضاء المسرح التقليدي لأخرج إلى الأماكن المفتوحة، إذ قدمت 29 عرضًا مسرحيًا بشروط استثنائية، وبجرأة تعدت حدود اللغة والشكل إلى السينوغرافيا التي استطاعت أحيانًا أن تقول ما لم تقله بعض شخصيات هذه الأعمال المسرحية".
ويؤكد مطر اشتغاله على طرح هموم الناس، والالتصاق بالبيئة المحلية الإماراتية بحداثة وتفرّد يبتعدان في غالب الأحيان عن المفاهيم التقليدية، من دون أن يغفل خصوصية وأهمية الأعمال الكلاسيكية في التأسيس لحالات الإبداع المتنوعة التي ازدهرت في المجتمعات العربية "ويبقى المسرح المكان الأثير بالنسبة لي، والقادر على البوح بكل الأفكار والهموم الإبداعية التي تتماهى مع هموم الناس وقضايا المجتمع".