بغداد - جعفر النصراوي
ذَكَرت الأمم المتحدة، الحكومة العراقية، بتعهداتها في شأن حرية الإعلام، داعية إياها إلى تنفيذ هذه التعهدات، فيما حذر تجمع شبابي، ضم العديد من الإعلاميين والصحافيين الشباب، من محاولات "تكميم الأفواه"، وتعليق رخص فضائيات عراقية، وإغلاق صحيفة "العالم".ولفت التجمع إلى أن "حرية الصحافة أصبحت في مفترق طرق، وسط محاولات لتأميم الإعلام، مطالبين باستقطاع جزء من مخصصات شبكة الإعلام العراقي، لدعم وسائل الإعلام المستقلة".وقالت ممثلية الأمم المتحدة في العراق، في بيان صدر عنها لمناسبة يوم حرية الصحافة، وتلقى "مصر اليوم" نسخة عنه، "ندعو الحكومة العراقية إلى تجديد تعهدها بحرية الصحافة في العراق، والعمل على إنهاء العنف والترهيب ضد العاملين في هذا المجال". وأعلنت الممثلية كذلك عن "اغتيال (5) صحافيين عراقيين، خلال عام 2012، وتسجيل (50) حالة عنف ضد وسائل إعلامية". من جهته، دان واستنكر تجمع "شباب الثقافة والبناء"، في بيان صدر، السبت، وتلقى "مصر اليوم" نسخة عنه، محاولات تكميم الأفواه، وإعلان حالة الطوارىء، بعد الأزمة الأخيرة في البلاد، موضحًا أن "الحكومة استغلت أجواء الشحن والتأزم، وقامت بتعليق رخص عشرة فضائيات، لا نعرف من قيمها بأنها طائفية ومؤججة". وأضاف أن "هذه الأجواء سبقتها مداهمة مقار أربع صحف، لم نعرف نتائج التحقيق فيها حتى اللحظة، واليوم تكلل في اليوم العالمي لحرية الصحافة بإغلاق واحدة من أفضل صحف البلاد"، مبينًا أن "هذا يدل على أن الصحافة أصبحت في مفترق طرق خطير، تنذر بمحاولة جادة، وسعي حثيث لتأميم الإعلام في العراق"، وتابع "تلقينا بأسف كبير نبأ إغلاق صحيفة العالم العراقية، خلال الأسبوع الماضي، لأسباب وصفت بالاقتصادية وأخرى سياسية"، مطالبًا أسرة تحرير الصحيفة بـ"إيضاح المزيد من تفاصيل الإغلاق وخفاياه"، مؤكدًا أن "صحيفة العالم ليست كباقي الصحف، التي أصبحت أكثر من القراء في عراق اليوم، فهي واحدة من الصحف التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مهنية واحترافًا وجراءة، وبذلك نكون قد خسرنا مشروعًا صحافيًا ناجحًا في العراق، في ضوء استمرار محاربة المشاريع الناجحة، والفاعلة، في بلد لا يعرف سوى متابعة الناجح، والإيقاع به، حتى يفشل". وأوضح "شباب الثقافة والبناء" أن "بيان أسرة تحرير الصحيفة، الذي نشرته وسائل إعلام مختلفة، كشف عن وجود مضايقات مارستها جهات معينة على الصحيفة، لغرض إغلاقها"، مبديًا دعمه "لأسرة تحرير صحيفة العالم، وجهودهم الكبيرة، التي بذلوها طيلة فترة عملهم في الصحيفة". وطالب التجمع بـ"إستقطاع جزء من مخصصات شبكة الإعلام العراقي السنوية، والتي تبلغ ميزانيتها أرقامًا فلكية، لدعم وسائل الإعلام المستقلة، والعمل على تأسيس صندوق مالي، لدعم وسائل الإعلام المختلفة، والمؤسسات الإعلامية"، داعيًا إلى "إطلاع الرأي العام على نتائج التحقيقات، في الإعتداء الذي تعرضت له مقار الصحف الأربعة أخيرًا في العاصمة بغداد، وإجراء تعديلات وإضافات على قانون حماية الصحافي، الذي أقره البرلمان، ويتضمن حماية ودعم المؤسسات الإعلامية والصحافية". وأبدى التجمع قلقه "على حرية الصحافة والإعلام في البلاد، بصفة خاصة، وحرية الرأي والتعبير عمومًا"، مطالبًا الشباب العراقي والمنظمات المدنية بـ"ممارسة دور أكبر في الحفاظ على الحرية، التي تبذل الشعوب الغالي والنفيس من أجل نيلها". وشهدت البلاد تطورات ملحوظة على مستوى حرية الصحافة، منذ بداية نيسان/أبريل 2013، حيث أعلن صحافيون يعملون في ثلاث صحف عراقية، في الأول من نيسان، تعرض مقار مؤسسات صحف "البرلمان"، و"الدستور"، و"الناس"، إلى هجوم من قبل جماعة دينية متشددة، قامت بتكسير مكاتب وأجهزة المؤسسات، والاعتداء على زملائهم الموجودين فيها بالضرب المبرح، وتعرض بعضهم لإصابات شديدة. وقررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، في الـ28 من نيسان/أبريل 2013، تعليق عمل ثماني قنوات فضائية لـ"تبنيها خطابًا طائفيًا رافق أحداث الحويجة"، مؤكدة أن "تلك القنوات عملت على تمزيق نسيج العراق الاجتماعي، من خلال التحريض على العنف والكراهية الدينية، والدعوة إلى ممارسة أنشطة إجرامية انتقامية"، مشددة على "ضرورة إدراك أن حرية التعبير عن الرأي ليست حقًا مطلقًا"، والقنوات على وجه التحديد (بغداد، والشرقية، والشرقية نيوز، والبابلية، وصلاح الدين، والأنوار2، والتغيير، والفلوجة)، مبينة أنه "بدى واضحًا اعتمادها نهجًا تصعيديًا، أقرب إلى التضليل والتهويل والمبالغة، منه إلى الموضوعية، يهدد وحدة البلد، ويعمل على تمزيق نسيجه الاجتماعي". ويأتي تحذير هيئة الإعلام والاتصالات لبعض وسائل الإعلام، في كيفية طريقتها بالتعامل مع أحداث الحويجة، بعد انتقاد النقابة الوطنية للصحافيين، في 25 نيسان/أبريل 2013، بعض وسائل الإعلام، لقيامها بـ"الترويج لمنظمات إرهابية"، من خلال تغطيتها لأحداث الحويجة، وشددت على ضرورة أن لا تكون وسائل الإعلام منفذًا لخطابات تحريضية، فيما طالبت الأطراف الحكومية والإعلامية كافة بـ"التعامل بشفافية ومهنية، وتحت مظلة القانون". وأعلنت أسرة تحرير جريدة "العالم"، الجمعة، الثالث من آيار/مايو 2013، عن إغلاق الجريدة رسميًا، وفيما عدت الإغلاق بأنه "يشكل ضربة جديدة للإعلام المستقل في العراق، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة"، متهمة "وزارات عراقية، أبرزها الثقافة والدفاع، بالسعي لكسر هيبة الجريدة، والحكومة بارتكاب جريمة في حق الصحافة"، مطالبة بحزمة إجراءات، من شأنها الحفاظ على الصحافة المستقلة في البلاد. من جانبها، أعلنت لجنة حماية الصحافيين الدولية "CPJ"، الجمعة، عن أن العراق احتل المرتبة الأولى، من بين 12 دولة، خلال العقد الماضي، في مؤشر "هروب مرتكبي جرائم قتل الصحافيين"، مشيرة إلى أن "ضحايا العمل الصحافي في العراق، خلال العقد الماضي، بلغ 93 شخصًا". ويُعنى مؤشر العام 2013، بجرائم قتل الصحافيين التي حدثت ما بين الأول من كانون الثاني/يناير 2003، إلى 31 من كانون الأول/ديسمبر 2012، ولم يُكشف عن مرتكبيها حتى الآن، ولا يشمل هذا المؤشر الصحافيين الذين قتلوا أثناء تغطيتهم، في مواقع قتالية، أو المكلفين بمهام خطرة، كتغطيته لأحداث شغب وعنف في الشوارع.