هانكس يخفق في حل شيفرة رتابة "إنفيرنو"

"إنفيرنو"، أو "الجحيم"، هو الجزء الثالث في سلسلة أفلام بروفيسور علم الرموز الدينية والتاريخية، روبرت لانغدون، التي بدأت منذ 10 أعوام بفيلم "ذا دا فينشي كود" ثم "أينجلز آند ديمنز" عام 2009، واليوم هذا الفيلم، هذه الثلاثية مقتبسة من روايات المؤلف الأميركي، دان براون، بالعناوين نفسها.
دعونا أولاً نتفق على حقيقة أن العمل الأدبي شيء، والعمل السينمائي شيء آخر، ومن هذا المنطلق سيتم الحكم على هذا الفيلم، فيلم "ذا دا فينشي كود" لم يكن لينجح لولا ذلك الجدل الذي أحدثه بسبب تشكيكه في ثوابت عقائدية، وهي الفكرة الموجودة في الرواية. وجميعنا نذكر الضجة التي حدثت في ذلك الوقت، عندما دعت الكنيسة الكاثوليكية أتباعها إلى مقاطعة الفيلم.
لكن كعمل سينمائي هو ليس سوى فيلم بوليسي من الدرجة الثانية، وهذا الحكم ينطبق على الجزء الثاني وهذا الفيلم (ينبغي ملاحظة أن أينجلز آند ديمنز هو الفيلم الثاني سينمائياً لكن الأول كرواية).
سمات الأفلام البوليسية من الدرجة الثانية هي: أولاً سهولة توقع كل الأحداث وكأن المشاهد رأى الفيلم سابقاً.
ثانياً: لن يحدث شيء لو انشغلت عن الفيلم لأن كل الشخصيات تكرر المعلومات نفسها لدرجة الضجر.
ثالثًا: تستطيع كشف الشخصية الخائنة قبل أن يعلنها المخرج بنصف ساعة.
رابعاً: البطل هو الضحية دائماً.
بحث عن الذاكرة
"إنفيرنو" يبدأ بالبروفيسور لانغدون (توم هانكس) الذي يستيقظ بمستشفى في مدينة فلورنسا الإيطالية فاقداً ذاكرته، تدخل عليه الطبيبة سيينا بروكس (فيليستي جونز) وتخبره أنها تعرفه قبل أن تساعده على استرجاع ذاكرته أولاً، ثم يتعاونان في حل مجموعة ألغاز مرتبطة بدانتي شاعر العصور الوسطى العظيم، من أجل إحباط مؤامرة لنشر فايروس لإبادة نصف سكان العالم، دبّرها الملياردير برتنارد زوبريست (بن فوستر) ذو التوجهات المتطرفة.
طبعاً رغم أنه مصاب إلا أنه يقفز من فراشه فوراً عندما تهاجمه القاتلة المأجورة فينثا، ثم بعد ذلك تبدأ مطاردات وتنكشف مؤامرات وأشياء أخرى لا تمت للواقعية بصلة.
هناك محاولات عدة لمقارنة شخصية عالم الرموز، البروفيسور روبرت لانغدون، بشخصية عالم الآثار الملقب بإنديانا جونز، وهي في الحقيقة مقارنة غير عادلة. فلنناقشها قليلاً، أولاً شخصية لانغدون هي أضعف شخصية أداها هانكس، وهي الشخصية الوحيدة التي كررها مرتين. الناس تتذكر هانكس غالباً بشخصية فوريست غامب التي حاز عنها جائزة أوسكار أفضل ممثل لعام 1994.
بالمقارنة فإن إنديانا جونز هي أقوى شخصية أداها هاريسون فورد في حياته، بل أصبحت أيقونة كلاسيكية.
ثانياً شخصية لانغدون نخبوية جداً، ومستوى تفكيره أعلى بكثير من مستوى قراء الروايات أو مشاهدي الأفلام، والألغاز التي يحلها عصية على الفهم وتتطلب تعمقاً شديداً في الدين والتاريخ، بينما ألغاز إنديانا جونز يغلب عليها الطابع الشعبي أكثر، ويتم طرحها في الأفلام بمستوى يحاكي عقول الناس.
ثالثاً لانغدون شخصية جادة وتتعامل مع المآزق بجدية وقلة حيلة، بينما إنديانا جونز لا يأخذ نفسه بجدية وواسع الحيلة في التعامل مع المآزق. ورغم أن الشخصيتين تعيشان في عالم خيالي خاص بكل واحدة منهما، ولها قوانينها الخاصة إلا إن إنديانا جونز هي الأقرب إلى الواقعية.