حكاوي القهاوي وبلد المحبوب يُبرزان جماليات الأحياء الشعبية
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

مغامرة مزدوجة للتشكيلية المصرية سماء يحيى في وسط القاهرة

"حكاوي القهاوي" و"بلد المحبوب" يُبرزان جماليات الأحياء الشعبية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "حكاوي القهاوي" و"بلد المحبوب" يُبرزان جماليات الأحياء الشعبية

ذكريات الزمن الجميل
القاهرة - صوت الإمارات

على غير العادة، لا تكتفي الفنانة التشكيلية المصرية سماء يحيى بتقديم معرض جديد بل معرضين معاً في «غاليري الأتيليه» وسط القاهرة، يحملان اسمين في غاية الدّلالة، الأول «حكاوي القهاوي» والثاني «بلد المحبوب» في حدث استثنائي يستمر حتى الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

تغوص الفنانة في مفردات الأحياء الشعبية المصرية، فتبرز جمال «بنت البلد»، تلك التيمة الحميمة المحببة إلى النفس التي سبق وأطلقها الفنان المصري الكبير محمود سعيد «1897- 1964»، في لوحته ذائعة الصيت «بنات بحري»، فتطل على جمهور المَعرضين تلك العيون الفاتنة باتساعها المذهل ورموشها الطويلة وجدائل شعرها المنساب كأنّها على موعد مع الليل والغموض والمجهول. لا تبدو النسوة هنا مجرد تجليات أنثوية مفعمة بالحرارة فقط، بل تحمل عيونهن كذلك قلقاً من الآتي وأملاً في مستقبل ومحاولة لا تنتهى للتأقلم مع مجتمع ذكوري قد لا يكون عادلاً بما يكفي أو متسامحاً كما ينبغي.

وفي أعمالها النحتية والمركبة الأخرى، تقلّب سماء يحيى صفحات كتاب النوستالجيا وتفتّش بعين العاشقة عن رموز وأجواء رسمت زمناً جميلاً مضى ولم يعد يتبقى سوى أن نشيّعه بنظرات الوداع والحنين. جهاز التلفزيون القادم من حقبة الثمانينات، الشيشة، ماكينة الخياطة المنزلية من نوعية سنجر، المقاعد الخشبية القديمة، كلها مفردات تعيد دمجها بعناصر أخرى من الخيوط والحبال والمعادن والوجوه النحاسية لتشكل في النهاية أعمالاً مركبة تتجاوز اللحظة العابرة وتشق طريقها لتسكن الوجدان وهي تستعيد تلك الدفقة الحارة من الذكريات.

تبرّر الفنانة تنظيمها معرضين في وقت واحد قائلة، إنّ «حكاوي القهاوي» و«بلد المحبوب» ليسا مجرد معرضين بل هما تجربة متكاملة، لذلك كان لا بد أن يقاما معاً بشكل منفصل ومتصل في الوقت ذاته، فكانت الحاجة لمكان يجمعهما معاً، ولكن في صالات منفصلة، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ هذا أحد أسباب اختيار «أتيليه القاهرة» لإقامة المَعرضين، حيث حالة الحميمية المحببة للغاليري بباحاته الفسيحة والجو التقليدي للعرض وكونه مكاناً متصلاً بتاريخ وأحوال زمان مضى، كذلك وقوعه في منطقة وسط البلد بمقاهيها التقليدية وبيوتها العتيقة والطابع المميز لأهلها، كل ذلك أوجد حالة متكاملة من الأصالة.

وعن الخيط الرفيع الذي يربط بين العملين، تشير إلى أنّ «بلد المحبوب» يمثل وطناً بأكمله وهو في حالة الاسترخاء بعد يوم عملٍ شاقٍ وطويلٍ فجاءت النساء بكل الرّقة والانتظار والرخاوة والهدوء، بينما جاء الرجال بكل الصّخب والضجيج والمرح في «حكاوي القهاوي»، موضحةً أنّ منحوتة المركب التي تحمل البنات تؤكد بوضوح أنّ المرأة هي التي تقود مركب الحياة من البداية للنهاية لتصل بالأسرة إلى برّ الأمان لأداء دورها الكامل.

وعن أعمالها التي يصعب على البعض تصنيفها ما بين نحت أو تركيب، توضح سماء يحيى: «إنّنا هنا بإزاء ما قد يسمى (النحت بالأدوات المصنعة والمواد سابقة التجهيز) وهو يختلف في فلسفته ورؤيته عن استعمال المخلفات وإن كان يتفق معه في زوال الغرض النفعي للخامة وتحويلها لشكل جمالي صِرف، لكن لكلّ أداة مستخدمة شخصيتها وروحها في العمل الفني»، مشدّدة على أنّ «هذا الفن يعدّ شكلاً من أشكال النّحت عرفته أوروبا في عام 1913 قبل الحرب العالمية الأولى، وأولع به العديد من الفنانين العالميين مثل بيكاسو وروشنبرغ ولويس نيفلسون». وفي الكلمة النقدية المرافقة لكتالوغ المَعرضين، يؤكّد الشاًعر والناًقد جمال القّصاص، أنّنا هنا بإزاء أعمال تستقي عناصرها وخاماتها من نبعها القُح، فلا مقاعد وثيرة أو بلاستيكية، مما تعج به المقاهي و«الكافيهات» اليوم، كما حرصت الفنان على أن تدير لعبتها في هذه الأعمال بمنطق الحكاية الشّعبية كما يرويها عازف الربابة، الذي كثيراً ما اعتُبر المغني الجوال لرواد المقاهي الشّعبية البسطاء، يروي حكاياته بعين حكّاء، تاركاً دلالة ما يحكيه من فصول البطولة وحكمة الأقدار ولواعج الأسى والعشق، قصصاً معلقة في المخيلة تبحث عن فراغ يحتويها، أو على الأقل يبقى وميضها حياً في الذاكرة.

ويتابع القصاص: «حرصت الفنانة على قنص الوجه وتنويع ملامحه بصرياً من زوايا متنوعة، معتمدة على الخط واللون كعنصرين تشكيليين أساسيين في بناء الصورة، فمن تراسلاتهما تشعّ اللمسات الأخرى كعناصر ثانوية مساعدة، مثل تدرجات الضوء والظّل، والموتيفات واللطشات ذات الزخم الزخرفي الموزعة برهافة في الخلفية وفي حنايا التكوين، لكن في المجمل يسهم الكل في بناء هيكلية خاصة للصورة». ويخلص القصاص إلى أنّ «سماء يحيي نجحت في أن تصنع حالة من الموازاة البصرية الرشيقة الحية بين التركيب كشكل فني له قوامه الخاص، وبين التجميع بإغراءاته العشوائية المنسابة في فجوات ودهاليز الأزمنة والأمكنة. وفي النهاية تضعنا أمام مناورات مع الفراغ بشكل إيجابي ومن منظور جمالي له رائحته الخاصة، رائحة بشر وحكايات حارة لن تجف بئرها».

وقـــــــــــــد يهمك أيــــــــــضأً :

دمج التقنيات الحديثة مع الفنون التشكيلية بـ"معرض جماعي" في الجامعة الأمريكية بوسط القاهرة

جمعية الفنون التشكيلية تطلق مبادرة "أبدع مع جسفت من بيتك"

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاوي القهاوي وبلد المحبوب يُبرزان جماليات الأحياء الشعبية حكاوي القهاوي وبلد المحبوب يُبرزان جماليات الأحياء الشعبية



GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates