واشنطن - يوسف مكي
أثار الهجوم العنصري للمرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب على قاضِ من التراث المكسيكي انتقادات من مختلف الأطياف السياسية، وإن كانت ليست القضية الوحيدة التي أثارت مخاوف قضاة سابقين من بينهم المدعى العام السابق وفقاء قانونيون عن تولي ترامب رئاسة البلاد إذا ما فاز في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ووفقًا لصحيفة "جارديان" البريطانية، فإن هناك أيضًا العديد من القضايا الأخرى التي تثير مخاوف قانونية خطيرة عند هؤلاء المراقبين، بما في ذلك دعوة المرشح الجمهوري إلى فرض حظر مؤقت على هجرة المسلمين، ودعمه لإعادة الإيهام بالغرق كوسيلة للتعذيب، فضلًا عن تصريحه أنه في حال فوزه بالانتخابات، بــ"فتح الباب على مصرعيه " لقوانين التشير في البلاد لمقاضاة الصحافة بسهولة وجني "الكثير من المال".
وأوضح منتقدون قانونيون جمهوريون و ديمقراطيون لـ"غارديان "أن ترامب يتجاهل القانون في عدة مناسبات، فضلا عن رفضه لكثير من التقاليد الاجتماعية الأميركية، وقال روبرت سميث، الذي شغر منصب القاضي المساعد السابق في محكمة في نيويورك الاستئنافية، بعد تعيينه من الحاكم السابق للولاية جورج باتاكي، إن "أكثر ما يقلقه هو افتقار ترامب إلى احترام المعايير الأساسية، وأنه شخص أناني وغير مسؤول بشكل كامل، لذا ليس غريبًا أنه لا يعير أي اهتمام للقانون والأعراف الاجتماعية الأساسية الأخرى".
أضاف: "ففي الشهر الماضي، تصاعدت حدة الانتقادات ضد ترامب في الدوائر القانونية، بعدما كرس نحو 12 دقيقة من خطابه في مسيرة لحملته في سان دييغو لتشويه صورة القاضي جونزالو كورييل، الذي يشرف على قضايا الاحتيال ضد جامعة ترامب. و اتهم ترامب القاضي بأنه متحيزا، ولديه تضارب مصالح في الإشراف على قضية احتيال بسبب تراثه المكسيكي، مدعيا في البداية إن القاضي الذي ولد في إنديانا من أصول مكسيكية".
ووصف قاضي محكمة مقاطعة الولايات المتحدة السابق في ولاية كاليفورنيا الذي عينه الرئيس جورج دبليو بوش ستيفن لارسون، هجمات ترامب على القاضي كورييل، بأنها "عنصرية وحمقاء ومحرجة، معتبرا أنه من العيب أن يكون مثل هذا الرجل مرشحًا لرئاسة البلاد".
وعلى نحو مماثل، وقال المدعي العام السابق ريتشارد ثورن بوره، الذي خدم في عهد الرئيس جورج بوش الأب، إنه بقدر ما كانت تصريحات ترامب "مثيرة للقلق" و"هجومية بشكل شخصي" على القاضي كورييل، بقدر ما أنها قد تهدد على نطاق واسع حرمة وسيادة القانون"، كما أعرب سبرلتي لارسون، الذي يعمل محاميا في لوس انجليس مع شركة لارسون أوبراين، عن فزعه من دعوات ترامب لإعادة (الإيهام بالغرق) كوسيلة للتعذيب، وقتل أفراد أسر "الإرهابيين"، إذ أنها تتعارض مع القيم القانونية والمعنوية الأميركية الراسخة والممتدة.
وأثارت أيضًا دعوة إعادة وسيلة تعذيب "الإيهام بالغرق" روبرت سميث، الذي أوضح أن هذه الممارسة محظورة حاليا وتنفيذها يعد بمثابة انتهاك للقانون الأمريكي والدولي". كما أشار سميث إلي اقتراح ترامب بفرض حظر على هجرة المسلمين، وهي الفكرة التي روجها مرة أخرى بعد المجزرة الأخيرة في أورلاندو باعتبارها وسيلة للحد من الإرهاب. ورأى أن " فكرة اختبار الديني للمهاجرين غير أمريكية ومروعة".
واتفق مع وجهة سميث إزاء الحظر المقترح، عدد من الباحثين القانونيين الذين تحدثوا مع "جارديام"، من بينهم أستاذة القانون في جامعة "ستانفورد" ديبورا ورود، التي رأت أنه من "الصعب التوفيق بين هذا الاقتراح وبين المثل العليا التي حفزت هذه الأمة". وأضافت أن الاختبار المعياري للهجرة منذ فترة طويلة حسن الخلق، واعتبرت أن فشل أي شخص في تحقيق هذا المستوى بسبب الدين يبدو وحده إشكالا دستوريا".
وأكد عميد كلية الحقوق في جامعة "كاليفورنيا" في إيرفين إروينون شيرمنيسكي، إن القانون يعتبر دعوة ترامب لحظر هجرة المسلمين "انتهاك لمبادئ الدستور في المساواة والحرية الدينية"، وعلاوة على ذلك، غضب الفقهاء الآخرين بشدة من اقتراح ترامب ، في شباط/فبراير،من نيته في حال فوزه في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر بـ"فتح قوانين التشهير" حتى يمكن مقاضاة الصحافة بسهولة إذا ما نشرت مقالات سلبية وكاذبة، وجني كثير من المال".
فوفقا لأستاذ القانون في جامعة شيكاغو ريتشارد ابشتاين، الذي يحظى بتقدير كبير في الأوساط القانونية المحافظة، فإنه "إذا أتيحت قوانين القذف والتشهير، فإن أول شخص ستتم مقاضاته هو دونالد ترامب نفسه، لإطلاقه تصريحات كاذبة وحمقاء عن الأشخاص بشكل عام وخاص، فأنا اعتبره شخصا أناني وهيستري ولا يُصلح تماما ليكون رئيسا للولايات المتحدة."
ومن المفارقات، إن ترامب، طوال مهنته لعقود كرجل أعمال، يقدم ورقة رابحة لإقامة كثير من الدعاوي القضائية ضده. فوفقا لدراسة حديثة لصحيفة "يو اس توادي"، رفع ترامب أو رفعت ضده نحو 3500 قضية خلال العقود الثلاثة الماضية، وهو مبلغ أكثر من جميع الدعاوى التي رفعت ضد 5 أباطرة العقارات البارزة الأخرى.
وعلى الجانب القانوني، فإن محامين محافظين كانوا مذرعين من تصريحات ترامب الخاطئة والجاهلة بالمسائل القضائية الأساسية. ففي أواخر شهر مارس، قال ترامب إنه من المحتمل أن يُعين قضاة المحكمة العليا والمدعي العام الذي من شأنه أن "ينظر بجدية تامة في كارثة البريد الإلكتروني لكلينتون، لأنه نشاط إجرامي". وأشار سميث إلي أنه يأمل "أن يفهم طلاب المدارس الثانوية بعد دروس التربية المدنية أن القضاة لا يحققون بل يقررون"
وفي محاولة لتهدئة المخاوف بشأن حكمه وحسن نيته، نشر ترامب، في أيار/مايو الماضي، قائمة من 11 قاضيا، كبديل لرئيس المحكمة العليا أنطونين سكاليا. القضاة، مكونة من ثمانية رجال وثلاث نساء، كلهم بيضاء وجميع المتحالفين مع المجتمع الفيدرالي، وهي منظمة قانونية محافظة قوية.
أرسل تعليقك