واشنطن ـ يوسف مكي
قدمت صحيفة "الأوبزرفر" في افتتاحيتها الأحد، تحليلًا لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي قام بها في الأسبوع الماضي لمنطقة الشرق الأوسط.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب تخلّى عن خطابه المُعادي للإسلام، الذي شوَّه حملته الانتخابية عام 2016، في خطاب ألقاه في المملكة العربية السعودية، فلم يتطرق إلى الحديث عن الحظر الذي فرضه على دخول المسلمين للولايات المتحدة، وهي سياسة شهيرة لا تزال محلًا لمداولات المحاكم الأميركية، كما أنه تخلّى عن عبارته (الإرهاب الراديكالي الإسلامي)، التي تشوه دينًا بكامله".
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي ترامب بدا مؤدبًا، ووصف الإسلام بأنه (أحد أعظم الأديان في العالم)، مشيرًا إلى أنه يريد بناء شراكة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، قائمة على (التسامح والاحترام المتبادل).
وتتساءل الصحيفة عن التغيّر المفاجئ في نبرة ترامب، وتقول إن "قول أي شيء آخر في قمة رؤساء الدول العربية على الأرض العربية قد يكون في حقيقة الأمر تعبيرا عن قلة الإحساس، حتى بمعايير ترامب، الذي لا يهتم بالقيم". ولفتت الصحيفة إلى أن ما يثير القلق هو ارتياح الرئيس الأميركي بين الديكتاتوريين والملوك والمستبدين، الذين لم يتم انتخابهم، والذين يتشاركون معه في احتقار حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الإعلام، ولهذا كان قادة أوروبا المنتخبون وقادة الناتو، الذين التقاهم في نهاية الأسبوع، رفاقًا لا يرتاح معهم ، فهؤلاء لديهم شرعية يجد ترامب فيها تهديدًا له".
وأضافت الصحيفة أن ترامب قلل "بوقاحة" من قيمة قادة ألمانيا وفرنسا؛ بسبب عدم مساهمتهما في ميزانية الناتو، يتعارض مع تملقه وتزلفه في دول الخليج". وتابعت الصحيفة إن رحلة ترامب إلى السعودية جاءت قبل توقف قصير في إسرائيل، وقدمت دلالات عن سياسته في القضايا الدولية، فمن الواضح أننا عدنا إلى مرحلة ما قبل أوباما من ناحية تقسيم العالم، وبشكل تبسيطي إلى (معنا) و(ضدنا)، أو الأخيار والأشرار، ووصف جورج بوش هؤلاء بأنهم من (يرتكبون الآثام)، أما ترامب فقال إنهم (الخاسرون)، وتم تطبيق هذه اللغة على دول وأفراد، حيث تم تهديد كوريا الشمالية، على سبيل المثال، مرة أخرى، ووصفت بالدولة المنبوذة، وبالمقارنة فإن ترامب قام بتوقيع عقود بالمليارات مع السعودية، المعروفة بسجلها في انتهاكات حقوق الإنسان، واضطهاد المرأة، والتسامح مع تمويل ودعم الأيديولوجيات المعادية للغرب، ورفضها للقيم الديمقراطية".
وألمحت الصحيفة إلى أن ترامب دعا من الرياض لحملة دولية لا تتوقف ضد التطرف الديني، واضعًا الولايات المتحدة وبقوة إلى جانب الدول السُنية في النزاع السني الشيعي، حيث تجاهل ترامب حقيقة أن معظم ضحايا العنف في العراق هم من الشيعة، وأن الحركات المتطرفة هي سنية، بالإضافة إلى دور السعودية في تغذية العنف المتطرف وأفكاره".
واختبار ترامب بدلًا من ذلك أن يطلق النار على إيران، ودعا الدول التي تملك الضمير كلها إلى التعاون وعزل إيران، و(الدعاء لليوم الذي يحصل فيه الإيرانيون على حكومة عادلة ومستقيمة)". وتتساءل الصحيفة عما إذا كان ترامب يعي ما يقوله، أو أنه كان مدركًا لتصريحاته قبل أيام من الانتخابات الإيرانية، التي انتخب فيها الإيرانيون رئيسًا إصلاحيًا، وهل يعتقد ترامب حقيقة أن إيران هي الداعمة للإرهاب لا تنظيم الدولة؟ أم هل كان يرد على مطالب الأميركيين الأبدية بضرورة البحث عن عدو دولي ليبرر حقده على الاتفاق التاريخي الذي وقعه باراك أوباما مع إيران، والرد على المخاوف الإسرائيلية والسعودية المبالغ فيها؟".
وتستطرد الافتتاحية "رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، المعادي لإيران، ربما لم يتماسك من الفرح، حيث أن ترامب لا يمكن وصفه بالدمية، لكنه يتصرف أحيانًا وكأنه كذلك، فإيران ليست بريئة من السياسات الحالية في الشرق الأوسط، حيث كان دعمها مهمًا للنظام السوري، ويثير نظامها الصاروخي الباليستي القلق، إلا أن طهران التزمت بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، وهي تتوقع من الغرب أن يلتزم بعلاقات تجارية جيدة، بدلًا من عزلها، وفرض عقوبات عليها، كما يخطط ترامب والجمهوريون في الكونغرس". وتختتم الصحيفة حديثها قائلة: "لا يوجد هناك سبب يدعو لتصعيد المواجهة مع إيران، وهناك الكثير من الأسباب التي تدعو للقلق والخوف من نتائج هذا التصعيد، ببساطة شديدة إن ترامب لا يعرف ما الذي يفعله".
أرسل تعليقك