امتلأ فضاء السوشيال ميديا بسيل من المعلومات، بعضها دقيق، وأكثرها لا يعدو كونه شائعات ، بعد أن تم الإعلان عن ظهور فيروس «كورونا المستجد» أو الذى بات يعرف بـ «كوفيد 19».
وفى مثل هذه الأزمات، كأزمة فيروس كورونا، الذى أعلنت منظمة الصحة العالمية تحوله لجائحة عالمية، يصبح تتبع الشائعات والرد عليها، أمرا يكتسب أهمية كبيرة، لأن الوقت الحالى ليس وقت الذعر، ولكنه وقت العمل لمواجهة هذه الأزمة العالمية.
«الأخبار» من جانبها جمعت أغلب ما تم تناقله من معلومات حول الفيروس، ووضعتها أمام د.أمجد الخولى استشارى الوبائيات بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، الذى طلب أن يرسل إجابات مكتوبة على ما يثار حولها من تساؤلات، تجنبا لأى خطأ ولو صغير فى مثل هذه الظروف.
ودون «تهويل أو تهوين»، جاءت إجابات د.الخولى على ما يثار حول الفيروس، فرغم تأكيده أن 80% من الحالات تشفى دون علاج، إلا أنه شدد فى الوقت ذاته على أنه قدرات الفيروس فى الانتشار عالية جدا.ونفى ما يتم ترديده من انحسار الفيروس صيفا، وأن العلاجات المضادة للملاريا فعالة فى العلاج، وشدد فى أكثر من موضع على دور المواطن فى المواجهة.. وإلى نص الحوار.
بداية: ما هو الاختلاف بين فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، وباقى عائلة الفيروسات التاجية مثل سارس وميرس؟
كوفيد- 19 هو سلالة جديدة من عائلة فيروسات كورونا والتى ظهر منها فى السابق (السارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) أو ما يعرف بـ (MERS-Cov)، وهو فيروس تنفسى لم يعرفه العالم من قبل، وتتراوح أعراضه بين الحمى والسعال والعطاس وقد يسبب ضيقاً فى التنفس، وفى الحالات الوخيمة قد يؤدى إلى التهاب رئوى وفى بعض الحالات ينتهى بالوفاة بين كبار السن من ذوى المشكلات الصحية المزمنة السابقة على التقاط العدوى.
ويوجد ارتباط جينى بين الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 والفيروس المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، ولكنهما مختلفان، ويعد مرض السارس أكثر فتكا من مرض كوفيد-19 ولكنه أقل عدوى منه بكثير، ولم يشهد أى مكان فى العالم فاشية السارس منذ عام 2003.
انتشار سريع
ولماذا انتشر هذا الفيروس بصورة أكبر من الآخرين ؟
هذا الفيروس يتسم بأنه سريع الانتشار، كما أنه جديد بمعنى أنه لا أحد يملك مناعة منه، ولعل هذا هو أهم الفوارق بينه وبين أمراض الأنفلونزا، التى تتسم أيضاً بسرعة الانتشار وتتشابه أعراضها مع كورونا 2019، ولكن البشر كونوا مناعة ضدها عبر العقود الماضية.
هل تم تحديد مصدر هذا الفيروس إن كان الخفاش أو غيره.. وهل عدم الوصول لإجابة محددة على هذا السؤال هو ما يعوق الوصول لحل للأزمة؟
كل فيروسات كورونا، وهى فصيلة كبيرة من الفيروسات، قد تسبب المرض للحيوان والإنسان، ومع ذلك فلم يتأكد علمياُ بعد إن كان الفيروس الجديد حيوانى المنشأ، وفى كل الأحوال لا يؤثر منشأ الفيروس فى طرق الاستجابة له، وإن كنت تقصد بإعاقة حل الأزمة تأخر الوصول لعلاج أو لقاح لمرض كوفيد، فأود أن أوضح أن كل سلالة جديدة من أى فيروس هى بالضرورة مجهولة للعلماء والباحثين ويتطلب تكوين معارف علمية حولها بعض الوقت وكثير من الجهد والبحث والتقصي.
وقد قطعنا شوطاً لا بأس به فى التعرف على الفيروس الجديد وفك تركيبه الجيني، والعلماء عاكفون على تطوير علاجات ولقاحات للمرض الذى يسببه هذا الفيروس، وثمة علامات مشجعة على إمكانية التوصل لعلاج فى غضون أسابيع، أما اللقاح فقد يستغرق أشهرا نظراً لما يحتاجه من تجارب سريرية ومراحل تدقيق علمى لضمان مأمونيته ونجاعته.
تدابير احترازية
قالت منظمة الصحة العالمية أن بعض الدول لم تأخذ الموضوع على محمل الجد.. ما المقصود بذلك؟
بلدان إقليم شرق المتوسط تبذل الكثير من الجهود لتعزيز قدرات الاستجابة لوباء ( كوفيد-19)، ولكن مع إعلان الجائحة أصبحنا نحتاج إلى إجراءات ملموسة أكثر واستثمار أكبر فى مجالات الوقاية والتأهب وتدابير الصحة العامة، ويساهم اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة فى إبطاء انتشار الفيروس ووضع حدٍ له، وتتكاتف الحكومات وقطاعات الصحة والمجتمعات على مستوى إقليم شرق المتوسط وتلتزم بمكافحة هذه الجائحة بقوة.
ونحن نتعاون مع جميع البلدان على تحقيق الهدف الذى يركز على احتواء المرض ووقف انتشاره، وضمان حماية العاملين الصحيين والفئات السكانية والبلدان المعرضة للخطر، وفى البلدان التى لم تُبلِّغ عن أى حالات، نتخذ تدابير مشددة للتأهب، لضمان عدم انتقال المرض إليها.
وأودُّ التشديد على أهمية تبادل المعلومات مع المنظمة فيما يتعلق بالحالات المحددة المُشتبه فيها والمحتملة والمؤكد تشخيصها فى المختبرات، على النحو المطلوب بموجب اللوائح الصحية الدولية.
ما هو تقييم المنظمة للإجراءات التى أتخذتها مصر مؤخرا بتعطيل الدراسة أسبوعين، وهل هذا كاف من وجه نظر المنظمة، أم أنه كان من المفترض اتخاذ خطوات أكثر تصعيدا مثل حظر التجوال المفروض فى بعض الدول؟
كل دولة لها أن تتخذ من التدابير الاحترازية ما يلائم الوضع القائم فيها بعد تقييم دقيق للمخاطر، وقد تلجأ بعض البلدان والمجتمعات المحلية، حسب السياق، إلى تعليق التجمعات الجماهيرية، وفرض قيود قصيرة الأجل على السفر، وتطبيق تدابير الحجر الصحى قصيرة الأجل، وتوصيتنا فى هذا الشأن أنه ينبغى اتخاذ هذه الخطوات بعد تقييم موضوعى للمخاطر المحتملة المحدقة بالصحة العامة والتأثير الاجتماعى الاقتصادى المحتمل لهذه التدابير، ويجب أن يتناسب نطاق هذه التدابير ومدتها مع المخاطر.
اختبار الـ «بى سى آر»
هل الكواشف الحرارية الموجودة فى المطارات كافية للكشف عن الفيروس.. وهل توجد أجهزة أحدث قادرة على اجراء تحليل "البى سى آر" فى المطارات واظهار نتيجته خلال نصف ساعة؟
أجهزة الكشف الحرارى لا تكشف عن وجود الفيروس، وإنما تحدد أحد أعراض الإصابة وهى الحمى من خلال تحديد درجة حرارة المسافر أو العائد.
أما الفحوصات المختبرية ومنها (البى سى آر) PCR، فهى التى تشخص إيجابية أو سلبية الحالات التى يتم تحليل العينات الخاصة بها، ويستغرق ظهور نتيجة هذا الاختبار من 5 إلى 7 ساعات
أما الاختبار التشخيصى السريع فهو لا يزال قيد الاختبار من حيث درجة الحساسية ودقة النتائج وكفائتها وإمكانية اعتماد نتائجها، وعادة لا تتم التوصية باختبار تشخيصى جديد حتى تتم تجربته على عينة كبيرة ويثبت نجاعته، وذلك لتبديد المخاوف من أن يؤدى الفحص السريع إلى نتائج غير مؤكدة.
عالمة بيولوجية إسبانية اتهمت العالم بأسره بأنه مقصر فى الانفاق على الأبحاث وإعطاء المزايا للعلماء فى مقابل الانفاق على لاعبى كره القدم، وألمحت أن العالم يدفع ثمن هذا التقصير فى تلك الأزمة.. هل تتفقون مع تلك الرؤية؟
دون الدخول فى مقارنات، كلنا متفقون على أهمية البحث العلمى والدور الرفيع الذى يضطلع به الباحثون فى الدفع بماكينة التطور العلمى وتطوير الأدوية والعقاقير التى تنقذ الأرواح وتحافظ على صحة البشر وتحمى الإنسانية.
ومن منطلق علمى أنوه بأن مجتمع الباحثين كان ولا يزال يقوم بدوره وقد حقق مكتسبات هائلة مكنت الإنسانية من اجتياز تحديات ضخمة والتغلب على أوبئة وأمراض وجائحات والارتقاء بنوعية الحياة ورفع متوسطات الأعمار لأضعاف ما كانت عليه من قبل.
وبينما ننوه بأهمية تعزيز البحوث العلمية والاستثمار فى هذا المجال وتشجيع شباب الباحثين فى إقليمنا وفى العالم كله وتخصيص ميزانيات كافية للبحث العلمي، فإننا نعمل مع شبكة هائلة من العلماء والباحثين المرموقين الذين يعكفون على دراسة فيروس كورونا المستجد ومرض كوفيد-19 الذى يسببه هذا الفيروس، بهدف الوصول إلى كافة المعارف التى تمكننا من احتوائه ووقف انتشاره وإنتاج الادوية واللقاحات المضادة له.
الصيف والفيروس
البعض يعول آمالا على انتهاء الأزمة فى الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.. والبعض الآخر يقول انه على العكس سيصيب الفيروس معظم العالم مع نهاية شهر مايو.. أى الأمرين أقرب للحدوث من وجهة نظر المنظمة؟
تشير البينات والمعلومات التى تجمعت لدينا حول فيروس كوفيد-19أن هذا الفيروس يمكنه أن يعيش فى الطقس الحار الرطب، كما يمكنه أن يعيش فى الجو البارد والجاف، وقد ظهر بالفعل فى بلدان ذات مناخ حار، وأخرى ذات مناخ بارد، ومن ثم لا يوجد دليل على أن الفيروس سيختفى فى فصل الصيف. فى الوقت نفسه هناك سيناريوهات متعددة محتملة لايمكن القطع بأى منها.
بعض الآراء العلمية تقول إن السبب فى الوفاة نتيجة الإصابة بالفيروس هو ضعف جهاز المناعة، وأنه فى حالة إصابة شخص مناعته قوية بالفيروس فإنه سيصبح قادرا على تجاوز هذه المشكلة، وخلصت هذه الآراء إلى أن هناك بعض الأشخاص قد يكونون مصابين بالفيروس ولا يعرفون أو جاءهم الفيروس وشفوا منه دون أن يعلموا.. هل هذا الكلام دقيق علميا؟
هذا الكلام فيه قدر من الصحة، فالمرض الذى تسببه العدوى بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) خفيف بشكل عام، لاسيما عند الأطفال والشباب، ومع ذلك، فإنه يمكن أن يسبب مرضًا خطيرًا، إذ يحتاج نحو شخص واحد من كل 5 أشخاص مصابين بهذا المرض إلى تلقّى الرعاية فى المستشفى.
لذا، فإن من الطبيعى أن يشعر الناس بالقلق إزاء كيفية تأثير فاشية مرض كوفيد-19 عليهم وعلى أحبائهم، وتشير البينات حتى الآن إلى أن المسنين والأشخاص المصابين بحالات طبية موجودة مسبقاً (مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وداء السكري) يصابون بمرض وخيم أكثر من غيرهم، ونظراً لوجود بعض الحالات ذات الأعراض الخفيفة، فقد يصاب البعض بالفيروس ويتم شفاؤهم دون أن يعرفوا بإصابتهم، كما أن البعض قد يحمل الفيروس دون أن تظهر عليه أى من الأعراض المعروفة.
خطر مضادات الملاريا
أبحاث منشورة حديثا تقول أن السبب الحقيقى للوفاة الناتجة عن الفيروس هو مرض مناعى يسمى "متلازمة إفراز السيتوكين"، وأن استخدام مضادات الأنترولوكين أظهر نتائج فعاله فى علاجه.. فما هى الخاصية التى توجد فى مضادات الأنترولوكين لتجعله فعالا فى العلاج؟
لا زالت الأسباب الحقيقية للوفاة بين المصابين بمرض كوفيد-19 قيد البحث والدراسة المتعمقة ولا توجد دلائل علمية تؤكد ما ذكرت، فالبينات إلى الآن تشير إلى أن أكبر معدلات الوفاة بين المصابين وقعت بين كبار السن ممن يعانون من أمراض مزمنة وحالات مرضية حرجة سابقة على التقاط العدوى وأن وخامة الإصابة بكوفيد-19 أدت إلى مضاعفات شديدة أودت بحياة هؤلاء
أما مقولة أن استخدام مضادات الأنترولوكين حققت نتائج إيجابية فى علاج كوفيد-19 فهذا أيضاً لم يتأكد علمياً، ومن الوارد جدا أن يكون الشفاء من الفيروس قد حدث بمحض الصدفة، وليس بسبب استخدام هذه المضادات، فنحن نتحدث عن مرض يشفى 80 فى المائه من المصابين به بدون علاج.
وبصفة عامة لا توصى منظمة الصحة العالمية باستخدام الأدوية المضادة للملاريا مثل "الأنترولوكين"، لآثارها الجانبية الخطيرة التى قد تتجاوز الآثار التى يحدثها المرض نفسه، فالمنظمة مع أى جهد بحثى وتشجع ذلك، ولكن بشرط مراعاة أدبيات البحث العلمي، ومن أهمها عدم استخدام عقار له آثار جانبية تفوق المرض نفسه، وان تكون العينة التى استخدمت للتجارب كبيرة وليست محدودة كما حدث فى البحث الخاص باستخدام مضادات الأنترولوكين"، حتى لا نحصل على نتائج مضللة.
اللقاح والعلاج
ما هى آخر التطورات بخصوص الفرق البحثية حول العالم التى تسعى لإنتاج لقاح للفيروس.. وهل سيكون هناك دعم للدول الفقيرة والنامية لتوفير هذا اللقاح لمواطنيها؟
تتعاون المنظمة مع شبكة من الباحثين والعلماء والمراكز البحثية لتطوير لقاح مضاد للفيروس. وقد قطعت الجهود البحثية شوطاُ كبيراً فى هذا الاتجاه وأعلنت الولايات المتحدة عن بدء تجريب لقاح على المتطوعين فيما يسمى علمياُ بالتجارب السريرية.
هل سيتعين على كل مواطن أخذ اللقاح فى حال توافره لوقاية نفسه من هذا الفيروس مستقبلا؟
عادة مع بدايات ظهور لقاح جديد يكون من غير الواقعى الاعتقاد بأن كل إنسان سيتمكن من تلقى اللقاح فور ظهوره، بل يتم تحديد الفئات ذات الأولوية وفق معايير معينة متعارف عليها إلى أن يتوافر اللقاح للجميع.
ما هو الرقم الاجمالى حاليا لحجم الخسائر البشرية بسبب الفيروس.. وهل هناك احصائية لحجم الخسائر الاقتصادية التى تكبدتها الدول بسبب الفيروس؟
الخسائر الاقتصادية هائلة وآخذة فى التزايد ولا يمكن تقديم إحصائية لدولة ما، ولا شك أن الدول والحكومات تقوم بتقييم الخسائر الحالية والمتوقعة إلى حين انحسار الجائحة، وأحد الأهداف الاستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية حالياً هو الحد من التأثير الاجتماعى والاقتصادى لجائحة كوفيد من خلال شراكات متعددة القطاعات.
دور المواطن
ما هى النصائح العملية التى تقدمها المنظمة للمواطنين من أجل تجاوز هذه الأزمة؟
نؤكد دائماً على أهمية المسؤولية المشتركة فنحن جميعنا أفراداً وحكومات ومسؤولين ومنظمات معنيون بالأمر، ولكل منا دورٌ يقوم به.
ونصيحتى لكل فرد أن يحرص كل الحرص على توعية نفسه ومن حوله بسبل الوقاية الشخصية من العدوى بكوفيد-19، وأن يطبق التدخلات الوقائية لحماية نفسه ومن حوله من العدوى من خلال التعامل الواعى والصحيح مع كوفيد-19.
ونكرر أن هذا ليس وقت الذعر بل وقت الالتزام الفعال، لا مجال لاتباع الشائعات أو استقاء المعلومات من مصادر غير موثوق بها، ولابد من التعرف على الإجراءات الوقائية وهى متاحة من مصادرها الموثوقة مثل مواقع السلطات الصحية أو مواقع منظمة الصحة العالمية.
ومن الأهمية بمكان تطبيق ممارسات النظافة الشخصية ونظافة الإيدى مراراً وتكراراً، واتباع آداب السعال والعطاس، وتجنب مخالطة المرضى والتماس الرعاية الطبية فور الشعور بأعراض مثل الحمى والسعال وضيق النفس أو الزم المنزل.. ومن المهم أيضاً الاطلاع باستمرار على آخر تطورات المرض، واتّباع المشورة التى يسديها مقدم الرعاية الصحية أو سلطات الصحة العمومية الوطنية والمحلية أو صاحب العمل بشأن كيفية حماية نفسك والآخرين من المرض.
قد يهمك ايضا
تسجيل 52 إصابة جديدة بفيروس كورونا في جنوب إفريقيا ليرتفع عدد المصابين إلى 202
الكرملين تؤكد أن بوتين لم يخضع لاختبار كورونا ولا يعاني من أي أعراض
أرسل تعليقك