بودابست - نبيل العبد الله
قدم ما لا يقل عن 10 صحافيين من هيئة تحرير موقع إخباري للأنباء مهم في المجر استقالتهم بعد الكشف أن الموقع كان يتلقَّى أموال من البنك المركزي للبلاد، وخرج الصحفيين من مبنى موقع VS.hu يوم الاثنين لأنهم يعتقدون أن التمويل الذي يبلغ حوالي 1.5 مليون جنيه استرليني هو مساس باستقلالية عملهم, وجاء من بين قائمة المستقلين المحرر أوليفر لبهاردت والمراسل الكبير أندراس كوسا، وشدد كلاهما على ضرورة عدم وجود أي تدخل في سياسة التحرير، وصرح كوسا, "كان هذا المبلغ المالي الكبير مفاجئ لنا، وفي ظل عدم وجود منافسة عامة لهذا النوع من المنح، فهذا يطرح أسئلة أخلاقية خطيرة", وكان من بين المستقيلين أيضا ساندرو غوب وقال أنه سيتبرع بآخر راتب له للأعمال الخيرية بهدف المساعدة على استعادة نزاهة مهنة الصحافة، وأكد البنك المركزي على أن الإستثمار الذي أعطاه للصحيفة كان جزء من خطة انتاج محتوى الوسائط المتعددة لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
وتأتي هذه الاستقالات في ظل زيادة حساسية الصحفيين بسبب مزاعم بأن حكومة رئيس الوزراء فيكتور أوربان تسعى لبسط نفوذها على وسائل الاعلام، باستخدام التمويل السري من خلال القطاع العسكري، وأكد الكشف عن التمويل شكوك الصحفيين منذ فترة طويلة أن مجموعات اعلامية تتلقي الدعم السري من حزر اوربان فيدس.
وكشفت تحليل أجراه مؤسس مؤسسة الصحافة الهنغارية الحرة كريستوفر أدم أن نظام أوربان كان يستخدم القوة الناعمة لتدمير استقلال وسائل الاعلام في المجر وتعزيز الحالة الاستبدادية بالتدريج، وأشاد ادم بخطوة الصحفيين على لاستقالة لأنهم لا يريدون الارتباط أو يكونوا مستفيدين من هذا الفساد المنظم.
واتضح أن الموقع مملكوك لشركة نيو وايف، وأحد الشركاء في ملكيته يدعى تاماس زميري وهو عضو في حزب فيدس وابن عم مسئول البنك المركزي جوجري ماتلوكسي وهو أيضا سياسي في نفس الحزب، ولديه صلات وثيقة مع اوربان، ولكن الشركة نفت أن يكون تاماس زميري مالكها.
ويعتبر هذا الأمر عاديا في وسائل الاعلام في المجر كما هو الحال في بعض دول أوروبا الشرقية، فغالبا ما تكون شبكات الصحافة والتلفزيون والمنافذ على الإنترنت مملوكة لشركات في الخارج، وتأسس الموقع VS.hu عام 2013, وتابع الصحفي المستقيل ليبهاردت, "لا شيء كان يدعوا للخجل في سياسة الموقع، ولكنني ارتكبت خطأ عندما سمحت للمحتوي المرعي للظهور في المنشورات دون الاشارة الى الراعي، وهذه الممارسة ينبغي أن تكون سببا كافيا بالنسبة لي كي أستقيل."
واحتلت المجر المرتبة 67 في قائمة حرية الصحافية في عام 2016 التي جمعتها منظمة مراسلون بلا حدود من أصل 180 دولة، مما يجعلها في أدني المعدلات في أوروبا.
وكتب صحفي الغارديان من بودابست دان نولان معلقًا على الحدث, " تلقت حكومة فيكتور اوربان انتقادات واسعة النطاق بسبب القانون الاعلامي لذلك استخدمت مسارًا مختلفا باستخدام القوة المالية للتأثر على السياسة التحريرية لوسائل الاعلام المستقلة، ففي وسائل الاعلام الغير صديقة للحكومة تراجعت ايرادات الاعلانات من الدولة في حين اثريت وسائل الاعلام الموالية لأوربان."
وأضاف, "في الوقت نفسه فان مواقع مثل 444.hu تصنف بالليبرالية المتطرفة لأنها مستقلة في ظل ظهور عدد متزايد من وسائل الاعلام الممولة من دافعي الضرائب، فصحيفة ماغيار اديكو امتلأت بالموظفين الذين تركوا صحيفة حكومية بعد أن ظهرت علاقات بين صاحبها وأوربان", وتابع " وقدمت مساعدات لمخرج الأفلام الأميركي الهنغاري أندي فاغنا الذي ينتمى لحزب فيدس من خلال قروض تفضيلية لشراء القناة الثانية التي تتبع الآن الخط التحرير الصديق للحكومة، ولكن لا تتكلل خطط أوربان بالنجاح دائما، فالحكومة اضطرت لسحب ضريبة عائدات الاعلانات التي تستهدف على وجه التحديد قناة تلفزيونية ذات المشاهدة الأكبر في المجر أر تي ال على الرغم من أن رئيسها التنفيذي ديريك غركينز أصبح موضع هجوم في القناة الثانية منذ ذلك الحين."
أرسل تعليقك