أكد عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أنَّ قانون النشر في دولة الإمارات العربية المتحدة صدر في وقت كانت الدولة تتعرض فيه لتيارات غريبة، لا نقول إنها تدخلت في الصحافة، بل كانت في جميع الجمعيات الأهلية، واستولت عليها استيلاء تام، مؤكدًا أنه "نعد عندما تهدأ الأمور وتستقيم الساحة، بأن نفتح الباب على مصراعيه".
وأضاف القاسمي، في مداخلة له في ندوة النشر الصحافي التي أقيمت مساء أمس (الأربعاء) في معرض الشارقة الدولي للكتاب بنسخته الثالثة والثلاثين، أنه اعتاد منذ زمن بعيد أن يقرأ صحيفة "الخليج" قبل الفجر ويتصفحها أكثر من ساعة ونصف الساعة، يطلع خلالها على ما يجري في عالم الثقافة والفن، مبتعدًا قدر الإمكان عن عالم المعارك والتدمير، لأنه لا يريد أن يلوث دماغه بهذه الأفكار.
ولفت القاسمي إلى أنه من خلال صفحات "الخليج" وجد بعض التحليلات السياسية والكتابات تأتي من أناس لهم خلفيات ومعاهد ومراكز ومدارس تمدهم بأفكار ما، فمثل هذه الصفحات لا أتوقف عندها.
وطالب القاسمي بالابتعاد عن الإثارة في عالم الصحافة في دولة الإمارات، فهي لن تزيد من الربح ولا من التوزيع، ولا بد من التواصل مع الجهة المسؤولة كي تحصل على المعلومة الدقيقة والمفيدة.
وأوضح القاسمي أنَّ استخدام الإثارة في الصحافة لا يؤدي إلا إلى التشويه، وتمنى أن لا نصل إلى المحاكم والمشاحنات،مشيرًا إلى تجربة الخط المباشر على إذاعة الشارقة، ومدى أهميتها وشفافيتها ومستوى المصداقية العالي التي تتميّز بها.
وشدّد القاسمي على أهمية أن يقوم رئيس التحرير بدوره بالكامل ويقرأ كل ما يكتب قبل النشر، وأن يجلس في مكتبه ويقرأ، فرئيس التحرير لديه ثمان ساعات عمل لا بد أن يؤديها على أكمل وجه، وليجلس كل رئيس تحرير ساعات كي يقرأ ويتأكد ما الذي سينشر في اليوم التالي.
وأشار القاسمي إلى استعمال الكلمات الأجنبية في الندوة من قبل أناس يعول عليهم بأن يساهموا في التأكيد على استخدام لغتنا العربية.
شارك في الندوة رئيس التحرير المسؤول في صحيفة "الخليج"،حبيب الصايغ، والمدير التنفيذي لقطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة "البيان" ظاعن شاهين، والمدير التنفيذي لشركة أبو ظبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد"، محمد الحمادي، ورئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم"سامي الريامي، وأدار الندوة رئيس جمعية الصحافيين محمد يوسف.
واستعرض الصايغ بعض أهم محطات تاريخ النشر الصحافي في دولة الإمارات، بدءًا مع تجربة صحيفة "الاتحاد" منذ عام 1969، وتجربة صحيفة "الخليج" منذ عام 1970، وميزات كل منهما، وأهميتهما، ولفت إلى أن صحيفة "الاتحاد" تعتبر ثمرة وعي القائد المؤسس لأهمية الصحافة، مؤكدًا أن تجربة الصحافة الحكومية وشبه الحكومية، تستحق الدرس والبحث.
وأشار الصايغ، في مجال التشريع المتعلّق بالنشر الصحافي، إلى أهمية الحرص على سد كل الثغرات في القانون الحالي، حيث هناك إشكالية منذ سنوات ترتبط بقانون الأنشطة الإعلامية، لافتًا إلى أن نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أمر بمنع حبس الصحافيين في القضايا التي تتصل بالنشر.
واعتبر الصايغ أن القانون الحالي لم يعد ملائمًا، وأن الحاجة ماسة إلى تشريع جديد، وإلى قانون جديد كليًا في الصحافة يتلاءم مع طموح دولة الإمارات.
وأشار الصايغ إلى بعض القصور والعثرات في الصحافة الثقافية في الإمارات، فالتخصص نادر، مشيرًا إلى أن المثقف هو الأهم في عالم الصحافة الثقافية، وليس المسؤول أو الشخصية التي حضرت الحدث الثقافي.
وبدوره، تناول ظاعن شاهين تاريخ النشر الصحافي في دولة الإمارات، مؤكداً أن المطبعة هي الأساس الذي تدور حوله الصحافة، لافتاً إلى أنه قبل عام 1973 لم يكن هناك مطابع صحافية في دولة الإمارات، وفي عام 1974 دخلت أول مطبعة صحافية إلى الإمارات وتعود إلى محمد بن دسمان، وبدأت صحيفة "الاتحاد" تطبع من خلالها، ومن حينها بدأت حركة النشر الصحافي الحقيقية في دولة الإمارات.
ولفت شاهين إلى أن هناك تحديات أساسية في النشر الصحافي بدولة الإمارات، من أهمها "المحتوى الجيد، وكيفية خلق صحافي جيد في ظل تركيبة سكانية تتميز بعدم الإقبال على مهنة الصحافة، كما أن مخرجات التعليم لم تتح لنا أن نخرج بصحافيين جيدين".
وبدوره، صرَّح سامي الريامي، أنّ التقنيات الحديثة ساهمت في تطوير العمل الصحافي بنسبة تصل إلى ما هو أكثر من 90%، وعرض أول تجربة له عام 1996 لتغطية فعالية خارج الدولة، والصعوبات التي واجهته كصحافي في الحصول على الصور وإرسالها وكم تطلبت من الوقت، حيث استدعى موضوع إرسال صور للصحيفة في الإمارات أكثر من أربع ساعات، عدا عن التكلفة المالية والجهد، بينما اليوم لا يتطلب الأمر كل هذا العناء والوقت والجهد والتعب، وذلك بفضل التقدم التقني في عالم النشر الصحافي.
وأوضح الريامي أنه بسبب هذه التكنولوجيا المتقدمة، أصبح لدينا الإعلامي الشامل والصحافي الشامل، بحيث تصل المادة الخبرية والصور إلى الموقع الإلكتروني ومختلف وسائل التوصل الاجتماعي بسرعة هائلة، وبالتأكيد قبل النشر في اليوم التالي في الصحيفة الورقية، ما يؤشر على سرعة الإنجاز والنشر واختصار الوقت والجهد ودقة الإنجاز أيضًا.
وتساءل الريامي عن شكل الصحافة بعد خمس سنوات، في ظل التقدم المتواصل للتكنولوجيا واستخداماتها، وهل ستبقى الصحافة الورقية حاضرة، أم لا، لافتًا إلى أنها في الغالب ستنقرض، لكن مهنة الصحافة لن تنقرض.
ومن جانبه، بدأ محمد الحمادي حديثه بالقول: "عشقنا القراءة من خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب"، ولفت إلى أهمية استخدام وتوظيف الوسائل والأدوات التقنية الحديثة في عالم الصحافة والنشر، ودورها في تقدم وتطور الصحافة وأدائها، موضحًا أن صحيفة "الاتحاد" هي أول صحيفة في الإمارات أطلقت موقعها الإلكتروني وذلك عام 1996، وهي من بين أوائل الصحف في المنطقة التي تسعى دائمًا إلى التطور التكنولوجي، لافتاً إلى الشكل الجديد للصحيفة الذي أطلق قبل نحو أسبوعين، مشيرًا إلى أرقام التوزيع للنسخة الورقية من صحيفة "الاتحاد" ما زالت منذ خمس بنفس المستوى، حيث لا زال القارئ المحلي ينتظر الصحيفة الورقية كل صباح، لكنه يتجه إلى الإلكتروني أيضاً.
وأشار إلى أن هناك نحو 2 مليار شخص يقرأون صحفًا ورقية في العالم يوميًا، وهناك 2,5 مليار شخص يقرأ الصحف من خلال الإنترنت، ويوجد نحو 2 مليار شخص يمتلكون هواتف ذكية، وهو قابل للزيادة ليصل عام 2019 وفق التوقعات إلى 5,5 مليار شخص. وشدد على أن مستقبل الصحافة في الإمارات يستدعي الاستمرار في مواكبة التطور التكنولوجي
أرسل تعليقك