أعاد رئيس الحكومة اللبنانية المُكلّف حسّان دياب التأكيد، أمس الإثنين، على أنه يسعى إلى تشكيل حكومة من اختصاصيين بامتياز، في الوقت الذي جدّد فيه "حزب الله" على لسان الوزير محمد فنيش موقفه الداعي إلى تشكيل حكومة تتمتع بغطاء سياسي.
وبين هذا الموقف وذاك، يبقى غير واضح مصير صيغة الحكومة "التكنوسياسية" التي لطالما تمسك بها "حزب الله" وحلفاؤه ورئاسة الجمهورية، والتي كانت أحد أبرز أسباب اعتذار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن عدم قبول التكليف، مما يطرح السؤال حول الاختلاف بين مواقف دياب وبين داعميه للوصول إلى رئاسة الحكومة، وعما إذا كان قد يطرأ أي تغيّر أو تبدّل في طروحاتهم السابقة، وهو ما لا تستبعده مصادر مطلعة على موقف "حزب الله"، بينما برز موقف لعضو كتلة الحريري النائب سمير الجسر الذي استغرب كيف أنه "ما كان حرامًا على الحريري بات حلالًا للرئيس المكلّف"، في إشارة إلى التسهيل المقدم لمهمته.
وفي تغريدة على "تويتر"، كتب دياب، أمس، أن "الحكومة الجديدة ستكون وجه لبنان ولن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك... وستكون حكومة اختصاصيين بامتياز".
وعلى خط رئاسة الجمهورية، ترفض مصادر وزارية مقربة من الرئيس عون الحسم في هذا الإطار وتوضيح ما إذا كان قد تراجع عن مطلبه بتشكيل حكومة تكنوسياسية، مشيرة في تصريح لـ"الشرق الأوسط" إلى أنه "سيتم البحث بهذا الأمر (اليوم) في الاجتماع الذي سيعقد بين عون ودياب ليطلعه الأخير على نتائج مشاوراته مع الكتل النيابية، وليحدد على ضوئها الصيغة النهائية التي ستشكل وفقها الحكومة". لكن "حتى الآن يمكن القول إن التوجه هو لاختيار أشخاص متخصصين على أن تقوم الكتل النيابية أو الأفرقاء السياسيون بتسميتهم، وإذا لم يكونوا من الحزبيين فهم بالتأكيد مقربون من هذا الفريق أو ذاك".
في المقابل، يبدو أن التبدل أو التعديل في الموقف حيال صيغة حكومة "تكنوسياسية" ليس بعيدًا بالنسبة إلى "حزب الله"، بحسب ما تشير مصادر مطلعة على موقف الحزب، تجتمع مع مصادر رئيس البرلمان نبيه بري على التأكيد بأن هناك "رغبة من الجميع لتسهيل مهمة الرئيس المكلف".
وتؤكد المصادر المقربة من "حزب الله" أن "المهم هو تشكيل حكومة لإنقاذ البلد، ونحن وحلفاؤنا سنقدم كل تسهيل ممكن في سبيل ذلك". وعما إذا كان هناك استعداد لدى الحزب وحلفائه للقبول بوزراء مختصين غير سياسيين وغير حزبيين، تقول المصادر: "لغاية الآن لم تبدأ المشاورات معنا حول شكل الحكومة، لكن كل شيء محتمل". وردًا على سؤال عن سبب عدم تقديم هذا التسهيل للحريري الذي كان متمسكًا بحكومة اختصاصيين من غير السياسيين، تجيب المصادر بأن "الحريري شخصية سياسية وبالتالي معه كان لا بد من حكومة سياسية أو تكنوسياسية، أما دياب فهو شخصية مستقلة أكاديمية وبالتالي النقاش مختلف من هذه الزاوية".
وفي انتقاد منه لهذا التبدل في المواقف، جدد النائب في كتلة "المستقبل" سمير الجسر تأكيده أن تسمية دياب لم تكن بموافقة الحريري. وقال لـ"وكالة الأنباء المركزية": "لو كانت تسمية حسان دياب جاءت بعد موافقة من الرئيس الحريري لكانت (كتلة المستقبل) سمّته في الاستشارات النيابية المُلزمة".
وعدّ أن "إعلان معظم القوى السياسية نيتها تسهيل مهمة الرئيس المكلف لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين ستتبين جديته في التركيبة الحكومية المُنتظرة، ونحن كتيار مصرون على موقفنا بعدم المشاركة في الحكومة لا بشكل مباشر أو غير مباشر".
ولفت الجسر إلى أن "تشكيل حكومة اختصاصيين بات ضرورة واستجابة لمطالب كل اللبنانيين، لأن حكومة بهذه المواصفات من شأنها إعادة ترميم جسور الثقة بين السلطة والشعب". وفي تعليق منه على إعلان كل الكتل استعدادها تسهيل مهمة التأليف، أشار الجسر إلى أنه "من اللافت أن ما كان حرامًا على الحريري بات حلالًا للرئيس المكلف".
وكان ممثل الحزب في الحكومة المستقيلة الوزير محمد فنيش قال في احتفال في الجنوب إن "الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، وعليه، فإننا ندعو إلى مشاركة واسعة من قبل الجميع، وأن يكون هناك مد يد العون للرئيس المكلف، لأنه لا بديل عن تشكيل حكومة، وبالتالي فإن أي مطلب مهما كان محقًا، لا يمكن أن يحقق أو يعالج إن لم تكن هناك سلطة ومؤسسات تعمل". ورأى أن "أولى الخطوات على طريق المعالجة تكون بتكوين السلطة من خلال تشكيل حكومة تحظى بالتعاون، ويكون لها برنامجها الإنمائي والاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي".
وتحدث كذلك نائب رئيس الحكومة المستقيلة غسان حاصباني عن شكل الحكومة المقبلة، مشيرًا في حديث إذاعي إلى أنه "حتى اليوم، موضوع الاستقلالية والاختصاصية هو السائد، وسيتضح الأمر بعد الكلام عن الأسماء". وأضاف أن "الرئيس المكلف حسان دياب يقوم بعمله بجوجلة أفكار وأسماء وحلول للحكومة ويستمع للجميع كما يجب لبلورة مسودة وطرحها"، لافتًا إلى "رغبة من بعض الفرقاء في التأثير بالحكومة".
وشدد على أن "المرحلة دقيقة وتتطلب قرارات صعبة، وإذا كانت الأحزاب السياسية موجودة في الحكومة، فلن تستطيع القيام بالإصلاحات المطلوبة والسريعة". وقال: "المطلوب أن تكون الثقة بالنهج والممارسة وليس بالأشخاص. استعادة الثقة تبدأ بالعمل الشفاف وبتصرف جديد وتطبيق الإجراءات".
قد يهمك ايضا
الحراك الشعبي اللبناني يُوجه دعوات للتظاهر من أجل حكومة إصلاح اقتصادي
لبنان رئيس وزراء جديد أمام مشكلات اقتصادية مستعصية
أرسل تعليقك