اعترف فنانون إماراتيون أنهم عانوا من تلبس الشخصيات التي يجسدونها مسرحياً ودرامياً، مؤكدين أنهم عجزوا في بعض الأحيان عن خلق مسافة آمنة بين حياتهم الواقعية والدور الذي يؤدونه خاصة إن كان الدور عميقاً أو ثقيلاً على النفس، ما يؤدي إلى خلق مشاكل نفسية.وأكدوا أن هناك اعتقاداً خاطئاً يتمثل في أن ثنائية الممثل والدور بسيطة، لكنها ليست كذلك، مشيرين إلى أن التداخل بينهما كبير ومعقد، فالتمثيل يتيح فرصة أن يكون الممثل شخصاً آخر، بتصرفاته وانفعالاته وعواطفه وأفكاره، ما يؤدي إلى فصله عن واقعه وحياته الكلية سواء بشكل جزئي مؤقت أو بشكل كليّ ذي أمد طويل وآثار عميقة قد تكون سلبية في كثير من الأحيان.
ولفتوا إلى أنهم يعيشون تفاصيل دقيقة مع الشخصية التي يجسدونها مسرحياً أو درامياً، ويتخيلونها وكأنها حقيقة، ما يتطلب منهم جهداً كبيراً في اقتباس سلوكياتها وشكلها الخارجي والداخلي، وينعكس سلباً على سلوكياتهم الحقيقية، مرجعين عدم قدرتهم على الفصل بين الشخصية الدرامية والحقيقية إلى غياب معهد للفنون المسرحية والتمثيلية في الإمارات، يدرب الممثلين على مدارس التقمص وطرق التخلص من الشخصيات.
تقمص واندماج
قال الفنان الإماراتي عبدالله صالح إن هناك اختلافاً في تقمص الشخصيات ما بين المسرح والتلفزيون، إذ إن الشخصية المسرحية بالنسبة له صعبة جداً لأنه ينتهج منهج قسطنطين ستانيسلافسكي، وهو التقمص والاندماج ويأخذ فترة من الزمن قبل وبعد الانتهاء من أداء الشخصية، مبيناً أن التقمص في الدراما سهل وآني ولا يتعرض فيه الفنان لإرهاق التقمص مثل الشخصية المسرحية.
وعن الشخصيات المسرحية التي أرهقه تقمصها وعاشت معه فترة طويلة، ذكر أنها كانت في مسرحية «الملا» التي جسد فيها دور عامل البناء «بوناصر»، وكذلك شخصية التاجر بو عبدالرحمن في مسرحية «باب البراحة»، إذ إن هذه الشخصيات عاشت معه لفترة طويلة، وظهرت بشكل عفوي في أعمال أخرى قدمها دون أن ينتبه، لكن زملاءه في المسرح نبهوه بأنه ما زال في جلباب شخصية من هذه الشخصيات.
سلوكيات الشر
لا يعاني الفنان الإماراتي أحمد مال الله كثيراً من هذه المشكلة لأن أعماله الدرامية قليلة لذلك كان لديه وقت كبير للخروج من ثوب الشخصيات التي قدمها في أعماله.وأضاف: أنه في بداية مسيرته كان يعاني كثيراً من أجل التخلص من سلوكيات الشخصيات التي جسدها لأنها مختلفة تماماً عن شخصيته وفيها الكثير من الشر، كما أن طريقة الكلام والألفاظ التصقت به لفترات طويلة، وتمكن بعد فترة من التمارين والبروفات المسرحية من السيطرة عليها وإبعادها عن شخصيته الحقيقية.
وأضاف مال الله أن عدم وجود معهد للفنون المسرحية والتمثيلية في الإمارات يضع الفنان في مأزق في مثل هذه المواقف، لعدم درايته بآلية مدارس التقمص وطرق التخلص من الشخصيات، موضحاً أن الفنان الإماراتي يعتمد على خبرات الفنانين الإماراتيين المخضرمين الذي يقدمون النصائح للشباب لتعلم أسس التخلص من تقمص الشخصيات.
ضياع البدايات
فيما أكد الفنان الإماراتي بدر الحكمي أنه تعلم في المسرح عبر الدورات والورش على يد المخرجين الإماراتيين آلية التعامل مع تقمص الشخصيات التي يجسدها، إذ كان في بداية المشوار الفني يشعر بالضياع لأن تلك الشخوص أثرت على حياته الشخصية وتعمقت في عقله.وذكر أنه تعلم أن يتعامل مع الشخصية التي يتقمصها كمعطف يرتديه أثناء التمثيل وفور الخروج من العرض أو من أمام الكاميرا يتخلص منه فوراً.
مهارة مكتسبة
ووصفت الفنانة الإماراتية بدور محمد الشخصيات التي تتقمصها في أعمالها المسرحية، بالبيضة التي تخترق الجدار الأبيض، لكنها لا تسمح لهذه الشخصية بأن تصل إلى نواة البيضة الصفراء كي لا تؤذي نفسها، مشيرة إلى أن هذه المهارة اكتسبتها من خبرتها في المجال الفني الأمر الذي جنبها مشاكل نفسية يعاني منها البعض نتيجة تقمص الأدوار.
فيما أوضحت الفنانة الإماراتية ريم الفيصل أنه من الطبيعي أن يتأثر الفنان بالشخصيات التي يقدمها في أعماله المسرحية والدرامية، ولكنها تمتلك طريقة للخروج من الشخصيات عبر كتاب يحمل اسم «السلام الداخلي»، الذي ساعدها على تعلم مهارات العودة لشخصيتها الحقيقية بعد الانتهاء من تأدية عمل فني، مبينة أن الفترة الزمنية التي تحتاجها للعودة إلى طبيعتها لا تتجاوز الأسبوع.
قد يهمك أيضًا:
فنانون إماراتيون في "بورتسودان" لدوافع إنسانية
"الحلم" عرض مسرحي يستعرض مسيرة الفنّان محمود ياسين لتأبينه
أرسل تعليقك