الرياض - صوت الإمارات
تُشكل مساجد الطائف الأثرية بعمارتها الإسلامية العريقة، مشهداً مهماً من التكوين الحضاري للمحافظة منذ أمد بعيد، فأدوارها لا تقتصر على أداء العبادات فحسب، بل باتت منهلاً للعلوم الشرعية واللغة العربية، ومصدراً منيراً للإشعاع المعرفي.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ لهذه المساجد البالغ عددها 25، منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف؛ خصوصاً أنها كانت محطّات للحجّاج والمُعتمرين العابرين إلى بيت الله الحرام من الطائف إلى مكة المكرّمة، إضافة إلى تاريخها الإسلامي العريق، والإبداع المعماري الذي عاصر حضارات عدّة.
تتركّز 10 من هذه المساجد العريقة في المنطقة التاريخية بسوق البلد، أو كما يُطلَق عليها «البلدة القديمة» في محافظة الطائف؛ تحيط بها المحال التراثية والساحات والميادين التي تحتفظ بمخزون هائل من الموروث الثقافي والاجتماعي. ويجد الصائم خلال ليالي رمضان طعماً مختلفاً في إقامة صلاة التراويح في هذه المساجد الشهيرة بتميُّزها بوصفها شواهد تاريخية.
تروي أماكن احتضان المساجد قصصَ التاريخ والناس الذين عاشوا فيها؛ فالحارات القديمة، منها السليمانية وحارة فوق وأسفل، يطوّقها سور الطائف القديم ببواباته الثلاث «الريع والعباس والحزم»، حيث تنامت فيها المجتمعات من مختلف الأجناس، واحتضنت في جوفها المباني العابرة عبر السنوات في محيط قرية الهضبة القديمة، التي لا تزال مُحمَّلة بعبق الماضي وشذى الذكرى الفوَّاحة في أرجاء المكان.
ولا تزال بعض هذه المساجد شاهد عيان على عصور مضت، ترسَّخت ملامحها في مخيّلة الزائر؛ بروعة جدرانها العتيقة المبنية من الحجر، والتفاصيل المُغايرة لكل مئذنة، فمنها ما اتّخذ شكل المربعة، ومنها الحلزونية، والأسطوانية، أو هندسية الأضلاع اللافتة للأنظار.
وعلى سبيل المثال، أُنشئ مسجد الهادي نحو عام 1050 للهجرة، حيث هُدِم وبُني بأحدث الطرق المعمارية الحديثة في العهد السعودي الزاهر، وتُزيّنه القباب السداسية التي تنسدل منها أشعة الشمس؛ وتشمل بإضاءتها أرجاء زواياه. كما يتربّع مسجد الكوع على سفح جبل أبي زبيدة، ويحكي عن طبيعة جغرافيا المنطقة الجبلية، بوجود صخرة كبيرة بركنه من الداخل، حيث يقع المسجد في المثناة من الجهة الشمالية، وهي قرية صغيرة فيها بساتين ومزارع تحيط بها من كل جانب على امتداد وادي وج، الذي تنحدّر منه العيون الجارية الساقية للبساتين العامرة بأشجار العنب والرمان والحماط والورد الطائفي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك