الكاتب محمد خميس يقدم فانتازيا مغرقة في العبثية والضحك
آخر تحديث 22:58:45 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة" نص يراوغ القارئ

الكاتب محمد خميس يقدم فانتازيا مغرقة في العبثية والضحك

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الكاتب محمد خميس يقدم فانتازيا مغرقة في العبثية والضحك

روايته الجديدة "لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة"
دبي ـ جمال أبو سمرا

يقدم الكاتب محمد خميِس في روايته الجديدة "لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة"، نموذجاً مختلفاً عن السائد والمألوف في السرديات الإماراتية والعربية الكلاسيكية أو المعاصرة . ويمكن اعتبارها مغامرة روائية تجريبية بامتياز، إذ لا ينحصر وجه الاختلاف أو المغايرة على المستوى الفني، سواء لجهة أسلوب السرد وتكنيك التداعي والحبكة الأدبية، أو لجهة تعددية الأصوات الروائية وبناء الشخصيات في اللعبة الروائية وتطورها بما يتماهى مع الوقائع أو الأحداث، إنما يتعداها إلى شكل الحكاية، التي تبدو في سياق النص، وكأنها حكاية فانتازية تتمظهر بالوقوف على التخوم ما بين الخيال والواقع، بالحدود الصارمة التي تستجيب للشرط الأول في الفن الروائي .
 ولكنها في الحقيقة هي حكاية فانتازية مغرقة برومانسيتها التخييلية وتداعياتها المبسطة التي تقارب السذاجة ببراءتها، وتلامس مسرح العبث بهذيانها، أو الكوميديا الباكية الضحوك بسوداويتها، وفي الوقت عينه، هي حكاية مثقلة بالرموز والدلالات والإشارات الكاشفة، المتوهجة، الساطعة، التي تحيل الذهن إلى الواقع بمنتهى الصدق العاري، الذي لا يقبل التأويل أو التضليل، بل تحيله إلى قلب الواقع كما هو بكل فجاجته وقسوته، بكل مرارته وإخفاقاته وبكل انكساراته وارتداداته، ما يصفع الوعي ويعيده إلى مواجهة الحقيقة المؤلمة، التي تهز الناموس وتجرح الوجدان وتغور عميقاً في الذات، عندما تصبح الذات وحيدةً بمواجهة خيباتها وإحباطاتها من دون أدنى رتوش أو تزييف .
تقوم اللعبة الروائية في النص على مجموعة من المخاتلات أو المراوغات الفنية الشائقة، تجعله يبدو وكأنه مكتوب ب "طلقة نفس واحدة"، - إن صح التعبير - رواها حكواتي واحد، متمرس بالحكي، بل محترف بفنون الروي أو السرد، راوٍ متمكن من ضبط إيقاع الكلام أو نبرات الحكي، التي تصعد بالأحداث إلى قمة الذروة حيناً، وتنحدر بها إلى حافة الهاوية حيناً آخر، وفي الوقت نفسه يتمكن من ضبط إيقاع التلقي الذي يفرض على القارئ اللهاث وراء السر أو ما يمكن أن نسميه "شيفرة النص" . ما يُحتم قراءة النص ب "طلقة نفس واحدة" . فعلى المستوى الزماني - بالنسبة إلى وقائع أو مجريات الأحداث وعصر الشخصيات - يفاجئنا الكاتب بزمن أكثر من واقعي، بل هو يعاش في العصر الراهن لحظة بلحظة، وربما يسكن الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه والغذاء الذي نقتات به .
أما على المستوى المكاني فيُصر الكاتب في تصديره للنص على أن "كل وقائع، وشخصيات، وأسماء المناطق، والبلدان في هذه القصة حقيقية" . وبالمقابل يُصِر الراوي (البطل) منذ الصفحة الأولى على أنه مكان افتراضي متخيل، ولكنه يمكن أن يكون مدركاً ومحسوساً، وربما ملموس بكل حيثياته أو تفاصيله من دون أدنى لَبْس . حسبما يقول الراوي: "أدعى إبراهيم مطر، أنتمي إلى مملكة جزيرة الروضة، وهي إحدى ممالك الجزر الأربع، تقع في خليج عمان، لها جسر يربطها بدولة الإمارات العربية المتحدة، وآخر بسلطنة عمان، ونفق بحري طويل يربطها بكل من قطر والبحرين . ترتيبي السابع بين أحد عشر أخاً، سبعة أولاد وأربع بنات" .
وكذلك الأمر بخصوص مسألة البناء الدرامي للشخصيات، التي يفترض أن تتدرج في الرواية، بما يتناسب مع تصاعد الأحداث وتشابك المواقف في سياقاتها الصراعية أو القدرية، فنجد أن الكاتب يلجأ إلى أسلوب غير معهود في الفن الروائي، حيث يَتقصد منذ الصفحة الثانية بالنص، تقديم رسم محدد وتعريف دقيق لمعظم شخصيات الرواية الرئيسية، الذين هم أسرة البطل، (باستثناء أحمد ووالده وسيف ووالده وحصة) . فالشقيق الأكبر محمد "كان أبينا الصغير، مسؤولنا الرؤوف، عمنا الكريم"، يليه سالم "إخونجي"، بينما عبدالله ليبرالي، وهما على طرفي نقيض طالما التقيا، والرابع في قائمة الأخوة، إبراهيم مطر (البطل - الراوي) هو "خلطة" من الجُبن والنذالة والأنانية المعجونة بالرومانسية والشفافية المرهفة، بنكهات إنسانية تتلاطم فيها المواقف الأخلاقية بين مد وجزر دائمين . أما غانم فاستقل بزوجته وانبتر عن الأسرة، وحميد فهو مبتلى بلوثة عقلية . في حين أن وليد آخر العنقود كان يعيش حياة مختلفة بسبب صداقته مع أحد أبناء أعيان المملكة، وعندما اختطف الموت صديقه الميسور، ضربته الكآبة واتجه إلى المخدرات التي لم يصح منها إلا بالحرب . أما البنات ياسمين ونادين ورقية وخولة فهن متساويات بالتهميش والاستلاب في المجتمع البطريركي، ومع ذلك لكل منهن شخصية متفاوتة عن الأخرى لجهة التعبير عن ذواتهن واختياراتهن، ما إن لاحت لهن بارقة حرية لذلك شاركن بالعمل والحب والزواج والمقاومة بمقدار تمايزاتهن، وواجهن أقدارهن بشجاعة لا تقل بطولة عن الرجال، حتى نادين التي سبق وأرغمت على الزواج من رجل يكبرها بعشرين عاماً، لأنه "مريّش"، أو لأن "المستقبل معه مضمون"، من دون نأمة امتعاض أو رفض واحتجاج، إلا أنها رفضت الهرب والالتحاق بالزوج، وقامت بدورها الوطني واستشهدت كما يليق بالأبطال .
أيضاً من جملة المخاتلات الفنية الماكرة، التي يلجأ إليها الكاتب، ويمارسها بحذاقة تنطوي على قدر كبير من الإقناع، ما يتعلق منها بأسلوب السرد، الذي بدى متدفقاً بعفوية متناهية، بحيث يبدو الراوي، وكأنه يستميت بصدقه وسرده، الذي لم يقطعه سوى الأيمان المغلّظة، التي يقطعها للمتلقي، بأن كل ما يرويه هو الصدق الخالص، والحقيقة التي لا يداخلها شك من أمامها أو من ورائها، حتى في أكثر لحظات السرد فانتازية، وبعداً عن الواقع، أو في تشديده بأن ما يهمه من القصة، هو انتم، و"سوف أطلعكم في البداية كيف أتتني فكرة كتابة هذه الرواية، لن أسميها رواية، حتى لا تدرجوني ضمن أولئك النخبة، ولن أخاطبكم بلغة فوقية، هي قصة لكم أنتم، وأتمنى ألا تقرأها النخبة، بل أتمنى أن يرموها في سلة المهملات، ويتجاهلوها، ويتكبرون عليها كعادتهم، أتمنى أن تقتلهم ركاكتها، ويصيبهم الملل من وقع أحداثها، لا يهمونني، من يهمني هو أنتم ولا أحد سواكم" . وهي مخاتلة بارعة تنطوي على بعدين من الاستدراج والتشويق:
- البعد الأول يستدرج المتلقي لمشاركة الراوي غضبه، وضيقه بالحقيقة التي تفقأ العيون، ومع ذلك تصر النخبة على تجاهلها وعدم رؤيتها . لذلك تستثنيها الكتابة، أو السرد، من التلقي، وتنحاز إلى البسطاء من الناس العاديين .
- البعد الثاني يستدرج المتلقي لغواية السرد وفتنة البساطة، إذ عندما تعلن الكتابة انحيازها للأغلبية من البسطاء والعاديين من الناس، فهذا يستدعي انحيازهم التلقائي لها والانغماس بلعبتها أو الانقياد مع موجتها . ما يجعل الكتابة أو السرد أقرب من حديث المجالس، الذي غالباً ما يتميز بالدفء والحميمية .
ولكن من ضمن المخاتلات الفنية التي أصابت أهدافها التجريبية بمهارة عالية في كل مراميها السردية والأسلوبية والبنائية والشكلية، لا بد من الإشارة إلى إخفاقها عندما تَقَصدَت "مطحنة اللغة" بسياق ما سميناه انحياز الكتابة للناس العاديين، ولم يكن ذلك مبرراً أو مفهوماً على الإطلاق، ولا يجوز أن يكون بأي حال من الأحوال تهشيم اللغة أمراً مقبولاً تحت أي مرمى، وهذا ما أصاب لغة السرد بمقتل، وجعل وهجها التجريبي يخفت قليلاً .
تنفتح الرواية على مسارات متعددة، تتقاطع فيها الأقدار الفائقة بغرائبية تستعصي على التصور، بحيث تصل الأحداث في بعض المواقف إلى ما يتجاوز حدود المنطق، وخاصة عندما يُقدِم الابن على قتل الأب، بعدما ظن أنه يتعامل مع الاحتلال، لأنه شاهده يتلقى مظروفاً من أحد الضباط الأجانب ويعطيه بدوره مظروفاً آخر، وقطع الشك باليقين بعد أن داهمت قوة للإحتلال بقيادة الضابط بهرام، الذي كان والده يحذرهم منه، واعتقلت نواة المقاومة بما فيها البنات، وأخذت تسأل عن البطل إبراهيم مطر بالاسم، بحثاً عن أبي سيف الذي لا يعرف مكانه أحد سوى الابن القاتل والأب القتيل وإبراهيم المطلوب وشقيقه سالم، ليكتشف لاحقاً أن والده كان يشتري المعلومات من هذا الضابط، وأن العميل هو سالم "الإخوانجي"، الذي تلاقى مشروعه الإسلاموي مع المحتل لإقامة دولة الخلافة، ففشى لهم بالسر . ومع ذلك تبقى المفارقات على قسوتها ولا عقلانيتها مقبولة في سياق عرض تداعيات ومفاجآت الحرب، التي من طبيعتها تحطيم نواميس المنطق والعقل . وهي مفارقات دفع بها الكاتب إلى ذرى من الغرائبية والتشويق والإثارة المفرطة، تتمازج فيها العواطف الشخصية بالانتماء الوطني، مع النزعات الإنسانية، بخيرها وشرها، بقوتها وضعفها، في صراع عنيف لا يخلو من الصدمات التي تثير الدهشة والمتعة في آن واحد .

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتب محمد خميس يقدم فانتازيا مغرقة في العبثية والضحك الكاتب محمد خميس يقدم فانتازيا مغرقة في العبثية والضحك



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 05:46 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

كاندي كراش تربح شركة "كينج" 1.33 مليار دولار

GMT 17:52 2014 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

منع بيع لعبة فيديو عنيفة ومثيرة للجدل في أستراليا

GMT 19:29 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

منتجع أليلا مكان مميز في بلدة Payangan

GMT 03:28 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

أنواع الكورتيزون المستخدم لعلاج تساقط الشعر والثعلبة

GMT 23:50 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أحدث أجهزة ألعاب الفيديو قريبًا في الأسواق

GMT 16:43 2016 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

حالة الطقس المتوقعة الثلاثاء في مدينة الرياض

GMT 23:13 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"زهر" رواية للراحل جمال أبو جهجاه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates