القاهرة ـ أـ ش ـ أ
أكد محمد عبد العزيز مدير مشروع القاهرة التاريخية ان مسئولية حماية الاثار والحفاظ عليها تقع على عاتق المصريين جميعا خاصة أن مصر تمتلك اكبر تراث عالمي للحضارة، مشيرا الى ضرورة تضافر كافة الجهود فى الدولة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى للحفاظ على هذا التراث العريق.
وأشار الى أن وزارة الاثار تبذل جهودا حثيثا لاستكمال مشروع تطوير القاهرة التاريخية ولكن قلة الموارد والانفلات الامنى هما العائق الرئيسى لتلك الجهود خاصة فى ظل الاوضاع غير المستقرة للبلاد وانخفاض حركة السياحة ، مؤكدا أن التعديات على الاثار موجود منذ سنوات ، ولكن يتم حاليا التركيز على السلبيات فقط دون الاشارة الى الايجابيات والجهود المبذولة والتى تساهم فى تحفيز العاملين على استكمال ومواصلة العمل للحفاظ على تاريخنا العريق.
وقال مدير المشروع - فى حديث خاص لوكالة انباء الشرق الاوسط اليوم – إنه يجرى حاليا دراسة استغلال مجموعة الوكالات والبالغ عددها 33 وكالة فى منطقة القاهرة التاريخية فى تحويلها الى فنادق تراثية وليست سياحية حيث سيتم انشاء بازارات للحرف التقليدية فى الدور الارضى للاستفادة منها سياحيا واقتصاديا وفى ذات الوقت يتم عمل مبيت للاجانب والمصريين من عشاق الاقامة فى المناطق التاريخية، مشيرا الى ان تلك النماذج منتشرة فى العديد من الدول لبنان ، تركيا ، المغرب وتونس.
وأكد عبدالعزيز أن تلك الفكرة عند تطبيقها ستدر دخلا اقتصايا يساهم فى تنمية موارد وزارة الاثار ، موضحا انها تأتى فى لإطار استراتيجية مشروع تطوير القاهرة التاريخية بهدف استغلال بعض المقار الاثرية بوظائف تتناسب بالفعل مع الطبيعة التي انشئت من اجلها خاصة وانه كان يتم قديما استغلال الدور الارضى للوكالات كمحال لبيع التجارة القادمة من اليمن والشام ، وتستغل الادوار العلوية كمسكن للتجار وعائلاتهم.
وقال إنه تم الانتهاء من ترميم 76 اثرا ضمن مشروع ترميم القاهرة التاريخية منذ بداية المشروع فى عام 1999 وحتى الان والذى يتضمن ترميم 143 اثرا ، مشيرا الى انه فى الوقت الحالى جارى ترميم 12 اثرا ، و انه تم الانتهاء من الدراسات الاستشارية ل 26 اثرا وجارى طرحها الفترة القادمة ،وبذلك يتبقى العمل فى 29 اثرا تاريخيا فقط.
وأضاف أنه لا يوجد جدول زمنى محدد للانتهاء من ترميم كافة الاثار المدرجة ضمن المشروع فالمستجدات الطارئة التى تواجه العمل " التعديات ، المخلفات ، المخاطر الطبيعية " هى التى تفرض العمل خاصة وان ترميم الاثار وصيانتها له طبيعة خاصة حيث يحتاج المتخصصون الى الوقت الكاف للانتهاء بحرفية من جميع تلك الاعمال، مشيرا الى ان الميزانية التى تم رصدها للمشروع منذ بدايته كانت 800 مليون جنيه على 4 مراحل ولكن مع مرور الوقت ارتفعت تلك التكلفة وزادت.
وأكد محمد عبد العزيز ان العمل فى المشروع جارى ولكن ببطء عن فترة ماقبل ثورة يناير ، مرجعا ذلك الى الظروف السيئة التى مرت ومازالت تمر بها البلاد من عدم استقرار والانفلات الامنى والاخلاقى بالاضافة الى عجز الموارد نتيجة وضع السياحة والذى اثر بشكل مباشر على الاثار .
وأوضح انه فى اعقاب ثورة يناير 2011 و فى اطار الانفلات الامنى الذى شهدته البلاد تم تدمير المرحلة الاولى من شارع المعز بالكامل من أرضيات وواجهات وسرقة الكشفاات الكهربائية المتخصصة التى وضعتها شركة الاقهرة للصوت والضوء كما تم التخريب المتعمد للبوابات الالكترونية للشارع بسكب ماء النار عليها.
واضاف انه تم البدء فى تنفيذ مشروع لرفع كفاءة شارع المعز كنموذج لباقى المناطق ضمن مشروع القاهرة التاريخية وتم الانتهاء من 70 % من الاعمال الاعتيادية ، وستقوم شركة مصر للصوت والضوء الاسبوع القادم باعادة تركيب كشافات الاضاءة بالاضافة الى اعادة البوابات الالكترونية ، والاستعداد لغلق شارع المعز مرة اخرى امام حركة السيارات ليصبح اكبر متحف مفتوح للاثار الاسلامية فى العالم.
واشار الى انه جارى العمل فى المرحلة الثانية من تطوير شارع المعز ، من مجموعة قلاوون إلى باب زويلة ، ومن المقرر الانتهاء منها خلال 6 شهور بالتوازى مع مشروع تطوير شارع الجمالية ليكون على نفس مستوى شارع المعز كمقصد سياحي، مؤكدا اهتمام الدكتور محمد ابراهيم وزير الدولة لشئون لاثار بمشروع القاهرة التارخية ورفع كفاءة شارع المعز ومن المقرر ان يعقد خلال الفترة القادمة مؤتمرا صحفيا عالميا للاعلان عن آخر تطورات المشروع.
وحول المشاكل التى تواجه مشروع تطوير القاهرة التاريخية ، أكد محمد عبد العزيز ان السبب الرئيسى هو قلة التمويل و الانفلات الامنى والاخلاقى فى البلاد والذى يعوق سير العمل فى المشروع ووقف التعديات ومنعها، موضحا ان الاثار بشكل عام تحتاج الى وضعها على قائمة اولويات الدولة خاصة أن مصر تتميز بحجم ضخم من الاثار لا حصر لها ولكن قلة الموارد لا تمكنا من الحفاظ عليها بالشكل المطلوب والملائم لها.
وقال إن المادة 30 من قانون حماية الاثار تنص على ان الملكيات الخاصة التى تمتلكها وزارات اخرى غير المجلس الاعلى للاثار مثل المساجد التاريخية التى تتبع وزارة الاوقاف ، تتكلف هى اعمال الترميم، وبسبب الظروف التى تمر بها البلاد وقلة الموارد لا يتم رصد التمويل اللازم لترميم والحفاظ على تلك المساجد التاريخية، مشيرا الى ان وزير الاثار نجح خلال الفترة الماضية فى رصد 30 مليون جنيه من وزارة الاوقاف لترميم بعض الاثار الاسلامية.
وحول مشكلة المياه الجوفية التى تشكل خطرا على بعض الاثار الاسلامية، أوضح محمد عبد العزيز أن المياه الجوفية مشكلة لا يوجد لها حل فتربة القاهرة على بحر من المياه الجوفية ويرجع اصلها لمشكلة الصرف فى منطقة منشية ناصر والمقطم والتى تتسرب للتربة وتصل القاهرة .. مضيفا أن الحل الوحيد للتغلب على تلك المشكلة هو تنفيذ مشروعات لتخفيض المياه الجوفية ، حيث لا ينفع عمليا سحب المياه من تحت الاساسات لتأثيرها السلبى على الاثر وتشكل خطورة عليه.
واكد انه تم الانتهاء من اجراء دراسات لجميع المناطق الاثرية الموجود بها مياه جوفية ولكن بسبب ان تلك المشروعات تتكلف ملايين الجنيهات فنحن فى انتظار التنفيذ بسبب قلة الموارد.
وشدد مدير المشروع على ان مسئولية حماية الاثار والحفاظ عليها وتطويرها تقع على جميع الجهات فى الدولة وليس وزارة الاثار فقط، موضحا انه طبقا للقانون ، فإن الاثرى او مفتش الاثار له حدود فى التعامل مع التعديات التى تتعرض لها الاثار حيث يقوم بالمتابعة الدورية ورصد التعديات والمخالفات ثم يقوم بالاجراءات اللازمة طبقا للقانون نحو ازالة هذه المخالفات بعمل محضر فى القسم المختص وابلاغ شرطة السياحة والاثار او الامن العام.
واضاف انه عقب ذلك يتم رفع واقعة التعدى للسلطة المختصة ثم عرضه للجنة الدائمة بالوزارة والتى تقوم بدورها بإصدار قرار ازالة للتعدى او المخالفة على اراضى او مبانى اثرية وهنا يقف دور الاثرى ، ويخرج القرار متضمنا مخاطبة جهات التنفيذ " المحافظ ، الحى ، الامن العام أو شرطة السياحة والاثار" ثم يتم التنسيق معهم وتحديد ميعاد للتنفيذ وهنا يأتى رد الامن بعدم التنفيذ مراعاة للوضع الامنى للمنطقة .
واكد أن بعض الحالات التى تدخل فيها الاثريين للعمل غير المنوط بهم والتعامل مع المعتدين أو البلطجية مباشرة تعرضوا للضرب و تم إطلاق النار عليهم ، موضحا ان خريج كلية الاثار لم يتدرب على التعامل مع البلطجية ، كما أن هناك مشكلة تسليح افراد الامن والتى تحتاج ايضا الى موارد لاختلف نوعية السلاح عن اسلحة البطجية التى اصبحت منتشرة نتيجة للانفلات الامنى.
وبالنسبة لمشكلة القمامة التى تحاصر العديد من المواقع الاثرية والتاريخية ، اشار الى ان الاثرى ليست وظيفته التخلص من القمامة ، ولكن إيمانا من الدور الوطنى لشباب الاثريين اطلقوا حملة تبناها وزير الاثار لها برنامج زمنى محدد تهدف في المقام الأول للحفاظ على التراث الحضاري العريق للمصريين ، وقام الوزير بمخاطبة الجهات المنوط بها للمشاركة فى تلك الحملة مثل وزارة البيئة ومحافظة القاهرة واللذان استجابوا بصورة سريعة .
واضاف ان وزارة البيئة قامت بارسال 20 صندوقا للقمامة وكمامات وبعض الادوات المستخدمة فى عملية النظافة ، فيما ارسلت محافظة القاهرة مجموعة من سيارات النظافة الصغيرة التى تستطيع دخول الحوارى الضيقة لشوارع القاهرة التاريخية لرفع المخلفات، مشيدا بدور العديد من منظمات المجتمع المدنى التى تشارك فى هذا العمل الوطنى خاصة جمعيتي رسالة وصناع الحياة الى جانب بعض الشركات العاملة فى مجال الاثار مثل ادارة الطوارىء بالمقاولين العرب ، والتى تشارك فى الحملة بدون اى مقابل .
وأكد انه نظرا لان الاثار الاسلامية ذات طبيعة خاصة فهى تقع وسط المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية المرتفعة ، فتم إطلاق العديد من برامج التوعية لاهالى تلك المناطق بالتعاون مع اليونسكو ومنظمات المجتمع المدنى وتم تنفيذ مشروعين الاول لتوعية طلاب المدارس فى تلك المناطق بعنوان " المرشد الحضارى" والذى يعتمد على مجموعة من شباب الاثريين تلقى سلسلة من المحاضرات لشرح المنطقة الاثرية واهميتها لتوعيتهم بقيمتها ، وتتضمن ايضا برامج لزيارة تلك المناطق وتقديم شرح تفصيلى عن قيمتها التاريخية ، وعقد ورش عمل لتعليم التلاميذ الحرف التقليدية التى تشتهر بها تلك المناطق .
وأضاف ان المشروع الثانى للتوعية تضمن توجه بعض الاثريين للاندية الرياضية الكبرى ومراكز الشباب فى تلك المناطق لنشر التوعية بقيمة المناطق الاثرية وكيفية المحافظة عليها ، مؤكدا انه بدون مساعدة سكان تلك المناطق ورفع وعيهم لن يتم الحفاظ على تلك الاثار وستظل معرضة للتعديات.
وأكد ان بعض التعديات تحتاج لقرار صارم لايقافها ،مشيرا الى ان التعديات على الاثار الاسلامية موجودة من قبل الثورة ، لكنها زادت حاليا بسبب الانفلات الامنى ، ولا تستطيع وزارة الاثار وحدها منع التعدى لانها لا تملك القوة لبشرية التى ترصد جميع التعديات التى تحدث خلسة ليلا فى تلك المناطق.
وأشار الى انه خلال فترة توليه مسئولية مشروع تطوير القاهرة التاريخية ، الذى يعمل فيه غالبية من شباب الاثريين ، تم استحداث بعض الادارات المهمة للارتقاء بمستوى العمل فى المشروع ومنها ادارة لتدريب الاثريين ورفع كفاءتهم العلمية فى مجالى الترميم والصيانة، وادارة التطوير والتوعية البشرية ، ووحدة معلومات القاهرة التاريخية لحصر كافة المشروعات ورصدها وارشفتها لكترونيا.
وأضاف انه تم ايضا استحداث وحدة لادارة موقع القاهرة التاريخية كتراث عالمى بالتعاون مع منظمة اليونسكو ، والتى ستنتج خريطة لموقع القاهرة التاريخية، وستضع خطة لادارة الموقع ككل ، الى جانب ادارة لصيانة الاثار بعد ترميمها للحفاظ عليها.
أرسل تعليقك