دبي ـ جمال أبو سمرا
حذر خبراء عسكريون واستراتيجيون من انطلاق الحرب الإلكترونية "السيبرانية" في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على نطاق واسع من جانب التنظيمات المتطرفة، وهو ما يؤدى إلى تفاقم الخسائر في مختلف المجالات بصورة أكبر من الحرب التقليدية الحالية.
وما يعزز التحذيرات ما أظهرته نتائج استبيان أعلنته شركة رايثون أمس على هامش فعاليات "أيدكس 2015"، حيث تبين أن 72٪ من كيانات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مؤهلة للتعامل مع المخاطر المحتملة من الهجمات الإلكترونية، مقابل 28٪ فقط من الكيانات المتوفرة في المنطقة مستعدة للتعامل مع هذه المخاطر.
وشمل الاستبيان أكثر من 1000 من المديرين التنفيذيين لتقنية المعلومات والمديرين التنفيذيين لأمن المعلومات وقادة الأمن المعلوماتي عبر العالم لنحو 182 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكدوا أن نتائج هذه الحروب الكارثية خاصة للدول ذات البنى التحتية المتطورة والقائمة، والتي تعتمد في إدارة أنظمتها على الإنترنت كخدمات الطوارئ والأنظمة المالية والبنكية وشبكات الطاقة الكهربائية، وكذلك أنظمة السدود المائية أو خطوط المياه والوقود والأنظمة العسكرية وأنظمة الملاحة الجوية والبحرية والبرية، وغير ذلك من الأنظمة الحيوية. وطالب خبراء عسكريون واستراتيجيون في "أيدكس" باستراتيجية عربية موحدة لمواجهة التطرف عبر التكنولوجيا.
وأشار خبير عسكري العقيد كمال الأعور،: إن الحرب الإلكترونية "السيبرانية"، تشكل نوعاً من الاعتداء على الأفراد والجماعات والدول، وهي أخطر التهديدات الحالية، لأنها يمكن أن تؤدي إلى تعطيل كل وسائل الحياة، وأشار إلى أن الحروب المقبلة ستكون حروباً معلوماتية لأن الخطر الأكبر سيكون من الحروب السيبرانية بامتياز.
وأشار إلى أن دول الخليج تتجه لشراء كل حاجاتها من المنصات البرية والدفاعية بهدف إجراء تحديث شامل تماشياً مع التكنولوجيا الحديثة، كما تركز مشتريات هذه الدول خلال آيدكس 2015 على أنظمة المنصات البحرية والأنظمة ذات الصلة بالصواريخ والحماية الذاتية والإقبال على العربات غير الآهلة التي تعمل عن بعد أو بطريقة ذاتية بعد برمجتها. كما تحقق الهجمات الالكترونية ، التدخل في نظم مراقبة المطارات أو غيرها من شبكات النقل أو السدود أو محطات الطاقة النووية وإحداث تصادم طائرات أو تسرب سموم من مصانع كيماوية أو تعطيل بنية تحتية أو خدمات حيوية مثل شبكات الكهرباء أو المياه.
من جانبه، وصف العميد بهاء أبو شقراخبير عسكري، الحرب السيبرانية المتوقعة بالحرب اللامتماثلة حيث تقع بين دول وجماعات وأفراد مسجلة تنتمي لتنظيمات متطرفة متنوعة وتستخدم كافة الوسائل وفقاً لاختلاف سيناريوهات الحروب، مشيراً إلى الحرب التي وقعت على العراق في العام 2003 وكذلك في أفغانستان، حيث أدت التكنولوجيا المتطورة المستخدمة في تقنيات المراقبة والمعلومات إلى تحقيق نتائج كبيرة لصالح الطرف الفائز. وحول ظهور حرب عالمية جديدة خلال السنوات المقبلة، أفاد أبو شقرا بأن المدى القريب غير متوقع أن تحدث فيه مثل هذه الحرب لأنه يستفيد فيها أحد من الأطراف اللاعبة الرئيسية في تنفيذ هذه الحروب، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيدا من التدخلات الأجنبية في المنطقة، ويؤدي إلى تعاظم الأصوليات المسلحة الموجودة، وطالب بتحديد استراتيجية عربية موحدة لمقارعة ومقاتلة الجماعات المسلحة وفق منظومة معلوماتية متطورة.
وأوضح تعني "الحرب السيبرانية" الهجمات على شبكات الحواسيب من خلال القيام بعمليات ضدّ أو بواسطة الحاسوب أو نظام حاسوب من خلال تدفق البيانات"، كما تستخدم هذه العمليات في جرائم يومية تعرف بعبارة "هجمات سيبرانية" وهي هجمات لاستغلال الشبكات تُنفذ لأغراض جمع معلومات غير مشروعة.
وأوضح رياض قهوجي الخبير الاستراتيجي: "إن الحرب السيبرانية جزء من الحروب المقبلة عالمياً، لافتاً إلى أن كثيرا من الدول أنشأت مطلع القرن الحالي وحدات خاصة وأقسام خاصة لسلاح الحرب السيبرانية، والتي تتعلق بالاختراقات الإلكترونية لمنظومة الأمن لدى كثير من الدول.
مشيراً إلى حادثة كوريا الشمالية وأميركا التي أثارت جدلاً كبيراً مؤخراً وإمكانية قيام أفراد قليلة مؤهلة تقنياً باختراق مؤسسات أمنية ذات قدرات عالية في أي دولة، وطالب قهوجي الجهات أصحاب القرار في مختلف الدول بتعزيز قدرات الوحدات الخاصة في مقاومة الأمن المعلوماتي والحفاظ على سرية تسليح الجيوش والقدرات العسكرية القتالية.
وتابع "تهدف عمليات الهجوم الإلكترونية إلى القيام بأمور مختلفة، مثل التسلل إلى نظام حاسوب وجمع بيانات أو تصديرها أو إتلافها أو تغييرها أو تشفيرها، أو مثل إطلاق عمليات يسيطر عليها النظام المُتَسلل إليه أو تبديلها أو التلاعب بها.
وتسعى هذه الحرب إلى إحداث أثر في "العالم الحقيقي" ويستطيع المرء من خلال التلاعب بنظم الحواسيب الداعمة على سبيل المثال أن يستخدم نظم العدو لمراقبة الحركة الجوية أو أنظمه لتدفق خطوط أنابيب النفط أو محطاته النووية.
من جانبه، أوضح سامر أبوفراج، إعلامي بمجلة دفاع 21، أن التحديات الحالية تتركز في استخدامات التكنولوجيا وتأثيراتها الخطيرة لوقف وشل حركة الحياة من خلال وقف الأنظمة التي تعمل بها هذه المؤسسات.
وأشار إلى أن الهجمات الإلكترونية تشكل خطراً داهماً على الدول، خاصة المتطورة، لأن حركة الحياة فيها ترتبط بالانترنت ومنظومة التكنولوجيا، فماذا يحدث حينما تنقطع وسائل الاتصالات سواء على الحياة الخاصة أو العامة وكذلك البنوك والمنشآت الحيوية الخاصة بالطاقة والمياه والكهرباء، إن المشهد يكون كارثياً لأن كل شيء توقف وهو ما يضاعف من تأثيرات هذه الحرب مقارنة بالحرب التقليدية التي تقتصر آثارها مناطق وقوعها.
أرسل تعليقك