دبي -صوت الإمارات
ن تجلس على الأريكة بينما تجد أسدًا يحاول افتراسك، أو أن تركب الخيل في وسط مضمار سباق الخيول، أو تبدو وكأنك تسقط من أعلى الشلال، ليست مغامرات حقيقية سهلة الخوض، لكن الرسم الثلاثي الأبعاد، الذي يُقدم في النسخة الثانية من "دبي كانفس"، يقدم هذه المشاهد التي تتلاعب بالمخيلة بين الوهم والحقيقة. هذه الرسومات التي يقدمها 30 فنانًا من 14 دولة من العالم، تحوّل المشاهد المرسومة الى ما يشبه الحقيقة، من خلال الحسابات والأبعاد الهندسية، فتوجِد لدى المتلقي دهشة التعرف إلى الوهم في الصورة من خلال الزاوية الوحيدة والصحيحة لالتقاطها.
يتوزع على ممشى "جي بي آر" أكثر من 60 عملًا لفنانين معروفين في عالم الرسم الثلاثي الأبعاد، الذين قدموا في هذه الدورة من "دبي كانفس"، التي تستمر حتى 14 مارس، مجموعة من الأعمال التي بدت مستمدة من الطبيعة، فطغت على الرسومات المشاهد المرتبطة بالشلالات أو منحدرات الثلوج، بينما يأخذنا بعضها الآخر إلى عوالم خيالية بحتة بالاعتماد على الوهم المعقد، كالكرة الحديدة، أو البالونات الهوائية. اللافت في المهرجان وجود بعض الأعمال المرسومة على الجدران والأرض، إلى جانب بعض الأعمال المطبوعة.
اختار الفنان الأرجنتيني، ادواردو ريليرو، أحلام اليقظة ليترجمها من خلال الأكريليك، وقال لـ"الإمارات اليوم" عن عمله "أحاول أن أقدم من خلال العمل أحلام اليقظة، لاسيما من خلال الطفل الذي يحلم في المدرسة، وأعتمد على تقديم التفاصيل في العمل لخلق الوهم في أبعاده". واعتبر مشاركته في "دبي كانفس" من المحطات المهمة بالنسبة إليه، مشيرًا إلى أنه يحتاج إلى ثلاثة أيام لإنجاز اللوحة التي يعمل عليها، ومؤكدًا أنه يستخدم ألوان الأكريليك، ويحرص على جعل الوهم في اللوحة التي يقدمها واضحًا بشكل يجذب المتلقي، ومنها لوحة الحصان التي قدمت في المهرجان بنسخة مطبوعة، والتي تجذب الناس لالتقاط الصور عليها.
أما الفنان الإيطالي، كوبو ليكيدو، فاختار المشاهد الطبيعية ليقدمها في المهرجان الذي يشارك فيه للمرة الثانية، مشيرًا إلى أن النسخة الثانية باتت أوسع على نطاق المشاركات، وهذا يضيف إلى الفنان، ويخلق جوًا من التبادل الإبداعي، يتيح الفرصة للتعرف إلى المواهب الجديدة.
وأوضح ليكيدو أن المهرجان يحمل فكرة مميزة، فالرسم الثلاثي الأبعاد يجذب الجمهور، وفي بداية النسخة الماضية، كان دائمًا يجيب عن أسئلة الناس، لكن اليوم بات معروفًا بشكل أكبر في دبي، وهذا جيد. ولفت الفنان الإيطالي إلى أنه يحاول من خلال الرسومات تقديم العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، ولهذا اعتمد على التراث، فيما الحاضر يمثل برج العرب، بينما جسد المستقبل من خلال العمارات الشاهقة. وأشار إلى أنه يعتمد على التصاميم التي يسهل على الناس فهمها، مشيرًا إلى أنه لا يجد اختلافًا بين الرسم الثلاثي الأبعاد أو الثنائي الأبعاد، لكن الفرق هو في الخدعة التي توجد الوهم لدى من يراها من الزاوية الصحيحة. وأوضح كيف يعمل من خلال الحسابات بشكل أساسي على ابتكار العمق في المساحة، مؤكدًا أن الرسمة التي يعمل عليها تحتوي على الكثير من التفاصيل، وتحتاج إلى أربعة ايام كي تكون جاهزة، لأن الرسومات التي تحمل الكثير من التفاصيل تحتاج إلى ما يقارب الأسبوع أحيانًا، في حين أن البسيط منها قد ينجز في ثلاثة أيام.
الفنانة الاسترالية، جيني ماك كركن، تشارك في المهرجان للمرة الأولى، وقالت عن مشاركتها "أقدم ثلاثة أعمال، الأول عبارة عن أحجية، بينما الثاني يحمل البالونات الهوائية، والتي تحمل اسم (ليونة الأحلام)، بينما الثالث هو (الصندوق السحري)، وهذه الأعمال تعتمد على الخيال بشكل أساسي". وأضافت أن "الرسم الثلاثي الأبعاد يعتمد على الخطوط العمودية التي أقيسها من زوايا معينة، وعندما تكون لدي شخصيات في الرسوم، كالتي أعمل عليها، أقوم بالتلاعب بالظل والضوء داخل الرسومات". ولفتت إلى أن خوض مجال الرسم الثلاثي الأبعاد من قبل امرأة، يحمل تحديات مختلفة عن التي قد تواجه الرجل.
وأوضحت "عندما كنت صغيرة، كنت أتعرض للكثير من المشكلات في الشارع، لكن المرأة تحمل جرأة كبيرة على المشاركة، وكنت أحصل على ردود الأفعال مباشرة من الناس، وهذا يعد محفزًا للفنان". أما علاقتها بالعمل فتتبلور من خلال العمل الذي يمتد أيامًا، موضحة أن التفاصيل في الرسم الثلاثي الأبعاد هي التي تثري العمل، ومشيرة إلى صعوبات تواجه الفنان في الرسم في الهواء الطلق، لاسيما في التعاطي مع المادة اللونية، فالأكرليك يجف بسرعة، وبالتالي على الفنان التأكد من إنجاز المساحات اللونية في وقت وجيز، لاسيما حين يبتكر درجات لونية خاصة يمزجها بنفسه. وأشارت ماك كركن إلى وجود بعض التفاصيل التي لا يمكن رسمها تحت ضوء النهار، بل في المساء، أما المشكلات الأساسية التي تتعرض لها الرسومات فهي التخريب بعد عرضها فترة طويلة جدًا، وجلوس الناس عليها كثيرًا والتقاط الصورة يشوهها بعد فترة، موضحة أنها تمضي وقتها في ابتكار اللحظات، فاللوحة ليست أكثر من لحظة.
الفنان الروسي فيليبنزو يعمل على رسمة تحمل قطتين تلعبان بالبالون، إلى جانب العمل الذي يحمل اليد التي تلامس المرآة، وكذلك عملًا للمركب الذي يمكن الجلوس عليه، موضحًا أن اختياره للأعمال يأتي من الفكرة التي تبدو مثيرة للناس، خصوصًا لجهة الوهم الذي يصاحبها. ولفت إلى أن مشاركته في المهرجان للمرة الأولى محطة مهمة له للتعرف إلى تجارب كثيرة، موضحًا أن هذا الرسم لا يعتمد على الفن فحسب، فالموهبة في الرسم لا تكفي، إذ يجب أن يكون الفنان ملمًا بتقنيات وحسابات هذا الرسم الوهمي. بينما اعتبر التحديات الأساسية التي تواجه الرسام هي الطقس، ومنها الرياح والغبار، مشيرًا إلى أنه متمكن من التعامل مع الشمس والضوء والظل، والذي يعد مشكلة لدى بعض الفنانين، ومشددًا على أن الطقس الغائم يعد الأفضل للعمل على الرسم في الهواء الطلق.
أرسل تعليقك