أكد رياضيون، يعملون في مجال الاستثمار، أهمية إطلاق وتبني أفكار خلّاقة من خارج الصندوق، تدعم كرة القدم والرياضة بشكل عام، وتجعل منها قيمة اقتصادية وشعبية، تتواكب وحجم التطور الذي تعيشه الدولة في مختلف المجالات.
وطالب الرياضيون المعنيين، في الأندية واتحاد كرة القدم، باتخاذ القرارات الرياضية المناسبة، والمبادرة لتبني أفكار تنقذ الأندية من الإفلاس، وتحوّلها إلى كيانات مربحة وفاعلة في الاقتصاد، قبل أن يأتي يوم تضطر فيه هذه الأندية إلى إغلاق أبوابها أو دمجها، بسبب الأزمات المالية المتوقعة.
واقترح الرياضيون، في حديثهم أن من الأفكار المطروحة، التي لم تطبّق حتى الآن، خصخصة الأندية، استغلال مقار الأندية في الترويج والتسويق، واتخاذ قرارات عميقة تُخرج كرة القدم من قوقعتها المفرغة.
كما أكدوا أن هناك معوقات عدة، تحول دون دخول الكيانات الاقتصادية الكبرى في شراكة جادة وحقيقية مع الأندية، لأن إدارات الأندية لم تستفد من الأصول التي تملكها، في جذب القوة الاقتصادية إليها، على النحو الذي يدرّ عليها عائدات مالية ضخمة، فضلاً عن ضعف المردود الجماهيري والإعلامي لكرة القدم، الذي وصفوه بأنه غير مُشجع بالقدر الكافي، لدخول الشركات في مجال الاقتصاد الرياضي.
«الأندية تملك الأرض الخصبة للاستثمار»
وأكد رئيس لجنة الاستثمار في نادي الشباب سابقاً، محمد مطر المري، أن الكثير من الأندية المحلية تملك الإمكانات، التي تساعدها على الاستثمار، والدخول في شراكة ناجحة مع الشركات الاقتصادية العملاقة.
وقال، إننا «لو استعرضنا مقار الأندية الإماراتية، والتي تقع في أفضل الأماكن بالدولة والمساحات التي تملكها، لتأكدنا من أن تلك الأندية تملك الأرض الخصبة للاستثمار، لكنها إلى الآن لم تنجح في هذا المجال بالشكل المطلوب».
وأضاف: «اليوم، ونحن نتطلع إلى جذب الكيانات الاقتصادية العملاقة في شراكة مع كرة القدم بشكل عام، لابد أن يبادر المسؤولون عن الرياضة بسن قوانين تدفع إلى التعمق في هذا المجال، عن طريق خصخصة الأندية، كي لا يصطدم الطرفان بلوائح تعجيزية، من شأنها أن تبقى الحال على ما هي عليه».
وأشار: «لو استعرضنا - على سبيل المثال - التجربة الكورية، سنجد أن الحكومة هناك أنشأت الأندية، وأوجدت لها المساحات والبنية التحتية الجيدة، ثم تعمقت الشراكة بين تلك الأندية والشركات الكبرى، فأصبح هناك عمل اقتصادي رياضي قوي قائم بينهما، وارتباط وصل إلى حد اقتران الأندية مع الشركات في اسم واحد».
وزاد: «ليس من المنطق أن ندعو حالياً الشركات إلى دفع 150 مليون درهم سنوياً، على أنشطة كرة القدم في كل نادٍ، دون أن نساعد تلك الشركات على ضمان عوائد ومكاسب مالية لها، خصوصاً أن المردود الجماهيري والإعلامي لكرة القدم ضعيف، ولا يوازي تلك المبالغ، وهذا ما يدفع الشركات للإحجام عن الاستثمار في الأندية».
وأوضح المري أن «العلامات التجارية الكبرى تحرص، قبل أن تضع اسمها وأموالها في أي مشروع اقتصادي، على أن تضمن نجاح المشروع ووجود عوائد لها، وهذا أساس اقتصادي أولي في عملها، إذن الدور الأكبر يقع على الأندية، التي أصبحت مطالبة بضرورة توجه الأصول التي تمتلكها إلى السوق الاقتصادية، لتحقق الطفرة المالية المطلوبة».
«المنفعة المشتركة»
وقال المدير التنفيذي لشركة النصر للاستثمار، سعيد المهيري، إن الشراكة الاقتصادية عموماً بين طرفين، قائمة على المنفعة المشتركة، لا أن يحقق طرف منفعة على حساب الآخر. مضيفاً: «ما ننادي به حالياً، هو تحقيق مصالح الأندية، دون النظر إلى مصلحة الطرف الآخر وهو الشركات، التي لن تقدم على خطوة الشراكة الفعالة والجادة، إلا إذا تمت خصخصة الأندية».
وتابع: «المسؤولية الكبرى، في إنجاح هذا التوجه، عائدة بالدرجة الأولى على الأندية، التي ينبغي عليها إيجاد المشروعات الاقتصادية الجيدة، وعرضها على الشركات للموافقة على تنفيذها، منها على سبيل المثال الأراضي العائدة ملكيتها لكل نادٍ، والتي يمكن استغلالها في مشروعات عملاقة، تدر أرباحاً مالية كبيرة للطرفين».
وأضاف: «ما يحدث حالياً أن الشركات تتعاون مع الأندية في المجال الإعلاني فقط، وتحديداً عبر استغلال قمصان الفريق الأول لكرة القدم، باعتباره الواجهة الأكثر تواصلاً مع الإعلام والجماهير، وهذا وحده لا يخلق موارد مالية تكفى لتغطية حجم الإنفاق المالي الضخم، الذي تنفقه الأندية سنوياً على أنشطتها الرياضية».
وأوضح: «علينا الاعتراف بأن تركيز معظم إدارات الأندية الإماراتية منصب، حالياً، على النشاط الرياضي أكثر من الجوانب التسويقية، وهذا أمر من وجهة نظري خطأ كبير، لابد أن يوازي النشاط الرياضي اهتمام بالجانب التسويقي، يمكّن إدارات الأندية من تأدية النشاط الرياضي بالصورة الصحيحة».
واقترح المهيري إطلاق اسم عدد من الملاعب على الشركات العملاقة المحلية، كخطوة أولى على طريق الدخول في أعمال تجارية مشتركة بينها.
وقال: «هذا التوجه سبق أن حققت فيه الشركات الإماراتية نجاحاً كبيراً، خصوصاً في إنجلترا، ومن الممكن أن نسير في هذا الاتجاه مع وفرة العديد من الملاعب في أنديتنا، والتي ستساعد بلاشك على إقناع الشركات بالتعاون المنتج للطرفين».
«استغلال الأصول الثابتة»
وأكد مدير إدارة التطوير الرياضي في مجلس دبي الرياضي، علي عمر البلوشي، أن المستقبل الرياضي - بشكل عام - سيكون أفضل عند التعاون بين الأندية، والكيانات الاقتصادية العملاقة.
وقال: «الأندية الكبرى في إنجلترا لم تتحول إلى كيانات اقتصادية كبرى، إلا بعد التعاون مع الشركات، التي ساعدتها على إيجاد مداخيل مالية، تُقدر سنوياً بملايين الدولارات، بعدما نجحت في استغلال كل ما تملكه من أصول ثابتة، لتسويقها بصورة مثالية».
وتابع: «من الممكن، اليوم، أن نبدأ بالملاعب كخطوة أولى على طريق الاستثمار، من خلال إطلاق اسم الشركات عليها، وأيضاً من خلال المجالس الرياضية، التي من الممكن أن تسهم بأشكال عدة في جذب الكيانات الاقتصادية العملاقة، لرعاية كل الأندية التي تتبعها، بما يحقق العائد الذي تنتظره تلك الشركات من العمل في الأندية».
وأشار: «الأفكار المطلوبة يجب أن تتخطى العلاقة بين الشركات والأندية، وتصل للشريحة الكبرى وهي الجماهير، ولو استطعنا أن نوجد مثل هذا العمل ستعم الفائدة على الجميع، إذ ما أعرفه أن شراكة (طيران الإمارات) مع ريال مدريد، شملت أيضاً جماهير النادي الملكي، من خلال تقديم عروض للسفر على متن الخطوط الإماراتية بأسعار مخفضة، وهذا ما جعل التعاون بين الشركة الإماراتية ونادي ريال مدريد نموذجاً عالمياً في العمل بين الأندية والشركات».
أرسل تعليقك