أبوظبي – صوت الإمارات
أكد مستأجرو محال تجارية في أبوظبي، إن ملاكًا رفعوا الإيجارات السنوية بنسب راوحت بين 30% و62.5% خلال العام الجاري، مطالبين في الوقت نفسه بقانون ينظم إيجارات الوحدات التجارية ويراعي خصوصية هذه الأماكن، ويضع ضوابط على الزيادات الإيجارية.
وذكروا أن بعض أصحاب المحال بدأوا يلجأون إلى أساليب عدة لمواجهة ارتفاع الإيجارات، منها تخفيض العمالة أو الإغلاق.
واعتبر مالكان أن الزيادات حق أصيل للمالك، كما أن هناك محال تجارية عدة زادت إيجاراتها بنسب ضئيلة طوال السنوات الماضية، فضلًا عن أن هناك ملاكًا لايزالون ملتزمين بسداد أقساط التمويل للبنوك.
وأفاد وسطاء عقاريون بأن الفترة الماضية شهدت ارتفاعات كبيرة في إيجارات المحال التجارية للخصوصية الشديدة لإيجارات هذه الوحدات، لأنه من الصعوبة أن يتركها مستأجروها، معتبرين أن استمرار زيادة إيجارات المحال يهدد بإغلاق عدد منها.
وأكد خبير عقاري رفضه الكامل لعودة التدخل الحكومي في سوق الإيجارات مرة أخرى، من خلال تحديد نسب زيادة محددة، لكنه أشار إلى أن السوق لا تحتمل مثل هذه الزيادات الكبيرة التي وصفها بغير المبررة أو غير المنطقية من بعض المُلاك.
وأوضح المدير العام لمحل هواتف متحركة في أبوظبي، محمد عادل، إن مالك المحل أبلغه، في يناير الماضي، برفع القيمة الإيجارية من 32 ألف درهم إلى 52 ألف درهم دفعة واحدة بزيادة 62.5%.
وأضاف عادل أن قيمة المتر المربع زادت من عام 2011 حتى العام الجاري بنسبة الضعف تقريبًا، إذ ارتفعت من 1500 درهم للمتر المربع الواحد إلى 2900 درهم للمتر، لافتًا إلى أن هذه الزيادة كبيرة للغاية ولا يمكن تبريرها.
وأكمل أن المالك أبلغه بأن الزيادة ترجع إلى رغبته في مساواة الإيجار الخاص بهذا المحل ببقية المحال في المنطقة نفسها، مبينًا أن هناك محال في المكان نفسه وبالمساحة ذاتها يتم تأجيرها بأقل من هذه القيمة، متسائلًا عن الجهة التي يمكنها تحديد عدالة هذه الزيادة الكبيرة من عدمها.
ولفت إلى أن بعض أصحاب المحال بدأوا يلجأون إلى أساليب عدة لمواجهة ارتفاع الإيجارات، من بينها تخفيض عدد العاملين، واضطرار البعض إلى الإغلاق، بينما لجأت قلة إلى بيع قطع تجارية المصدر باعتبارها قطعًا أصلية لتحقيق مكاسب كبيرة حتى يستطيعوا دفع الزيادات الإيجارية الكبيرة. وذكر عادل أن بعض الملاك يستغلون مسألة أن تغيير المحل التجاري أصعب بكثير من تغيير السكن، كون المحل أصبح معروفًا، ومن الصعوبة أن يذهب إلى مكان جديد.
وأوضح (م.ح) صاحب مطعم في أبوظبي، إن إيجار المطعم بلغ 300 ألف درهم عام 2014، مشيرًا إلى أن صاحب البناية التي يوجد فيها المطعم رفع الإيجار 250 ألف درهم خلال عامي 2015 و2016 بواقع 125 ألف درهم كل عام، بنسبة زيادة بلغت 41.6% ثم 29.4% على التوالي.
واتفق صاحب المطعم مع عادل في أن طبيعة القطاع السكني تختلف عن القطاع التجاري، إذ إن الانتقال في القطاع السكني أسهل كثيرًا، بينما يعلم ملاك المحال التجارية أنه من الصعوبة أن ينتقل المحل إلى مكان آخر بعد أن أصبح معروفًا ويرتاده الزبائن.
وطالب بقانون ينظم إيجارات الوحدات التجارية بصفة خاصة، يراعي خصوصية هذه الأماكن ويضع ضوابط على الزيادات الإيجارية بشكل عادل.
وذكر مدير محال لخدمات الأفراح، شادي العلاونة، إن صاحب البناية التي يستأجر فيها أحد محاله أبلغه، في فبراير الماضي، برفع الإيجار من 46 ألفًا إلى 73 ألف درهم سنويًا، بنسبة زيادة تفوق 58%، لأن المالك قرر أن يوحد إيجار المتر المربع في كل محال البناية، ليصل إلى 1600 درهم، لافتًا إلى أنه سيرضى بذلك لأنه سيضطر إلى إغلاق محل آخر بعد أن طالبه المالك برفع الإيجار من 30 ألف درهم إلى 85 ألف درهم دفعة واحدة، العام الماضي، بنسبة زيادة 183%.
وذكر أنه اضطر إلى الاستغناء عن نصف العمالة لديه، كما أنه يقوم بنفسه بعملية التركيبات تخفيضًا للنفقات، مشيرًا إلى أنه يحاول بكل السبل ألا يصل إلى مرحلة إغلاق المحل.
وطالب العلاونة بقانون عادل ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر، ويضع ضوابط لعمليات الإخلاء، ويثبت الإيجارات حتى ولو لعام واحد بعد الزيادات، ويضع حدًا أقصى للزيادات.
أما المدير المسؤول في بقالة، خليل الحصباوي، فأفاد بأن صاحب البناية التي توجد فيها البقالة أبلغه برفع الإيجار من 50 ألف درهم إلى 65 ألف درهم بنسبة زيادة بلغت 30% العام الجاري، على الرغم من أنه رفع الإيجار، العام الماضي، من 42 إلى 50 ألفًا بنسبة زيادة بلغت 19%.
وأوضح المالك، سيف محمد، إن الزيادات حق أصيل للمالك، كما أن هناك محال تجارية عديدة زادت إيجاراتها بنسب ضئيلة في حدود 5% طوال السنوات الماضية، ولذلك يصبح من الطبيعي زيادتها بنسب أكبر خلال العام الجاري.
وأفاد مالك آخر، فضل عدم ذكر اسمه، بأنه لايزال ملتزمًا بسداد أقساط الديون الخاصة بالبناية التي يملكها، معتبرًا أن رفع الإيجار يعد عادلًا قياسًا بالأعباء الملقاة عليه.
وذكر المدير العام لشركة لؤلؤة الخليج للوساطة العقارية، ناصر الحمادي، إن الفترة الماضية شهدت ارتفاعات كبيرة في إيجارات المحال التجارية في أبوظبي، نظرًا إلى الخصوصية الشديدة لإيجارات هذه الوحدات لأنه من الصعوبة أن يتركها المستأجر، فيضطر مستأجرون كثر إلى الموافقة على الزيادات، إلا أن الفترة الماضية شهدت كذلك رفضًا لهذه الزيادات، وانتقال المستأجرين إلى مبانٍ أخرى أو مناطق أخرى لعدم استطاعتهم الدفع. وأضاف الحمادي أنه لا يجب النظر إلى نسب الزيادة فقط، بل أيضًا إلى القيمة الإيجارية الأصلية، إذ تتركز بعض الزيادات الكبيرة في المحال التي يعتبر إيجارها صغيرًا.
واعتبر الوسيط العقاري، مصطفى عويضة، أن الإيجارات الخاصة بالوحدات التجارية كبيرة، ولا تراعي ظروف السوق، مطالبًا بالتدرج في الزيادات، وعدم فرض زيادات لسنوات متتالية، مشيرًا إلى أهمية وجود قانون أو تنظيم معين يراعي حقوق المستأجرين والملاك معًا وليس الملاك فقط.
وطالب الوسيط العقاري، يوسف محمد، بتدخل حكومي لوضع إطار عام للزيادات الإيجارية للمحال التجارية، معتبرًا أن استمرار مستويات إيجارات المحال في الصعود، يهدد بإغلاق عدد متزايد منها، خصوصًا التي تقدم خدمات أساسية للمستهلكين.
وأوضح المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن الفترة الحالية تشهد زيادات كبيرة في إيجارات الوحدات الاقتصادية العقارية، لافتًا إلى أن الزيادات لم تشمل فقط المحال التجارية الصغيرة والمطاعم، بل وصلت إلى المصارف والشركات، إذ بدأت مصارف خلال الفترة الماضية إغلاق عدد من الفروع وتقليل المساحات المستأجرة بعد ارتفاع الإيجارات. وأضاف مسلم أن هناك تباطؤًا أو ركودًا في بعض القطاعات بالسوق، مشيرًا إلى أن السوق لا تحتمل مثل هذه الزيادات الكبيرة، التي وصفها بغير المبررة أو غير المنطقية.
وأكد مسلم، في الوقت ذاته، رفضه الكامل لعودة التدخل الحكومي في سوق الإيجارات مرة أخرى، من خلال فرض نسب زيادة سنوية محددة، لافتًا إلى ضرورة ترك السوق للعرض والطلب لتصحح نفسها تلقائيًا، الأمر الذي يؤدي إلى بعض الصعوبات للكثيرين من المستأجرين، لكنه سيؤدي في النهاية إلى ضبط السوق.
وأبدى مسلم مخاوفه من التأثيرات السلبية في السوق، في ما يتعلق بجودة وأسعار الخدمات، من حيث ارتفاع أسعار بعض الخدمات، وهو ما حدث بالفعل، بجانب اللجوء إلى بعض الممارسات التجارية غير مشروعة في محاولة لإيجاد دخل لدفع الإيجار.