الرياض ـ صوت الإمارات
قال مسعود أحمد ، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في حوار لشبكة «سي إن إن»، إن الاقتصاد السعودي حقق خلال عام تعديلات كبيرة لم تكن تخطر ببال أكثر المراقبين، مشيرا إلى حاجة المملكة ودول الخليج إلى «عقد اجتماعي» جديد مع المواطنين، معربا عن تفاؤله حيال خطة «رؤية المملكة» مع التشديد على أهمية التنفيذ ومعالجة ملف البطالة، كما رأى أن قيادة ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان ، ضرورية لضمان الإجماع المجتمعي حول المستقبل.
وردا على سؤال حول هناك مدى حاجة السعودية ودول الخليج للمزيد من التغييرات بالإضافة لما أُعلن عنه حتى الآن قال أحمد: «بالتأكيد اللعبة لم تنته، نحن في السنة الثانية من خمس أو ست أو سبع سنوات تحتاجها عملية إجراء التعديلات بحسب كل الدولة، ما قامت به حكومات الخليج السنة الماضية هو التحرك بشكل ثابت ومتسارع لمحاولة السيطرة على مصروفاتها، ونتيجة لذلك فإن السعودية على وجه الخصوص انتهى بها المطاف لتسجيل عجز في الميزانية أقل مما توقعه الناس قبل ستة أشهر.»
وأضاف: «إذا اطلعنا على ميزانية الدول هذه السنة فإننا سنجد أن تلك العملية مستمرة، هناك اقتطاع في المصروفات، وتفكير بطرق لزيادة مصادر الدخل، ولكن كما قلت فإن هذه العملية ينبغي أن تستمر لعدة سنوات.»
وتابع أحمد متحدثا عمّا وصفه بـ«العقد الاجتماعي» في دول الخليج القائم على مساعدات ودعم من الحكومة للمواطنين والحاجة لتعديله قائلا: «أعتقد أن العقد تعدّل بالفعل.. الأمر المهم الآن هو وضع رؤية ذات مدى متوسط حول كيف سيكون شكل العقد الاجتماعي، الدولة لن تكون جهة التوظيف الرئيسية للمواطنين ولن تكون المزود لأشكال الدعم المتمثلة في مصادر الطاقة الرخيصة، والدعم الاجتماعي الحكومي، سيصبح دور الدولة مختلفا بالنسبة لهم، ودور القطاع الخاص سيكون مختلفا أيضا. تلك العملية لن تكون مرحلة انتقالية سهلة، لأن القطاع الخاص بدوره بحاجة لتعوّد العمل دون اعتبار الحكومة عميله الرئيسي.»
وأردف الخبير الاقتصادي الدولي: «على الناس أيضا البدء باكتساب المهارات اللازمة للانخراط في العمل لدى القطاع الخاص ومنحهم الحوافز التي تمكنهم من القيام بذلك. ويجب عليهم التنبه إلى أن الأمور التي اعتادوا الحصول عليها دون مقابل، سواء الدخل دون ضرائب، أو الطاقة الرخيصة، أو التحويلات المالية التي ينالونها، لن تظل جزءا من المعادلة كما كانت من قبل.»
وحول خطة التحول الوطني السعودية ومشاريعها الطموحة مثل توفير 1.3 مليون وظيفة خلال خمس سنوات قال أحمد: «سنعرف المزيد عن خطة التحول الوطنية السعودية والتفاصيل التي تتضمنها بعد الإعلان عنها، ولكن ما رأيناه حتى الآن عن محتوى الخطة يُظهر أنها تحمل طموحات مُلائمة تستجيب لمرحلة التحديات التي تواجه المملكة، مثل محاولة إيجاد توازن بين المصاريف والإيرادات خلال 5 سنوات عبر زيادة مصادر دخل جديدة، ومن خلال تخفيض المصروفات، هذه أمور ضخمة على كل المستويات، كما تتضمن الرؤية تحويل الاقتصاد من مجرد الاعتماد على النفط إلى نطاق فيه فرص عمل خارج النفط.»
وأضاف: «الأهداف تتوافق تماما مع ما يجب أن تكون على أرض الواقع وهي بنفس مستوى الطموحات، ولكن التنفيذ سيكون هو جوهر الخطة وخاصة تمكين القطاع الخاص من القيام بما يجب عليه القيام به، جزء من تحقيق ذلك سيكون تحديد دور القطاع العام، فأهم الأسباب التي تجذب الداخلين الجدد إلى سوق العمل نحو القطاع العام هو أن ظروف العمل والتقديمات الموجودة فيه أكثر جاذبية من القطاع الخاص.»
وطالب أحمد دولا أخرى في مجلس التعاون الخليجي بأخذ المسار نفسه قائلا: «هذا قد يشكل صدمة للبعض ولكنها الطريق التي يجب على الاقتصاد السعودي سلوكه بالتأكيد.. ولحسن الحظ السعودية لديها المصادر التي تمكنها من القيام بذلك، بعض الدول الاخرى في الخليج لديها مصادر تمكنها من إنجاز ذلك.»
وعن أهمية ملف خلق الوظائف في المملكة الآن بظل التضخم الكبير في عدد الشباب السعودي قال أحمد: «نحن أمام تحديين، الأول مالي ويتعلق بترتيب الموازنة، والثاني هو خلق فرص عمل. أرى تقدما أكثر على جانب معالجة الشق المالي والموازنة ولكن المستوى نفسه من الاهتمام مطلوب للتغيرات الخاصة بخلق الوظائف، وهذا الأمر سيكون أكثر تعقيدا لأنه يتعلق بانخراط عدة أطراف، بينها القطاع الخاصة، وكذلك وجود رغبة حقيقة للتخلص من شركات بقيت لفترة طويلة ضمن إرث القطاع العام.»