دبي ـ جمال أبو سمرا
كشف استطلاع للمؤسسة "بي دبليو سي" الشرق الأوسط حول الشركات العائلية على مستوى العالم أن النتائج العامة يشير إلى أن الشركات العائلية في المنطقة ما زالت تتمتع بالمرونة والصمود على الرغم من صعوبة الظروف الاقتصادية وتزايد الضغوط المرتبطة بنقص المهارات والحاجة للابتكار والحوكمة، حيث حققت نجاحا أكبر بشكل ملحوظ من نظيراتها في مختلف أنحاء العالم، حيث سجلت 79% منها نموا في المبيعات في السنة الماضية مقارنة بنسبة 65% على مستوى العالم .
أظهر الاستطلاع الذي شاركت فيه 44 شركة عائلية في الشرق الأوسط أنه على هذه الشركات أن تتكيف بسرعة أكبر، وأن تبادر للابتكار وإضفاء الطابع المهني على أعمالها إذا ما كانت ترغب في استمرار نجاحها، جاءت هذه النتائج في استطلاع لمؤسسة "بي دبليو سي الثاني" بعنوان عنصر العائلة: إضفاء الطابع المهني على الشركات العائلية في الشرق الأوسط، حيث يمثل التقرير الخاص بالشرق الأوسط جزءاً من استطلاع بي دبليو العالمي حول الشركات العائلية والذي شاركت فيه 400 .2 شركة في أكثر من 44 دولة .
وإلى ذلك أوضح الاستطلاع أن الشركات العائلية في الشرق الأوسط أكثر طموحا على المدى المتوسط، حيث تتطلع 40% منها لتحقيق نمو قوي في السنوات الخمس القادمة- وهذا ثاني أعلى معدل في الاستطلاع بكامله . ولفت التقرير إلى أن 98% ممن يتوقعون هذا النمو من مديري هذه الشركات يرون بأنهم على ثقة من تحقيق هذه المعدلات الجيدة للنمو .
وألمح التقرير إلى أنه على الرغم من أن الشركات العائلية في الشرق الأوسط متفائلة بشكل واضح في توقعاتها، إلا أن أحوال السوق تبقى هاجسا فعليا، حيث تشعر هذه الشركات بقلق أكبر فيما يتعلق بتأثير التشريعات الحكومية (68% في الشرق الأوسط مقارنة ب 33% عالمياً) . وهذا يمثل ارتفاعا كبيرا مقارنة باستطلاع السنة الماضية، والذي توصل إلى أن 46% فقط من الشركات العائلية في الشرق الأوسط كانت مهتمة بأثر البيئة التنظيمية .
ولفت الشريك المسؤول عن خدمات المشاريع التجارية وعملاء الشركات الخاصة في مؤسسة بي دبليو سي، فراس حداد، إن هذا التقرير هي المرة الثانية التي يتم إجراؤه على مستوى الشرق الأوسط، والمرة السابعة على مستوى العالم، وهو من أهم التقارير على مستوى العالم التي تهتم بالشركات العائلية، حيث تم إجراء الاستطلاع على 2400 شركة على مستوى العالم، منها 44 شركة في منطقة الشرق الأوسط والخليج، تتصدرها شركات إماراتية وسعودية .
وأكد حداد، ان الدراسات والبحوث التي أجرتها الشركة من قبل بالاضافة إلى هذا التقرير أشارت إلى أن الشركات العائلية في الإمارات تتمتع بنوع من الكفاءة العالية في التعامل مع معايير الحوكمة والانتقال السلس من الأجيال الأولى لهذه الشركات إلى الأجيال التي تليها، مشيرا إلى أن الاستطلاع شمل عددا من الشركات بدءا من الشركات العائلية المبتدئة مرورا بالشركات العائلية التي استمرت لأكثر من أربع أجيال، موضحاً أن هذه الشركات ولاسيما الإماراتية أثبتت كفاءة ومقدرة في التحول من جيل إلى جيل بدون أي تأثيرات سلبية في الشركة العائلية .
ولفت حداد، إلى أن الشركات العائلية في الخليج حققت زيادة في النمو في الفترة الماضية بأرقام جيدة، متوقعا أن تحافظ هذه الشركات على نسب نمو قوية خلال الخمس سنوات القادمة، حيث تقدرهذه النسبة ب 40% من إجمالي الشركات التي تم إجراء الاستطلاع عليها في منطقة الشرق الأوسط .
وأوضح حداد، أنه على الرغم من أن نتائج الاستطلاع تشير إلى أن الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط لا تزال هي المحرك للنمو المستدام في المنطقة، لكونها شركات ناجحة وطموحة ولديها الرغبة في النمو، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة فرضتها العولمة والانفتاح الاقتصادي والتطور التقني، مستشهداً في ذلك بالشركات العائلية العاملة في قطاع التجزئة وهو القطاع الذي انتقل من البيع المباشر للمستهلك إلى الوسيط الالكتروني، حيث انتقلت الكثير من تعاملات هذا القطاع إلى التعامل عبر الانترنت، وهو ما يشكل تحدياً لهذه الشركات، حيث أوضح التقرير أنه لابد لهذه الشركات من الإنفاق على الإبداع والتطوير حتى تحافظ على نسب النمو المستدام لها في المستقل .
ومن جانبه يؤكد الشريك والمسؤول عن الخدمات الاستشارية للشركات الخاصة أمين ناصر "إن الشركات العائلية في الشرق الأوسط، مثل نظيراتها في العالم، بحاجة إلى التكيف بسرعة أكبر وإضفاء المزيد من الطابع المهني على طريقة تسيير أعمالها إذا ما كانت ترغب في المحافظة على نجاحها" .
وعلى وجه الخصوص، يتعين على هذه الشركات مواجهة التحديات المتعلقة بالابتكار وخطط التعاقب والحوكمة بنفس درجة الالتزام والطاقة التي تخصصها للمبيعات وخطط النمو وإدارة أعمالها اليومية . سوف تسهم هذه العوامل كلها في إضفاء الطابع المهني على الشركات والعائلات على حد سواء .
وإلى ذلك ألمح مشاركون بالاستطلاع بأن "الشركات العائلية تفشل بشكل عام لأسباب عائلية" .
لفت التقرير إلى أن أكثر العناصر اهمية في منهجية إضفاء الطابع المهني على الشركات هو التعاقب، حيث ما زالت نسبة كبيرة من الشركات العائلية بعيدة عن إدراك أهمية هذا الموضوع الحساس . حيث أشار التقرير إلى أن 14% فقط من الشركات العائلية بالشرق الأوسط لديها خطة للتعاقب الوظيفي تمت مناقشتها وتوثيقها، غير أن هذا المعدل لايزال أقل من المتوسط العالمي البالغ 16% . لقد كان "تسليم الراية" دائما أمرا محفوفا بالمخاطر للشركة العائلية، ويجتمع العديد من العوامل في وقت واحد مما يجعل عملية التعاقب الوظيفي أكثر خطورة مما كانت عليه في أي وقت مضى .
وفي سياق التقرير ارتفع عدد المستطلعين الذين يشعرون بالقلق حيال قدرتهم على استقطاب العمالة الماهرة قد بشكل جوهري منذ استطلاع ،2010 وسوف تبقى هذه أكبر مشكلة داخلية تواجهها الشركات العائلية في الشرق الأوسط على مدار الشهور الاثني عشر القادمة . فقد أشار 34% من هذه الشركات إلى أن ذلك كان مصدر قلق رئيسياً في ،2010 وارتفعت النسبة إلى 45% في ،2012 وارتفعت حاليا إلى 64% . وهذه النسبة تعتبر أعلى بشكل ملحوظ من المتوسط العالمي البالغ 49% هذا العام .
وأوضح التقرير أن استقطاب القدرات يمثل تحديا كبيرا، حيث تتوقع 41% من الشركات العائلية بالشرق الأوسط أن تحتاج إلى تعيين الكوادر لمساعدتها على تحقيق استراتيجيات النمو الخاصة بها وتطبيق التغيرات التنظيمية . وأشار التقرير إلى أن الشركات التي تدار من خلال أجيال أصغر سنا وأكثر طموحا هي تلك التي على الأرجح تشيد بإضفاء الطابع المهني على الأعمال باعتباره هدفا وهي أكثر إدراكا للفرص والمخاطر التي تكتنف عملية الانتقال إلى التقنية الرقمية . وسوف يدرسون احتمالية وضع استراتيجية للتخارج من شركات الأسهم الخاصة .