القاهرة ـ وكالات
عن «الدار المصرية اللبنانية»، صدر للدكتور جابر عصفور، الناقد ووزير ثقافة مصر الأسبق، كتاب جديد بعنوان «دفاعا عن التراث»، ويحتوي على أربعة أبواب هي: عن القص، ناثرون ومفكرون، إضاءات وملاحظات، محاكمة ألف ليلة وليلة.يوضح عصفور في مقدمة الكتاب أشكالا وأساليب متعددة للدفاع عن التراث، وخصوصا الإبداعي والأدبي، ملمحا إلى أن «واحدة منها هي إبراز القيم المتجددة من هذا التراث الذي لا ينحصر تأثيره في عصر واحد، وإنما يجاوز عصره أو القرون الذي شهدته زمانا ومكانا إلى غيره من العصور والقرون والأمكنة التي تمتد بامتداد الإنسانية كلها».ويرى عصفور في كتابه الذي يقع في 286 صفحة، أن الجانب الإبداعي الأصيل من التراث هو الجانب الذي يغوص في أعمق أعماق زمنه الخاص، فيصل إلى الجذر الإنساني الذي يجعله قادرا على إثارة كل الأزمنة الإنسانية في كل مكان، يعرف معاني الحق والخير والجمال، ولذلك بقدر ما يتحدث نقاد الغرب عن شكسبير وعن هوميروس الذي تتجدد معاني إلياذته وأوديسته في كل العصور، رغم اختلاف آليات تلقيها في كل زمن أو بيئة أو لغة، فإننا بالقدر نفسه، يمكن أن نتحدث عن العام الذي نجده في الأصيل من الخاص في التراث الأدبي، أو في القيمة الإنسانية التي نجدها في الإبداع المحلي لهذا الشاعر الجاهلي أو ذاك، أو هذا الناثر العباسي أو غيره من أهل المنثور أو المنظوم.ويذهب عصفور إلى أن الأبعاد الوجودية التي نجدها في شعر طرفة أو الصعاليك في العصر الجاهلي تتجاوب مع أبعاد مشابهة عند شعراء عصور لاحقة، إلى أن نصل إلى أبي العلاء المعري الذي كتب ضده المتزمتون وضيقو العقول الذين هاجموه، وناصبوه العداء، ولم يكفوا عن اتهامه بالكفر، فرد عليهم بكتابه «زجر النابح». ليس هناك، كما يقول المؤلف، ما يهدد هذا التراث في وجوده أو يقوم بتشويهه في أذهان المعاصرين، ويقطع بينهم وبين تراثهم التنويري سوى المتزمتين الذين خصهم الدكتور عصفور بفصل في كتابه، ووصف دور وظيفتهم بأنه التضييق على الناس والحجر عليهم فيما أباحه الله لهم، فعند هؤلاء المتزمتين، يقول: «كل شيء حرام وضلالة وإثم ومعصية.. البسمة غير مسموح بها.. والضحكة قلة قيمة.. والهزل الذي تستجم به النفس حتى تقوى على الباطل معصية تستوجب التعنيف والتقبيح». ويهدي عصفور كتابه هذا إلى «القاضي المستنير سيد محمود يوسف» الذي لا يعرفه شخصيا، ولكنه قرأ حيثيات أحكامه الحاسمة برفض مصادرة ألف ليلة وليلة، واتهامها بالإساءة إلى الآداب العامة أربع مرات.