أيمن مِحْرِم مهندس لم تأخذه الهندسة بقوانينها الصارمة ومنطقيتها الحادة بعيداً عن روح السخرية والدعابة التي تميز كتاباته، وعمله بالهندسة لم يشغله أيضاً عن عِشقه الأبدي للكتابة الساخرة منذ بدأ في كتابة أولى قصصه الساخرة في المرحلة الإبتدائية، وبعد سنين طوال من عدم إطلاق ما يكتبه للعلن بدأ في نشر أول أعماله الساخرة بكتاب "الذين هبطوا من السماء وقعدولنا" والذي أتم كتابة معظمه منذ ثلاث سنوات.والكتاب الصادر عن دار سلامة للنشر والتوزيع عبارة عن مجموعة من المقالات الساخرة التي تنتقد السلوكيات والأخلاقيات والأوضاع السياسية والإجتماعية بصورة غير تقليدية عن طريق مزج الخيال بالواقع، وذلك بتخيل الكاتب لطفرة علمية في المستقبل سمحت لكاتب من كُتّاب جرائد ذلك العصر في سنة ٢٠٩٠ أن يتواصل مع الماضي (بالنسبة له والحاضر بالنسبة لنا الآن)، ومن العجيب أن الكتاب وكأنه يتنبأ بالمستقبل إذ نرى الآن على الساحة ما هو شديد الشبه مما هو مذكور بالكتاب.وإذا نظرنا نظرة سريعة على محتوى الكتاب نجد نقدا لاذعا لسلوكيات وأفكار بعض مُدّعي التدين سواء بسوء نية للتأثير على البسطاء أو بحسن نية عن طريق العادة فقط وتمسكهم بمفردات وأقوال وأشكال دينية ظاهرية وقيامهم في نفس الوقت بأفعال تخالف جوهر وحقيقة الدين.ثم بعد ذلك ينتقد الكاتب الحياة السياسية قبل الثورة وما فيها من إستهتار بالمواطن وعدم الإكتراث به.وهناك بعض المقالات التي تنتقد وتُشكِك في موضوعية ووطنية القادة العرب وسلوكهم المتطابق تجاه شعوبهم بما فيه من إزدراء واستخفاف وفساد. ولا ينسى الكاتب أن يُكيل للشعوب الإنتقادات الساخرة على سلبيتها تجاه المطالبة بحقوقها وعلى تدهور إخلاقيتها.وفي الختام يقوم الكاتب بسرد تعليقات قصيرة وساخرة على الأوضاع بعد الثورة بدءًا من المرحلة الإنتقالية ومروراً بالتيارات السياسية المختلفة وكثير من الأحداث القريبة.