أبوظبي - صوت الإمارات
استضاف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، الشاعرة الفلسطينية ربا شعبان والكاتب والناقد العراقي الدكتور إياد عبدالمجيد في أمسية شعرية، الاثنين، في مقره في المسرح الوطني، قدّم خلالها قراءة نقدية لديوان شعبان "سنخدع السراب"، تحدث فيها عن الجوانب الشعرية واللغوية والبلاغية والجمالية والتقنيات الفنية العالية التي اتكأت عليها الشاعرة.
وأوضح أن القصيدة عند الشاعرة ربا شعبان كأنها جريمة تقترفها، وهي بكامل قواها الأدبية، مع سبق الإصرار والترصد، تعترف بالفعل، ولا ترجو غفرانًا أو صفحًا، كما أنها لن تعتذر عن اقترافها لهذا الجرم الممتع المانع".
وانطلق عبدالمجيد من توطئة الديوان، التي كشفت فيها الشاعرة، عن طبيعة الوعي الشعري المشبعة برمزية وجمالية صوفية لافتة في عالم يكثر فيه التدافع واللهاث، وتضع اختياراتها الجمالية المثيرة في القلب، أو تلك المشيدة على المشاهدة والكشف الأنطولوجي، والتوتر النفسي الحامل للتخيل الشعري، وللانشغال الدقيق على الفضاء الزمكاني .
وأشار إلى أن الشاعرة عمدت إلى إعادة استحضار التاريخ ارتباطًا بالعلاقة الوثيقة الوطيدة بين ذات الشاعر وبين العالم الذي يتشكل في "سنخدع السراب" وفق رؤية تجعل من الذات أساس العبور نحو الحدث، لافتًا إلى تقنيات نصوص الديوان تبدو سينمائية بوضوح مشع، حيث تم ضخ هادر للمرئي وهو يتجلى مكانًا متخيلًا مفعمًا بالدلالات الإنسانية، يذوب في نصها ما هو معاصر وما هو فلسفي وصوفي .
وذهب عبدالمجيد إلى أن الديوان تتعدد فيه صور الانزياح البلاغي واللغوي الإيقاعي والدلالي مثل ما يتجلى في قصائد "ذاكرة منتقاة"، "نكاية"، "هلال كبسمة أمي"، "عباءة الذاكرة"، كما ترد في الديوان ملفوظات سردية منزاحة عن دوال ودلالات معجمية أو سياقية مثل: "من ثقب الإبرة، ترقص كل الأثواب، تدفئنا من عري الموت، وترتق أثواب الصوت" .
وأوضح عبدالمجيد أن المكان الصريح يغيب في الديوان أحيانًا ويمثل إضمارا شعريًا من حيث التركيز على الإنسان كجوهر، لكنه يبدو قويًا في قصيدة "للشام إن سقط النصيف"، كما تعزف الشاعرة في قصيدة "عندما تأتي دمشق" لوطن الولادة ليأتي في النهاية منسجمًا مع إيقاع الحياة، فترسم أداءً شعريًا فائق الحضور والوجود .
وخلص عبدالمجيد إلى أن الشاعرة قدّمت صورا متعددة الحضور والحركة والتفاعل والبناء الجمالي تمثلت في ابنها أحمد الطفل والوطن وذاتها التي أحبتها وكتبت لها وعنها فكانت حاضرة في قصائدها مفعمة بالمحبة بنفسها وأيامها وميلادها، تحتفي بالوطن المسلوب "فلسطين" والعالمي والقومي والديني، مشيرًا إلى التقنيات المتعددة التي يطفح بها الديوان .
وقرأت ربا شعبان عددا من قصائد ديوانها المؤلف من 44 قصيدة، كشفت فيها خدعتها للسراب بشِعرها الرقيق وأسلوبها الرشيق وتعبيرها الأنيق وتصويرها العميق .