دمشق – سانا
على مدى ثلاثة أيام قدم مهرجان الأدباء الشباب “أدب. وطن. نقد” الذي أقامه فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب مجموعة من الشعراء وكتاب القصة الذي ألقوا نتاجهم الإبداعي في مختلف القضايا الوطنية والاجتماعية والوجدانية.
وأكد الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في ختام فعاليات المهرجان أمس أنه سيتم تعميم هذه الفعالية على بقية فروع الاتحاد بوصفها تجربة فريدة ستمد جسور التواصل بين الأجيال مشيرا إلى أن الاتحاد قرر نظرا لتميز أغلب المشاركات احتضان أصحابها من خلال طباعة ما قدموه من نتاج في كتاب وتوزيعه على فروع الاتحاد ومعارضه ودعوة المشاركين في المهرجان للقاء تعارفي مع أعضاء المكتب التنفيذي يوم 23 شباط الحالي.
ونوه الصالح بجهود فرع دمشق للاتحاد في إقامة هذا المهرجان كإسهام ضمن المشروع التنويري الذي يتبناه اتحاد الكتاب لدورته الحالية مع التركيز على الشباب لأنهم الحامل الأساسي للمشروع .
بدوره قال رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب محمد الحوراني أن “مهرجان أدب وطن نقد في دورته الرابعة نقلة نوعية في العمل الثقافي والهم الوطني الشبابي نتيجة لطابع الجودة لأغلب النصوص المقدمة إضافة إلى غلبة الهم والوجع السوري على جميع المشاركين”.
وشهد اليومان الثاني والثالث من المهرجان مشاركة شعراء شباب حققوا حضورا خلال السنوات الأخيرة حيث ألقت الشاعرة عبير عطوة نصا نثريا ارتقى إلى مستوى الشعر ضم مفارقات مختلفة عبرت عن هواجس شاعرة تدفقت عواطفها فكونتها بنظام شعري تباين بين النثر وبين الاعتماد على الموسيقى الداخلية متنوعة التفعيلات ليكون نصها مرآة لما تكنه الأنثى فقالت في قصيدة “سفر التراب” “سليل الطين .. حطام الأرض جمجمتي وأبعادي .. رماد فقير بدائي تعثر بهمزة ماء .. عجله هواء مر منه فيه .. تكثف تكور بعث جسد”.
كما قدمت فينوس الحسن نصا فيه تعبير عن هموم اجتماعية خلفتها الحرب والمؤامرة على سورية بأسلوب عفوي بسيط يتحول بين النثر والخاطرة ويعد بموهبة قادمة فقالت في نصها “لن أسامحك”: “لن أسامحك يا من أدخلت الغريب إلى بيتي .. ليسرق لعبتي .. ويبعثر صوري وكتبي . ويغتال ذكرياتي من كل زاوية وركن”.
وعبرت نيفين الأزهر في نصها “رحيل مع القدر” عن لواعج امرأة يختلج داخلها عبق ذكريات تدل على موهبة واعدة وتحمل قدرة على البوح عبر الموسيقا والذكريات فتقول: “هنا .. في قعر محفظتي .. وفي أحناء زاوية .. غفت صور بأرواح .. رسمت خيالها زهرا .. نثرت الدر والياقوت والعنبر”.
أما موفق عماد الدين في قصيدته “بلون الغياب” اعتمد على التخيل الشعري الذي ساعده باستعارة بعض مكونات الطبيعة الجميلة وتكوينها بعبارات شعرية تذهب إلى اتجاهات إنسانية فقال: “شيطان شعري جاءني .. في الليل يحكي أنني.. سأعاتب الأحبار والأوراق والأسطر وأشياء عديدة”.
وارتقى حسام قداح في قصيدته “نول” ليشكل قصيدة شعرية مليئة بالكنايات والدلالات ومعبرة عن حضور شعري متمكن حمل تطلعات شاب يرنو إلى المستقبل باندفاع وأمل فقال: “سأنسج الحرف .. تهويدة تحتال على طفلة كي تعيش..أنشودة بيضاء يلونها المطر ..سأنسج الحرف .. عاريا في حر الشتاء .. فللشتاء أدخنة .. وللربيع أدخنة .. والأبجدية تنكرني.. “.
واعتمدت زينب الشيخ حسين في قصيدة “قبيلة شفق” على التأويل ومحاولة تكوين الصورة الإيحائية مستخدمة إشارات حاولت أن تصل خلالها إلى مقاصد إنسانية وعاطفية أيضا عبر نثر يقابل الشعر الأصيل فقالت: “أتيمم والدمع مجاز للصلاة .. أقلب وجهي .. والشام قبلتي .. كل سجدة .. أبجدية للعطر”.
وجاءت قصيدة الشاعر عمر حمود ملتزمة بالأصالة الشعرية ومعتمدة على القالب الخليلي حيث عبر بأسلوب مبسط عن حب كبير لشام بصفتها رمز وطني كبير فقال: “ماذا أقول بوجه بات يشبهني .. والحب ياشام كم يهوى التفاصيلا ياشام ياشام كاد البعد يقتلني .. لولا زرعتك بالشريان إكليلا”.
وشارك الشاعر إبراهيم منصور بقصيدة عنوانها “قد أصبحت الآن نبياً” استحضر فيها إسقاطات أضافت إلى تعابيره ألقا شعريا ليدل على مشاعره بسبب ما يجري ضد سورية وفق موهبة شعرية يضاف إليها ثقافة منوعة فقال: “أضرب بعصاك البحر .. لتعرف أنك لست نبياً .. من أنت لينشق البحر أمامك .. من أنت لتنجوا من هذيان بلادك”.
أما في مجال القصة اعتمد الأديب سامر منصور على موروثه الحضاري والثقافي مستحضرا الأسطورة ليعيد بناء قصصيا مليئا بالأهداف الإنسانية والاجتماعية دون أن يتخلى عن عفوية السرد وبراءة الطرح ليصل إلى جوهر التناقضات في الحياة وذلك في قصته “سر الصراع” .
أما قصة “مسرحية الظلام” لرضا الرفاعي اعتمد فيها الوصف الهادئ والتماسك البنيوي والحوار الداخلي الذي جعله يستغرق في المونولوج المعبر عن خلجات إنسانية هادفة وفي قصة “مفتاح” لرشيق عز الدين ظهر الحوار واضحا في سياق الأحداث بشكل عام ليعبر عن أهمية المقاومة دون أن يجعل المباشرة تؤثر على سير أهداف القصة.
وفي قصة “بيت العنكبوت” لآمال شلهوب استخدمت الإيحاء لتكون حدثا متفاعلا مع الحركة البيانية لمعاني النص الهادفة إلى تكريس الإنسان المتحضر فيما قرأت فاطمة محمد قصة بعنوان “بعد تلك الليلة” جاءت عباراتها مليئة بالأشجان والعواطف معبرة عن حالة حب نابعة من الذات وفق سرد قصصي يحاول أن يلتزم بأسس الكتابة القصصية.
وفي نهاية المهرجان قدم رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب شهادات تقدير للأدباء المشاركين تشجيعا لهذه المواهب التي لم يتسن لأصحابها الانتساب للاتحاد.
وعن رأيه بالفعالية بين الشاعر قحطان بيرقدار رئيس تحرير مجلة أسامة إن “هذا المهرجان يشكل انعطافا هاما في دفع المواهب إلى الوصول لما تصبو إليه ويعمل على تفعيل الثقافة برغم كلما تتعرض له سورية من حرب “.