الطائف ـ واس
يلفت نظر الزائر لوسط محافظة الطائف إطلالة مكتبة مسجد ابن العباس التي تعد من أعرق المكتبات المتخصصة في مجال الفقه وأصوله في العالمين الإسلامي والعربي، إذ تضم في أركانها مجموعة من نوادر المؤلفات والكتب والمخطوطات الإسلاميّة، وقطع أثرية ونقوش حجرية تعود إلى أكثر من 900 عام مضى .
وتزامن إنشاء هذه المكتبة مع إنشاء مسجد حبر الأئمة الصحابي عبدالله بن العباس رضي الله عنهما الذي بنته ثقيف في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء حصاره لأهل الطائف في السنة الثامنة للهجرة، حيث أمر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن يؤم أهل الطائف فيه، ليتوالى بعدها الخلفاء الراشدين والأمويين على العناية بالمسجد حتى تم إعادة بناءه في زمن الخلافة العباسية سنة (592هـ).
وظلت مكتبة مسجد ابن العباس رضي الله عنهما جزاءً داخلياً للمسجد ووقفاً لطلبة العلم والعلماء، حتى قام والي الحجاز في العصر العثماني محمد رشدي باشا الشرواني ما بين عامي (1250هـ - 1270هـ) بإنشاء مكتبة مستقلة عن المسجد عبارة عن رواقين من الناحية الغربية للمسجد، خصص لها مدخلاً مستقلاً من الناحية الجنوبية، يعرف إلى يومنا هذا باسم باب (محمد رشدي باشا)، وذلك ضمن مشروع إنشاء مكتبات ملحقه للجوامع الكبيرة والمساجد أو ما عرف في ذلك الوقت بـ ( كتبخانة ) وهو المبنى الذي يضم خزائن الكتب والمخطوطات الموجودة والمنتشرة داخل الجوامع والمساجد، بهدف حفظها وتيسير عملية الاستفادة منها وتسهيل وصول طلاب العلم والباحثين إليها وعامة الناس من محبي الاطلاع والقراءة.
وحظيت المكتبة باهتمام الدولة السعودية حيث أمر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1378هـ بإعادة عمارة مسجد عبدالله بن العباس عمارة كاملة وإعادة بناء منارته وأبوابه وجميع ملحقاته بما في ذلك المكتبة، وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - أعيد افتتاح المكتبة سنة 1384هـ، وانتدبت لها وزارة الحج والأوقاف "آنذاك" أكثر من مختص لتسجيل الكتب وفهرستها وترقيمها، حتى ضُمّت إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد التي تشرف عليها وتزودها بالكتب والدوريات العلمية وتوفّر لها أرفف الحفظ والخزائن المكتبية والأجهزة الإلكترونية لتواصل رسالتها العلمية.