كتاب سيرة المنتهى

اختار الاديب الجزائري واسيني الاعرج اسلوبية سردية مبتكرة في كتابة لسيرته الذاتية المعنونة (سيرة المنتهى: عشتها .. كما اشتهتني)، مستعيدا فيها محطات ومواقف في تاريخ سلالة أسرته وراويا لحكايات واحداث مستلة من ادبيات الموروث النثري.

يفتتح الكتاب الصادر بجزئين ضمن سلسلة منشورات مجلة دبي الثقافية الشهرية، بإشارة الى امرأة يكشف لها مساحات من بوحه طالما ظلت حبيسة في ظلال روحه وعالقة في ذاكرته وحواسه .

تتكىء السيرة على رؤى وافكار بليغة مستوحاة من اطياف البلاغة العربية وارثها الصوفي المتين وقامات الابداع الانساني، تنطلق من علاقة الكاتب بجده النبيل مشدودا الى وقائع وشخصيات عن الموت والخوف والكوارث واشواق الطفولة التي شكلت سمات حياة الاعرج ومصيره.

توزعت صفحات الكتاب على جملة من العناوين تشكل بمجملها فصول الرواية منها: حبيبي ومولاي الجليل، العبور نحو شجرة الخلد، حكمة ملقاة في عرض البحر، زريدة حبي لها اسبق من حريتي، الشيطان المتخفي يغفو في حمام الوردة، شجر اللوز يذبل ايضا، صدفة جدي سرفانتس، والمشي نحو معبر المسالك.

تحفر (سيرة المنتهى) في اعماق الذات وهي تستحضر حياة في اتون من عواصف الفرح والغضب مجبولة بالقلق والحيرة واللغة الصوفية تزخر فيها جعبة الاعرج من حكايات الجدات والامهات وقصص المواجع الغامضة في البيئة القريبة والبعيدة.

نجح الاعرج في رهانه على اثراء السرد العربي باصدار سيرة ذاتية مليئة بالمعرفة المكللة بالمفردات الجمالية في استناد الى معلومات حياتية مشبعة بالقيم والعادات والمواقف التي تصل بسلاسة وجدية واحترام بين الثقافات الانسانية.

سيرة الاعرج هي سيرة اديب خاض بفضاءات الامكنة والعلاقات تجارب عديدة مزنرا بجلبة التاريخ والكلمات التي يصوغ منها مكنون دواخله الانسانية في ترانيم شاعرية مليئة بالدفء والحميمية في انحياز الى الثقافة والمعرفة والتنوير.

عذابات ومآلات عايشها مؤلف السيرة وهي تحتضن حكايات ومرويات السيرة الآتية من المادة التاريخية الاندلسية بحثا عن اجوبة لأسئلة صعبة في هذا الزمان المعاصر.

يشار الى ان مؤلف السيرة واسيني الاعرج اديب واستاذ اكاديمي ولد في الجزائر العام 1954 له الكثير من الاصدارات الروائية والدراسات الادبية والنقدية مثل: ما تبقى من سيرة لخضر حمروش، اصابع لوليتا، البيت الاندلسي، رماد الشرق، اتجاهات الرواية العربية في الجزائر، الجذور التاريخية للواقعية في الرواية، وكتاب على خطى سيرفاتس في الجزائر، والاعرج حاصل على جائزة افضل رواية عربية وجائزة قطر العالمية للرواية والجائزة التقديرية من الرئيس الجزائري.