القاهرة - أ ش أ
صدر حديثا عن دار الثقافة الجديدة كتاب بعنوان "الثورة المغدورة" من تأليف "برنار فيسك" وترجمة وتقديم راوية صادق ويحكى الكتاب قصة أول ثورة اشتراكية فى العصر الحديث بأسلوب شيق وتوثيق دقيق، كولاج بارع استخدمت فيه رسوم وملصقات وصحف الفترة وصورها الفوتوغرافية. لم تكن تعلم ما ستئول إليه مصيرها، عندما فجرها من قادها، تلك هى "الثورة المغدورة" التى ربما وجدت لها أكثر من اسما ومكانا وزمانا مغايرا، لكنها تظل حاملة صفة "المغدورة"، فقد تسميها "كومونة باريس" وقد تسميها حينا أخر ثورة يناير وربما تجد لها فى 30 يونيو مسمى جديدا، ولعلها وجدت أول من يمثلها فى ثورة "كومونة باريس" أول ثورة اشتراكية فى العصر الحديث استطاعت أن تقتضب من التاريخ فصلا لها يسطر أحداثها التى استمرت 72 يوما عام 1871. فلم يعد من الضرورى أن تستخدم آلة الزمن لكى ترجعك لزمن "كومونة باريس"، فمعاصرتك لمشاهد الثورة المصرية تكفيك كثيرا كما لو كنت شاهدا حيا على أحداث الكومونة، ولعل ذلك ما يجبرنا القول آن الكومونة ويناير وجهان لثورة واحدة. فعندما قاد الفرنسيون ثورتهم الكومونة لم يكونوا يتطلعون لحياة أكثر رفاهية، فهم يشبهون كثيرًا فى أحلامهم من خرجوا إليه فى ثورة يناير من عمال وموظفين ونساء وممثلى طبقة وسطى لم تعد تجد لها مكانا فى مجتمعا متحولا. "برنار فيسك" يؤكد لنا فى كتابه على هدف الكومونة الذى ذهب إلى إلغاء ملكية الطبقة التى جعلت من عمل العدد الأكبر ثراء العدد الأصغر فيما مثلت آخر أشكال العبودية. وما بقى من كومونة باريس هو ما شاهدناه منذ اول يوم فى ثورة 25 يناير.. رجال يرفضون مغادرة أرصفة شوارعهم يهتفون "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" وكأنها كومنة جديدة بجلباب مصرية. فبعد مغادرتهم الميادين، تأتى إليهم المرحلة الانتقالية بإدارة اللجنة المركزية المشكلة من أعضاء الكومونة التسعين لكنها لم تستطع تحقيق أى مطلب من شعارات الكومونة لتترك إنجازاتها فى ترك البلاد فى مفترق طرق وليس هذا فقط بل شهدت الثورة قمعا دمويا إعدم خلاله أكثر من 30 ألف متمرد رميا بالرصاص ليجدوا من يمثلهم أيضا فى 215 شهيدا فترة المجلس العسكرى و154 شهيدا عهد مرسى. "الماء كان ميتا"، ومعسكرات الظلال لم تكن تترك طريق الغابة"، هذا ما كان عليه الحال قبل 25 يناير مع أغلبنا، لكنه الآن لم يعد كذلك، فقد قال المصريون مثلما قال الكومونيون، فهم يملكون خيارا ثالثا غير ما يقترحه عليهم أصحاب المصالح الحاكمة، وقف الكومنيون فى منتصف الطريق، فأين سنتوقف نحن..؟