كتاب موتي بلا اسقف

احتفت رابطة الكتاب في قاعة غالب هلسا بمقرها بعمان مساء أمس بالشاعر الدكتور محمد الحوارني وتوقيع مجموعته الشعرية الجديدة "موتى بلا سقوف" .

وفي الاحتفائية التي أدارها عضو الهيئة الادارية للرابطة الشاعر الدكتور عطاالله الحجايا، قدم الناقد الدكتور ناصر شبانة قراءة نقدية للمجموعة والشاعر عبدالرحيم الجداية شهادة إبداعية حولها.

وقال الدكتور شبانة ان مجموعة "موتى بلا سقوف" شاهد على هذه الفلسفة التي يظهر الشاعر من خلالها طفلا يحمل الوانه الزاهية ويرسم خطوطا تتقاطع بكل الاتجاهات لكنها في نهاية الامر ترسم لوحة كبرى لها فلسفتها ونهجها الفني.

واوضح ان للعتبات النصية دور لا يخفى في قراءة النص فهي البهو الذي يؤدي الى النص حسب احد النقاد، مشيرا الى ان المجموعة تحوي عتبات عديدة منها عتبة "العنوان"، اي عنوان المجموعة الشعرية، والذي جاء على غير عادة الشاعر غير مستلة من احدى قصائد المجموعة، بل مستلهمة من رؤيته وكأن الشاعر يمارس عملا نقديا.

ولفت الى ان العنوان يحظى بطغيان صيغة الجمع ومنها "موتى" وسقوف" وتتوسطهما "لا" النافية التي تأتي بمعنى غير او دون، ما يفضي الى الاستنتاج بطغيان الهم الجماعي المرتبط بالجموع على الهم الشخصي الا ما تقاطع معه، في الوقت الذي تبدو فيه كلمة موتى حاملة للمعنى المجازي للموت، فهم الموتى الاحياء الذين يومئ بهم الشاعر الى الامة العربية التي فقدت كبرياءها وقوتها.

وفيما يتعلق ببنية السؤال المكرر لفت الناقد شبانة الى ان الانا الشاعرة تبدو في نصوص المجموعة لائذة بأوجاعها تعاني الحيرة والتشتت، مشيرا الى ان ذلك انعكس على مساحات النصوص الشعرية على هيئة بنى استفهامية انتشرت بطريقة كثيفة على ارضية النص.

وبين شبانة ان بنية التعريف والبحث عن الاجابة تجلت لدى الشاعر من خلال تعريفها طلبا لفهمها ومعرفتها حيث تغدو المعرفة طريقا من طرق التخفيف من لحظة الالتباس وهو ما شكل سمة من سمات المجموعة.

وفيما يتعلق بالتناص والاختفاء خلف الاخر في نصوص المجموعة اوضح ان الشاعر يجد فيهما فرصته للبوح بمكنوناته على لسان الاخر مخففا من وقع الذاتية على القارئ ، مشيرا الى قصيدة الشنفرى حيث يتخذ الشاعر الحوراني من شخصية ذلك الشاعر الجاهلي قناعا يختفي خلفه ليعلن ثورة على قومه ما كان قادرا على اعلانها بنفسه.

واوضح الناقد شبانة جماليات الاختزال التي تضمنت المجموعة حيث البنية القصيرة جدا والتي تختصر الكثير من القول وتختزل الرؤية الشعرية الممتدة من خلال اشارات بليغة، مشيرا الى احتواء المجموعة على بنية "نزارية" نسبة الى نزار قباني، حيث يجنح الشاعر الى البساطة في التركيب وعذوبة الصورة وتوظيف المفارقة والقرب من المباشرة واللهجة الخطابية والسهل الممتنع.

وبين لفت الشاعر الجداية الى مفهومي المعاندة والمطاوعة في المجموعة حيث تتشكل الصورة الفنية بين ثنائيات المعاندة والمطاوعة والرفض والقبول والخيال والوهم، حيث تتشكل كل التراكيب الجمالية والصور الفنية في المجموعة.

وفيما يتعلق بالمطاوعة والصورة الفنية بين انها تشكل مطاوعة حسية وشعورية ومطاوعة سمعية وبصرية ومطاوعة زمنية ومطاوعة فوق حسية ومطاوعة كونية، لافتا الى انه بالمقابل تجلت مظاهر المعاندة والصورة الفنية من خلال اتباع قوانين فيزيائية معاكسة حيث يعاند الشاعر قوانين الجاذبية فيحلق ويطير ويتعلق بالنجوم ويختبئ خلف القمر.

وقرأ الشاعر الحوراني من مجموعته الجديدة قصائد "الظل" و"مر بي" و"اللغة البكر" و"حالة" و"الروح" و"مربعات ساخنة" وعدد من القصائد المختزلة ومنها "العتمة" و"سنة" و"اسئلة"، كما قرأ قصيدة جديدة غير متضمنة في الديوان بعنوان "مضايا".

وسلمت الهيئة الادارية للرابطة درعا تكريميا للشاعر الحوراني وشهادات التقدير للناقد شبانة والشاعرين الجداية والحجايا.

وقال أمين بيت الشعر العربي في الرابطة الشاعر لؤي أحمد لوكالة الانباء الاردنية (بترا) إن استضافة البيت لحفل توقيع مجموعة الدكتور الحوراني جاء متسقا مع رغبة البيت بتقديم نموذج أبي جمع بين التخصص النقدي الأكاديمي والإبداع الشعري، واستطاع بفضل ملكاته الشعرية المطبوعة أن يتخلص من الناقد الذي يجثم على كتفي النص، فكان نصه يفيض بماء الشعر ومعبرا عن شخصية الشاعر المختبئة خلف النص.

وأضاف اننا في بيت الشعر ومن خلال حفل التوقيع هذا أردنا أن نضع الأديب أو المثقف وجها لوجه مع الناشر، هذا الناشر المتهم دائما بالجشع واستقصاء الربح الفاحش على حساب منتج النص، فاستضفنا إلى جانب الشاعر ونقاد الديوان ناشر المجموعة وتحدث عن آفاق عملية النشر في الأردن وحقوق المؤلف.