عمان - بترا
اتكأ العرض المسرحي الاسباني""مئات من الطيور التي قد تمنعك من المشي" للمخرج خورغي لوبيث وباتي دومينيتش، على جماليات السينوغرافيا رغم بساطتها، والاداء التمثيلي والحركي للفنانة ماريا بيدال.المسرحية المستوحاة من النص الشعري المعروف "عرس الدم" للكاتب الاسباني فدريكو غارثيا لوركا ويعود تاريخ احداثها الى عام 1928 في مدينة "الميريا" الاندلسية الاسبانية، استهلت مشاهدها بمؤثر اصوات دوي اجراس كنائس معلنة عن الاستعدادات لحفل زفاف في الوقت الذي تشكل فيه اضاءة علوية ساقطة على الخشبة بقعة اضاءة مستطيلة بيضاء افقية في منتصف الخشبة فيما تتدلى من عمق يسار اعلى المسرح ستائر بيضاء والى يمينها شريطين باللون الاحمر وبشكل ملتوى لكل منهما ويتخللهما عدد من العقد.
امتلك لوركا القدرة المتمكنة والمعرفة بأن يمزج في عرس الدم، بشعريته وشاعريته مع الفولكلور الأندلسي الإسباني، ليخرج بعمل مميز ما زال يقدّم في اساليب ولغات متعددة حافرا في قضايا ما زالت راهنة الى يومنا هذا.العرض المونودرامي الذي قدم مساء امس الجمعة على مسرح المركز الثقافي في دبا، في الدورة السابعة لفعاليات مونودراما الفجيرة ضمن مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، زخر بتنوع الاساليب الفنية بالجمع بين الاداء التمثيلي والغناء ورقص الفلامنكو والرقص التعبيري الحديث، علاوة على تقنية "الداتا شو" في عمق الخشبة على السيكوراما، جسد قصص عناصر رئيسة في العمل الاصلي ومثلت ثيمات العمل والحفر منه وفيه، المرأة بوصفها الام، وعروسة ابنها الوحيد المتبقي لها بعد مقتل والده وشقيقه على يد عائلة فليكس، والقمر، والموت، والحب.
وظفت الممثلة قدراتها الصوتية بأسلوبية شعرية تتساوق مع لغة لوركا في تقنية البولي فون/تعددية الاصوات لتحقيق الانسجام مع سياق ومدلولات اللوحات التي كانت تقدمها لاسيما للشخصيات المختلفة وخاصة الام والعروس، وتجسيد الموت صوتا علاوة على عناصر السينوغرافيا المستخدمة بدلالات الوانها، وذلك للتركيز على الثيمات الرئيسة للعرض وهي قضايا المرأة التي غالبا ما تكون ضحية اي صراع، والموت المجاني الذي يتأتى نتيجة العنف وصراعات دموية ما زالت حتى عصرنا الحالي، كما وفقت في أدائها التمثيلي رغم انه ابدى غياب حميمة الاحساس بالشخصيات التي تؤديها.
النص المنطوق الذي جاء باللغة الاسبانية الشعرية المتسقة مع لغة لوركا، حال غياب توفر ترجمة مرئية او مكتوبة من وصوله لأغلب الجمهور الذي استند المتخصصون منه الى معرفتهم بالحكاية وادوات الفعل المسرحي، فيما عبر النص غير المنطوق من خلال العلامات السمعبصرية المتمثلة بالسينوغرافيا الثرية والمعبرة وابرزها الاضاءة التي تنوعت ما بين الاحمر والابيض والتعتيم وبقع الاضاءة لاسيما تلك المستطيلة القطرية التي تبدأ من عمق يمين الخشبة حيث الستارة السوداء "الموت" التي تتقاطع مع مشاهد البدر على "الداتا شو" وصولا الى بقعة الاضاءة الحمراء في منتصف يسار الخشبة، علاوة على المؤثرات الموسيقية والازياء والداتا شو والستائر البيضاء والشرائط الحمراء على توفير المعنى للمحمولات ضمن سياق العرض.
ووفق المخرج وفريق العمل بتصميم رقصات العرض (الكوريغرافيك) حيث تتم ترجمة مشاعر مختلفة في اداء تلك الرقصات الشفيفة التي سطرت لغة خاصة من تعبيرات لغة الجسد لتعكس مشاعر كل شخصية من الشخصيات التي جسدتها.