شهر رمضان

يتبارى الأطفال في مشاعر ترحيبهم بشهر رمضان المبارك، محاكين الكبار في استشعار روحانياته، والقدرة على تحمل ساعات صيامه رغم صغر سنهم، وسط متابعة من الوالدين اللذين يحرصان على زرع قيم رمضان النبيلة في أطفالهم منذ الصغر، ليترعرعوا عليها، ويدركوا أهميتها حينما يكبروا.

ويشعر الأطفال في رمضان بالفرح كونهم أصبحوا محط أنظار الأسرة التي تتابع رغبتهم الجامحة في صوم رمضان، في حين يحاول البعض منهم تقمص أدوار الكبار من خلال محاكاة تفاصيل يوميات صومهم، وإشعارهم بقدرتهم على أداء شعيرة الصوم بكل نجاح وذلك من ساعة الإمساك حتى ساعة آذان المغرب، لكن البعض ما إن ينتصف به اليوم إلا ويتضور جوعا وعطشا فينطلق ببراءة الطفولة خلسة لسد جوعه بلقيمات لاتثنيه عن إكمال شعوره بالصوم بقية اليوم، حتى يظفر بالجلوس مع أسرته على مائدة الإفطار وتناول طعام رمضان المتنوع ما بين المعجنات، والحلويات، والعصيرات.

وللشريعة نظرة في ذلك الموضوع، أوضحها لـ"واس" عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور حسن بن محمد سفر، قائلا : إن صيام الصغار الذين لم يبلغوا سن الرشد غير إلزامي من ناحية الشرع، لكن لأن فريضة الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة من الجميل تعويدهم على الصيام وفق مراحل تدريجية، كأن يبدأ الطفل أو الطفلة بصيام ثلاثة الأيام من كل شهر، و حثهم على الصيام وفق قدرتهم، مفيدًا أن للآباء والأمهات دور مهم في التأثير الحسن على أطفالهم.

وأضاف الدكتور حسن مسفر أن عدم تقديم طعام الإفطار إلا وقت غروب الشمس قد يكون نموذجاً في موضوع تعويد الصغار على الصيام، إلى جانب الترديد على مسامعهم أن الجميع صائمون، مما سيرسخ في أذهانهم أهمية الصيام، واصفاً هذه الطريقة بالمثالية، لأنها كفيلة بتعريفهم أن الصيام صحة للبدن، وما إلى ذلك من الأمور التي تقرب مفاهيم صحة الصيام في الشريعة الإسلامية.

ومن الناحية التربوية، أفادت المساعد بقسم السياسات التربوية ورياض الأطفال في كلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سارة عبد الكريم، أن الطفل ومنذ أن يعي ما يقوم به أبويه والناس من حوله يرغب بطبيعته في التعلم, وأن تشجيع الطفل على الصيام يأتي بإتاحة الإفطار له متى شعر بأنه لم يعد قادراً على التحمل، مؤكدةً أن ذلك التصرف يشجعه على خوض التجربة بإيجابية.

ورأت الدكتورة سارة عبدالكريم في مداخلة مع "واس" أهمية توفير الخيارات للطفل المتمثل في الصيام من عدمه وذلك متى ما لوحظ عليه علامات التعب أو الجوع والعطش، لأن الطفل سيعرف بنفسه متى يفطر، مما يلزم الأسرة بإعطائه الحرية, مشددةً على ضرورة الابتعاد عن إشعاره بالتقصير بإفطاره قبل الوقت.

ولفتت النظر إلى لزوم التوضيح للطفل بأن الهدف من الصوم شرعيًا بوصفه ركنا من أركان الإسلام وليس عادة إنسانية وفيه الأجر والثواب والخير للإنسان، وتعويدهم على الصوم بأسلوبٍ ترغيبي، بعيداً عن الإجبار، إلى جانب تدريبهم عليه في أيام متفرقة من العام أو الشهر الفضيل.

ودعت الدكتورة سارة الأسرة إلى الثناء على عمل الطفل إذا صام بحسب طاقته، ومكافأته بتقديم الحلوى والألعاب والمأكولات المتنوعة التي يحبذها، لتحفيزه على الاستمرار في هذا النهج الخيّر.