تشهد الرياض معرضا للصور يتضمن مجموعة نادرة ابان موسم الحج قبل اكثر من قرن، تنظمه سفارة فرنسا في الرياض بالتعاون مع المتحف الوطني السعودي وجهات اخرى في خطوة ويعكس اهتمام باريس بالتقارب مع السعودية والعالم الاسلامي. وقال سفير فرنسا لدى المملكة برتران بيزانسونو خلال حفل الافتتاح في قاعات المتحف الوطني مساء امس الثلاثاء ان "المعرض خطوة متميزة باتحاه توسيع التعاون الثقافي بين فرنسا والعالم العربي والسعودية بشكل خاص". واضاف "نامل في تعريف السعوديين على ثقافتنا بقدر ما نرغب في عرض روائع الحضارة العربية والاسلامية على الفرنسيين والاوروبيين من اجل التقارب بين الشعوب وازالة عدم الفهم سوء التفاهم التي تسيء الى السلام بين الشعوب". وتابع السفير الفرنسي ان "هذا المعرض خير مثال على النشاطات التي نستطيع القيام بها سويا". وتضم المجوعة الفريدة 53 صورة التقطها العام 1908 محمد الحسيني مساعد القنصل البريطاني في جدة آنذاك، تعطي فكرة واضحة عن موسم الحج ومعالمه في ذلك الحين. وكان الحسيني طبيبا هنديا يعمل على تنظيم بعثة بلاده الكبيرة لاداء هذه الفريضة. وتعطي الصور فكرة واضحة عن موسم الحج ومعالمه في ذلك الحين، كما تظهر الفارق الشاسع بين سهولة الوصول الى المشاعر المقدسة حاليا والصعوبات او المشقة التي كان يواجهها حجاج تلك الايام. وتظهر في الصور اماكن سكن الحجاج في مشعر منى وطرق وصولهم من العراق او الشام وخصوصا المحمل المصري الذي كان يجلب كسوة الكعبة كل عام. وقد عثر على الصور في ارشيف الراهب الدومينيكاني انتونين جوسين عالم الاثار في الشرق الاوسط الذي اقام فترة ثلاثة اعوام (1907-1910) في مدائن صالح او الحجر الواقعة شمال المدينة المنورة والتي تعد من اهم مراكز حضارة الانباط التي ازدهرت بين القرنين السادس قبل الميلاد والثالث بعده. وانتقل جوسين بعد ذلك الى القاهرة لتأسيس المعهد الدومينيكاني للحضارات الشرقية العام 1928. وهذا المعهد اصبح العام 1953 معهد الدومينيكان للدراسات الشرقية. وقال كتيب المعرض الذي اورد هذه التفاصيل ان تأسيس المعهد "يعكس رغبة حاضرة الفاتيكان في تحقيق تقارب بين المسيحية والاسلام". وحسب كتيب المعرض، تهدف فرنسا والمعهد من تنظيم معرض الصور هذا الى "التشجيع على دراسة مشتركة للتراث العربي المسلم لكي يتمكن الاسلام والغرب من التفاعل على اعلى المستويات". ويشدد منظمو المعرض في الكتيبا على ان التعاون بين مؤسسة التراث والمتحف الوطني ومعهد الدومينيكان ياتي "انعكاسًا للحوار بين الاديان الذي يدعو اليه ويرعاه" العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. ومن الاهداف ايضا "الحوار بين الحضارات الذي يتسع لجميعها وليس لواحدة فقط"، حسبما ورد في الكتيب نفسه. وكان معرض لهذه المجموعة اقيم في جدة في متحف باب البونط العام الماضي. وأشاد مدير عام المتحف الوطني عبد الله السعود ب"الاهمية الكبرى لهذه الانشطة في الحراك الثقافي على مستوى الوطن ككل وما تقدمه من علوم ومعرفة وفوائد تصب في خانة الحوار الحضاري والثقافي بين الشعوب". بدوره، اعتبر مدير عام مؤسسة التراث اسامة جواهرجي المعرض "جسرا ثقافيا" بين السعودية و"العالم العربي والأسلامي من جهة والعالم الغربي من جهة اخرى". واكد رغبة المؤسسة في "التعاون الثقافي مع شعوب وحضارات اخرى والتطلع الى نشر ثقافة التراث السعودي خارج المملكة". وقال جواهرجي ايضا ان "الصور التاريخية والنادرة تتيح الفرصة امام الباحثين والمهتمين لالقاء مزيد من الضوء موسم الحج آنذاك". والرهبنة الدومنيكية الكاثوليكية اسسها الراهب دومينيك دو غوزمان عام 1215، وبعد وفاته بمدة قصيرة تأسس دير دومينيكاني في القدس حيث عمل الرهبان على اكتشاف هذه الاماكن المسيحية المقدسة. وخلال القرن الثالث عشر انطلق الآباء الدومينيكان من القدس الى لبنان والعراق وبلاد فارس والاسكندرية لكن الرهبنة الدومينيكانية لم يصبح لها وجود مستمر في مصر الا في القرن العشرين. وفتح المعرض ابوابه امام الجمهور اليوم الاربعاء ويستمر حتى 14 كانون الاول/ديسمبر المقبل.