اللاذقية – سانا
يتابع ملتقى “كارلوس” الثقافي والسياحي في اللاذقية أنشطته الفنية مع بداية العام الحالي بإطلاق معرض جديد حمل عنوان “قصة لوحة” في محاولة لربط المتلقي بقصة اللوحة التي يشاهدها بحيث يقدم الفنانون المشاركون ملخصا صغيرا الى جانب أعمالهم الفنية يضيء من خلاله على دلالات اللوحة فيعطي الناظر مفتاح العمل لقراءة اللوحة التي رسمها الفنان.
وضم المعرض واحدا وثلاثين عملا فنيا حاول أصحابها تقديم رؤيتهم الخاصة لكل فكرة مطروحة وكعادة الملتقي فان التنوع بالأسماء المشاركة كان لافتا ولاسيما انها توليفة من مختلف المحافظات حضرت لخلق حالة ثقافية فنية متميزة.
ويرى الفنان محمد أسعد سموقان منظم المعرض أن فكرة الفعالية تخلق علاقة وطيدة بين اللوحة والمشاهد والفنان منوها بوجود اسماء جديدة تشارك بالملتقى للمرة الأولى بهدف اتاحة الفرصة للجميع للتواجد وعرض أعمالهم.
وقال سموقان : “إن هذا المعرض هو النشاط الثالث منذ انطلاق الملتقى اواخر العام الماضي ونحاول كمنظمين التنويع بشكل كبير في الفعاليات التي نقيمها ولدينا طموحات ومشاريع عديدة مستقبلا منها إطلاق أيام الفن التشكيلي التي ستضم أنشطة فنية متنوعة”.
التصوير الزيتي والحفر اضافة الى النحت أنواع فنية غلبت على أعمال المعرض الذي أتاح لكل فنان مشارك تقديم عمل واحد يختاره حيث نجد الفنان محي الدين حمصي رسم امرأة تنسج قماش الدامسكو ليكون دفئا لجيل خلف جيل مجسدا عشقه لخزف القيشاني ليكون امتدادا للياسمين وغدا أجمل.
أما الفنان عدنان حميدة فأطلق البصر والبصيرة للامعان في الخلق ليدرك ذلك الجزء الكوني من هذا العالم الذي وعى ذاته وهويته من خلال التوحد مع الطبيعة فأتت شخوصه ورؤاه طوعا من خلال الحجر والشجر واستوحاها من وجوه أتعبتها الحياة راقبها من شباك مرسمه كما قامت الفنانة سناء بلول برسم انسان يعاني من مرض خبيث لكن موته يأتي بطيئا وبموعد مسبق ويحظى بفرصة لوقفة تأمل مع الذات.
بدوره شرح الدكتور عبدالحكيم الحسيني أبعاد لوحته التي اختارها من أعمال سابقة له تعود لعام 1988 وهي عبارة عن بورتريه لوجه امرأة من الشمال السوري بثيابها الفلكلورية المزركشة ووجه حالم ومتألم في الوقت نفسه وأضاف : “تحمل بقية مساحات اللوحة تشكيلا من عدة نسوة أدرن لنا ظهورهن تعبيرا عن الرحيل ويمكن ان ننسب العمل لخليط ما بين المدرسة الواقعية والتعبيرية فاللوحة تتميز ايضا بعجينة لونية متمكنة وكثيفة تصنع على سطح اللوحة درجات نافرة ويطغى عليها اللون الأحمر مع وجود الضوء في بضعة مساحات على وجه الفتاة بدرجات متفاوتة صنعت التشكيل المطلوب”.
البورتريه ايضا حضر في لوحة الفنان تيسير رمضان الذي لفت الى ان عمله محاولة جديدة ذات خصوصية بالنسبة له لتقديم مفهوم الجمال والروحانية بشكل مختلف من خلال توظيف القليل من التشكيل في اللوحة لوضع المتلقي في جو روحاني صوره من خلال عازفة ناي تظهر في جسدها الكثير من الاستطالات التي أعطت التسامي والجمالية المرجوة مؤكدا انه مستمر في هذا الخط الفني حاليا ما يدفعه لمزيد من العمل والابداع للوصول الى التميز.
ونجح الدكتور محمد شبيب بتحقيق الابتكار في لوحته القادمة من محراب الطفولة بشخوصها الثلاثة الهاربة من التشنجات والتشوهات التي تعتري قوافينا ورؤانا معتمدا على اظهار براعته في تصوير فضاء يمتزج فيه الماضي بالحاضر والخيال بالواقع والفن بالهم والهاجس.
النحت ايضا كانت له حصته في المعرض من خلال اعمال فنية حضرت المرأة في كثير منها لتتجسد الأزمة في بعضها الاخر فالفنان محمد بعجانو قدم منحوتتين صغيرتين مرتبطتين من حيث الموضوع وتجسيد ارتباط الانسان بالأرض مشيرا الى انه انجزهما بالاعتماد على الحجر ليظهر من خلاله قوة الثور الذي يعمل بالزراعة وصاحبه الفلاح الذي حولته الحرب الى مقاتل ما زال يحلم بالعودة الى ارضه وعمله بعد تحقيق النصر.
أما الفنان جابر اسعد فاستطاع من خلال عمله الفني الذي حمل اسم عشتار تكوين رسالة بصرية مكثفة ومفعمة بالرمز فأظهر عشتار كفكرة مجردة تبرز فيها مناطق الخصب مبتعدا عن ايضاح الوجه واليدين لصرف النظر عن تصور أي شخصية محددة.
وتناول الفنان فؤاد طوبال المرأة الموديل التي بقيت في ذاكرته منذ بدأ التدرب على تجسيدها في دراسته الاكاديمية بجلستها الطويلة متسمرة دون حراك فخطر بباله تجسيد هذا الموضوع بتقنية جديدة بحيث تبدو المنحوتة خفيفة الوزن معبرة عن تسمر الموديل برقة وشفقة واحترام فجعلها مندمجة مع الكرسي حتى الذوبان فيه معتبرا ان الموديل نموذج للجمال يحتاجه الفنان في كل مراحل ابداعه.
يذكر أن معرض “قصة لوحة” مستمر حتى الحادي والعشرين من شهر كانون الثاني الحالي بفندق زنوبيا في حي الزراعة باللاذقية.