رام الله – وليد ابوسرحان
أكّد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، رئيس الوفد الفلسطيني للمفاوضات غير المباشرة لوقف إطلاق النار على قطاع غزة، الدكتور عزام الأحمد، أنَّ انجرار حركة "حماس" للتصعيد الميداني، يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتخابية، عشية الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 آذار/مارس المقبل.
وأوضح الأحمد، في حوار مع "فلسطين اليوم"، أنَّ "إسرائيل حريصة على إبقاء أجواء التوتر، في ضوء الأوضاع السياسية الراهنة السائدة فيها، لاسيّما الصراع الانتخابي، حتى يوظف نتنياهو كل ما يدور لصالح نجاحه في الانتخابات، وإظهار نفسه في دور الرجل الحازم، القادر على بقاء يد إسرائيل العليا في أيّ صراعات، بما فيها الوضع في غزة".
وأضاف "للأسف فإن تصريحات قادة حماس، شاءوا أم أبوا، تخدم أغراض نتنياهو، فبعضهم يدلي بتصريحات تهديد وتوتير الوضع الأمني، وهم يتحدثون عن بناء أنفاق هجومية، أو الاستمرار في تجارب الصواريخ وغير ذلك، وبعضهم يتحدث بلغة التهدئة والالتزام بوقف إطلاق النار، الذي تم وفق اتفاق 26 آب/أغسطس الماضي، في ضوء المفاوضات غير المباشرة التي جرت برعاية مصر"، متمنيًا أن تدرك "حماس" ذلك، ولا تلعب لعبة مزدوجة، لن تستفيد منها إطلاقًا.
وفي شأن إذا ما وضعت الحكومة الإسرائيلية تفاهمات وقف إطلاق النار وراء ظهرها، بسبب الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، بيّن الأحمد أنَّ "تفاهمات وقف إطلاق النار التي تمت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما زالت قائمة، ولعل تدفق البضائع سواء احتياجات السكان في قطاع غزة أو مواد البناء إلى القطاع، والصيد في بحر غزة والتسهيلات الأخرى في حركة السكان عبر معبر بيت حانون يؤكد هذه الحقيقة، ولكن لا بد من استكمالها، وعلى الجانب الفلسطيني بكل مكوناته، حماس أو غيرها، أن لا يعطوا نتنياهو الفرصة للتهرب مما تم الاتفاق عليه، والعودة إلى توتير الأجواء".
وعن عدم استكمال المفاوضات غير المباشرة للوصول لوقف إطلاق نار دائم في القطاع لغاية الآن، أشار الأحمد إلى أنه "في آخر جولة مفاوضات غير المباشرة، التي تمت في 24 أيلول/سبتمبر الماضي، في القاهرة، تم الإتفاق على عقد جولة في النصف الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، وتم تبادل بنود جدول الأعمال المقترح من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، عبر الوسيط المصري، لكن ما حصل من عمليات عسكرية مصرية في شمال سيناء، لاسيما في منطقة الحدود المصرية الفلسطينية، نتيجة اعتداء همجي ضد الجيش المصري، والذي ذهب ضحيته حوالي ثلاثين شهيدًا من عناصر الجيش المصري، وعشرات الجرحى، فضلاً عن إغلاق حركة المرور من قطاع غزة إلى مصر، كان العامل الأساسي في تأجيل ما تم الإتفاق عليه، في شأن موعد استئناف المفاوضات غير المباشرة، وما رافق ذلك من توتر في العلاقات بين مصر وحركة حماس، بسبب العمليات الإرهابية ضد القوات المصرية".
وأردف الأحمد "العامل الثاني، الذي أدى إلى تأجيل المفاوضات غير المباشرة، هو كثرة تصريحات حماس وتسريباتها الإعلامية الموجهة لإسرائيل، في شأن رغبة الحركة في إجراء مفاوضات مستقلة، عبر وسطاء تريدهم هي، بعيدًا عن المفاوضات غير المباشرة، على الرغم من أنه سبق وأن تم الإتفاق في جدول الأعمال المقترح منذ اتفاق 26 آب الماضي على أن يتم التفاوض غير المباشر عبر مصر، على مجموعة من البنود، من ضمنها قضية تبادل الأسرى والجثامين"، مشيرًا إلى أنَّ "هذا الغموض جعل كل الأطراف المعنية، دون الدخول بالتفاصيل، تتردد في تحديد موعد استئناف المفاوضات".
وتابع "كما سبق أن أعلنت، أثناء وجودي في القاهرة قبل أسبوع، وبعد لقائي مع المسؤولين المصريين، أنَّ مصر بحاجة إلى مزيد من الوقت للإتصال مع الأطراف المعنية لتحديد الموعد المناسب لإستئناف المفاوضات غير المباشرة ، وآمل أن نضع مصلحة شعبنا فوق أيّ اعتبار".
وفي شأن الأسباب التي أدت لبقاء تفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار حبرًا على ورق، لاسيّما على صعيد إعادة الإعمار، وحرية التنقل، وتوسيع منطقة الصيد البحري، أبرز الأحمد أنه "إذا كانت تفاهمات إطلاق النار حبرًا على ورق فكيف تدخل مئات الشاحنات باستمرار إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبوسالم، وهي محملة بالبضائع المختلفة، وكذلك الأسمنت والحديد وغيرها من مواد البناء، وكذلك الصيادون يعملون في الصيد وأسماك غزة وصلت إلى أسواق الضفة، وعدد الزوار ورجال الأعمال الآتين إلى الضفة ازداد، وكذلك سولار محطات توليد الكهرباء، وأبناؤنا المسيحيون الذين سمح لهم بالحضور إلى بيت لحم والقدس، وكذلك المسلمين إلى المسجد الأقصى من قطاع غزة، كل ذلك ينفي مقولة أنَّ تفاهمات وقف إطلاق النار بقيت حبرًا على ورق، لكن علينا استكمالها، وهذا مرتبط باستئناف المفاوضات غير المباشرة".
وعلى صعيد ملف المصالحة الفلسطينية، واستمرارها بالتعثر لغاية الأن، وعدم تنفيذها على أرض الواقع، على الرغم من تشكيل حكومة التوافق الوطني، أكّد الأحمد "أنا أصبح لدي قناعة، كانت لدى البعض قبلي، لاسيما العارفين بتفاصيل الوضع في غزة، وما تفكر به قيادة حماس، أنها تريد إدارة الإنقسام، وليس إنهاء الإنقسام، لذلك لجأت حماس في بداية تشكيل حكومة التوافق لافتعال أزمة رواتب الموظفين الذين عينتهم في فترة الانقسام خارج القانون، وبعد أقل من أسبوع من تشكيل حكومة التوافق، ثم اعتدت جماعاتها المسلّحة، وبطريقة غير أخلاقية، على وزير الصحة الدكتور جواد عواد، الذي توجه تحت القصف الإسرائيلي إلى غزة، فضلاً عن سلسلة طويلة من الممارسات في قطاع غزة، تعبر عن أنَّ حماس تريد الإحتفاظ بحكومة ظل، هي التي تدير شؤون قطاع غزة على الأرض، وحكومة التوافق تبقى شكلية، مهمتها ضخ المال وتوفير الغطاء السياسي لحماس، وهذا لا يمكن قبوله، ويتناقض مع نص اتفاق المصالحة وروحه، الموقع في 4 أيار/مايو 2011، بل وتفاقم الأمر أكثر بالتفجيرات التي حصلت في مداخل منازل قادة فتح في غزة، ومنصة الاحتفال بالذكرى العاشرة لرحيل الشهيد الخالد أبو عمار".
واعتبر الدكتور عزام الأحمد أنه "لا بد من كشف ملابسات تلك التفجيرات، من سلطة الأمر الواقع الحمساوية أولاً، ومن ثم ترك حكومة التوافق الوطني لبسط سلطتها وفق القانون في قطاع غزة، بصورة كاملة، كما هو الوضع في الضفة، وفق الخطوات العملية المتفق عليها، وفي ضوء تفاهمات القاهرة بين حماس وفتح، في 25 أيلول/سبتمبر 2014، ونقول للجميع، لاسيما الفصائل، أنَّ الحديث عن وساطات هو تكريس للإنقسام وإدامته، ولا مبرر له ، الأمور واضحة كالشمس".
وفي شأن مشروع القرار الفلسطيني المقدم لمجلس الأمن، لتحديد إطار زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين، كشف الأحمد "لا أتوقع أنَّ التصويت على مشروع القرار سيتم هذه الأيام، بل سيجري مزيد من الحوار وتبادل الاقتراحات، ونحن على بعد أيام قليلة من الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، التي تعطل فيها معظم بلدان العالم ومؤسسات الأمم المتحدة"، متوقعًا أن يتم التصويت على مشروع القرار بداية العام المقبل.
ولفت إلى أنَّ "الولايات المتحدة تناور وتحاول باقتراحاتها إفراغ مشروع القرار من مضمونه الحقيقي، الذي نتطلع له، وهو تحديد سقف زمني لإنهاء الإحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة منذ حزيران/يونيو عام 1967، والقدس الشرقية عاصمتها، واحتمالات استخدام الفيتو الأميركي هي الأقوى، والذي سيؤدي بناء عليه إلى التوجه نحو استكمال الإنضمام إلى مؤسسات وهيئات واتفاقات الأمم المتحدة، بما فيها التوقيع على ميثاق روما، لمحكمة الجنايات الدولية، والذي سيؤدي إلى التوتر لدى الجانب الإسرائيلي، الذي يريد أن يبقى الإحتلال على حاله، ويتنصل من قرارات الشرعية الدولية، واتفاقات إنهاء الإحتلال لأراضينا، وفرض حال الإستسلام على الشعب الفلسطيني، وهذا لا يمكن القبول به إطلاقًا".
وعن موعد عقد المؤتمر العام السابع لحركة "فتح"، أشار الأحمد إلى أنه "حتى الآن لم يتخذ قرار نهائي بتحديد تاريخ محدد لعقد المؤتمر العام السابع لحركة فتح، من طرف اللجنة المركزية، لكن اللجنة التحضيرية تعمل بأقصى جهودها لإنجاز التحضيرات لإنعقاد المؤتمر السابع، الذي نأمل أن يكون بداية العام المقبل"، متوقعًا أن تبحث اللجنة المركزية في اجتماعها المقبل، هذا الأمر وتأخذ بشأنه القرار المناسب.
وفي شأن التوجه لاختيار نائب للرئيس الفلسطيني محمود عباس في المؤتمر العام السابع لحركة "فتح"، ليكون مرشح الحركة في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة، إذا ما أصر عباس على موقفه بعدم الترشح لولاية رئاسية أخرى، كشف الأحمد "نائب رئيس الحركة موجود منذ المؤتمر السادس، وحيث تم اختيار الأخ أبو ماهر في المنصب، الذي أصبح جزءًا من النظام الداخلي للحركة، أما في شأن اختيار مرشح الحركة لرئاسة الدولة والمنظمة والسلطة، واستحداث نائب له، فهو من صلاحيات اللجنة المركزية، وفق النظام الداخلي".