واشنطن ـ صوت الإمارات
كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بفرض تعريفة جمركية على كل دولار من واردات الصين إلى الولايات المتحدة، بما يقدر بنحو 500 مليار دولار.
وقال ترامب "إننا نخفض عددهم بشكل هائل"، في إشارة إلى حجم التجارة الأميركية مع الصين.
وفرضت الولايات المتحدة، في وقت سابق من الشهر الجاري، رسومًا بقيمة 34 مليار دولار على الصادرات الصينية من الآلات والمكونات والإلكترونيات إلى أميركا، ومن المقرر فرض حزمة جديدة من التعريفات الجمركية على 16 مليار دولار من الإلكترونيات الصينية خلال الأسابيع المقبلة.
وأشار ترامب أن أي رسوم جديدة سوف تعتمد على مدى انتقام الصين ,موضحًا أنه على استعداد للوصول إلى 500 مليار دولار"، في إشارة إلى القيمة الإجمالية التقريبية للبضائع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة في العام الماضي.
وأضاف "أقوم بذلك لأفعل الشيء الصحيح لبلدنا. لقد تم استغلالنا من الصين منذ فترة طويلة".
وقال: "لا أريدهم أن يكونوا خائفين، أريدهم أن يفعلوا حسناً. أنا حقاً أحب الرئيس شي جينبينغ".
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق عن استهداف 200 مليار دولار جديدة من الصادرات الصينية، ليصل إجمالي الصادرات الصينية التي تستهدفها الرسوم الأميركية 250 مليار دولار.
ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يلوّح فيها ترامب برسوم جمركية على 500 مليار دولار من الواردات الصينية. ففي مقابلة مع محطة "فوكس نيوز" مطلع الشهر الحالي، قال ترمب "التعريفات الجمركية يمكن أن تصل إلى 500. بصراحة، إذا لم نقم بالتوصل إلى صفقة. والصينيون يريدون التوصل إلى صفقة". وقال في تصريحات صحافية على متن الطائرة الرئاسة، قبل أسبوعين، إن الرسوم الجمركية على الصين قد تصل في النهاية إلى 550 مليار دولار.
وتسببت تصريحات ترامب في إثارة تقلبات الأسواق العالمية، وتراجعت قيم الأسهم الأوروبية، حيث انخفض مؤشر "ستوكس يوروب 600" بنحو 0.7 في المائة قبل أن يستعيد بعض خسائره. وكانت الأسهم المرتبطة بالتجارة العالمية الأكثر تضرراً، حيث انخفضت أسهم شركات صناعة السيارات "دايملر" و"فولكس واغن" و"فيات كرايسلر" بأكثر من 1 في المائة.
وانتقد ترامب السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، في موقف نادر يستهدف فيه البيت الأبيض، المصرف المركزي، الذي يؤكد باستمرار على استقلاليته.
وقال ترامب "لست راضيًا" عن السياسة النقدية التي ترفع أسعار الفائدة تدريجيًا "لكن في الوقت نفسه، أتركهم يفعلون ما يعتقدون أنه الأفضل".
وبعدما أكد أنه اختار "رجلاً جيداً جداً" لرئاسة "الاحتياطي الفيدرالي"، هو جيروم باول، الذي عينه خلفاً لجانيت يلين، قال ترمب إنه "ليس مسروراً" بسياسته النقدية. وقال: "لأننا نشهد نمواً، يريدون أن يرفعوا مرة أخرى أسعار الفائدة. لست راضياً عن ذلك".
ودان الرئيس الأميركي ارتفاع سعر الدولار أيضاً بسبب آفاق زيادة الفائدة والنزاعات التجارية. وقال: "انظروا إلى سعر اليورو، إنه يتراجع! الصين عملتها تنخفض سريعاً. هذا يضعنا في وضع لا يخدم مصلحتنا".
وبهذه التصريحات، يخرق ترمب الأعراف السائدة بأن يحترم الرئيس الأميركي استقلالية قرارات "الاحتياطي الفيدرالي".
وينوي "الاحتياطي الفيدرالي"، الذي بدأ منذ سنتين عملية خروج من سياسة الفائدة المعدومة، أن يرفع معدل الفائدة الأساسي تدريجياً مرتين هذه السنة لتبلغ 2.50 في المائة بدلاً من 2 في المائة في الوقت الراهن.
وقال عمر إيسينر، الذي يعمل في "كومونولث فورين إكستشينج"، إن تصريحات ترمب "تخرق تقليداً احترمه بشكل صارم الرؤساء السابقون وهو استقلالية البنك المركزي للولايات المتحدة".
وأضاف أن الدولار تأثر خصوصاً بتصريحات ترمب "التي رأى فيها أن قوة الدولار مقابل اليورو والعملة الصينية يشكل عائقاً كبيراً أمام الاقتصاد الأميركي"، مشيراً إلى أن الرئيس ترمب ووزير الخزانة ستيفن منوتشين كانا قد أشادا في الماضي بدولار ضعيف. وتابع أن "أي إشارة أخرى إلى أن الإدارة تعتبر الدولار سلاحاً في ترسانتها في الحرب التجارية يمكن أن تؤثر بشكل واضح (على الدولار) في المستقبل".
وتراجع الدولار الأميركي، الخميس، من أعلى مستوى له في عام متأثراً بتصريحات ترمب، وتخلت العملة الخضراء أيضاً عن بعض مكاسبها أمام اليوان الصيني الذي هبط في وقت سابق إلى أدنى مستوى في عام مقابل الدولار.
وقال محللون إن تعليقات ترمب قد تعني نقطة تحول للاتجاه الصعودي للدولار هذا العام.
ويلقى الدولار دعماً من زيادات محتملة في أسعار الفائدة الأميركية. وعقب تعليقات ترمب تحول مؤشر الدولار إلى الانخفاض، لكنه تعافى في وقت لاحق وارتفع 0.1 في المائة إلى 95.174.
وقال البيت الأبيض، في بيان، إن الرئيس الأميركي يحترم الاستقلال المؤسسي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "المركزي الأميركي"
وجاء في البيان، الذي حاول تغيير الانطباع الذي تركته تصريحات ترامب لدى المتابعين، "بالطبع يحترم الرئيس استقلال الاحتياطي الاتحادي
وتابع البيان "إن ترامب لا يتدخل في قرارات سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي ,مضيفًا "أن وجهات نظر الرئيس بشأن أسعار الفائدة معروفة جيداً، وتعليقاته اليوم هي إعادة تأكيد على تلك المواقف التي طال أمدها، والتعليقات العامة".
و ذكرت تقارير صحافية أن الرئيس الأميركي يمكن أن يلجأ قريبًا إلى الاحتياطي الاستراتيجي للنفط من أجل خفض الأسعار.
وبدأ تخزين هذا الاحتياطي إبّان الصدمة النفطية في العام 1972، وهو موجود في أربعة مواقع في ولايتي تكساس ولويزيانا في جنوب الولايات المتحدة، وحجمه 660 مليون برميل محفوظة في كهوف ملحية تحسبًا لأي خلل في إمدادات النفط.
وتدرس الإدارة الحالية استخدام بين 5 و30 مليون برميل من النفط، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبورغ" عن مصادر لم تسمها. ويأتي التحرك قبل انتخابات منتصف الولايات المقررة في نوفمبر /تشرين الثاني
ويعود ارتفاع أسعار النفط جزئيًا إلى الخلل مؤخرًا في إنتاج النفط في ليبيا وكندا، بجانب قرار ترمب إعادة فرض العقوبات على إيران أحد مصدري النفط الرئيسيين.
وكانت بمجرد انتشار الشائعة بأن ترامب يمكن أن يلجأ إلى الاحتياطي الاستراتيجي تراجعت أسعار النفط الأميركي بأكثر من 4 في المائة.
ويعلق فيل فلين، المحلل لدى مجموعة "برايس فيوتورز"، إنه "من المنطقي إزاء الخلل الذي يهدد الإنتاج العالمي استخدام هذا الاحتياطي بشكل طارئ"، مضيفًا"لكنني أخشى أن تبدأ الولايات المتحدة استغلال الاحتياطي سلاحاً للتلاعب بالأسعار، وأنه سيفقد تأثيره في حال حصول أزمة فعلية في الأسواق".
وصرح أندرو ليبو، المساهم لدى مجموعة "كوموديتي ريسرتش"، بأن "ارتفاع أسعار المحروقات الذي يحاول ترمب التصدي له قبل انتخابات نوفمبر /تشرين الثاني تم حلّه جزئيًا فقد تراجعت هذه الأسعار".
وتراجعت أسعار البنزين هذه السنة بعد ارتفاعها إلى نحو 3 دولارات للغالون 3.7 لتر خلال مايو /أيار. وبات المعدل الوطني الآن 2.86 دولار للغالون، بحسب الوكالة الأميركية للسيارات. ولم تلجأ السلطات الأميركية إلى الاحتياطي الاستراتيجي إلا نادرًا، وتم ذلك بالتنسيق مع وكالة الطاقة الدولية ودول أعضاء أخرى.