واشنطن ـ رولا عيسى
أكّد الباحثون أن ارتفاع درجات الحرارة في العالم قد يؤدي إلى إطلاق 55 تريليون كلغ من الكربون من التربة خلال العقود القليلة المقبلة، وهي الانبعاثات التي تعادل حجم بلد صناعي آخر في حجم الولايات المتحدة إلى هذا الكوكب، وكشفت دراسة جديدة أن الكربون في التربة يعد قنبلة موقوتة ناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأوضح العلماء أن ارتفاع درجة مئوية واحدة يؤدي إلى إطلاق 30 بيتا غرام من الكربون، وهو ما يعادل ضعف الكمية المنبعثة سنويًا من الأنشطة البشرية، ومن المقلق أنه من المتوقع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار درجتين مئويتين بحلول منتصف القرن، وتقترح الدراسة الجديدة بقيادة جامعة ييل أن العلماء ربما ينظرون في الأماكن الخطأ لتقدير خسائر الكربون في التربة، ويُعتقد أن ارتفاع درجات الحرارة سوف يغير من قدرة التربة على تخزين الكربون ما يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وتركّزت الجهود السابقة على المناطق المعتدلة حيث تعدّ مخزونات الكربون أصغر، إلا أن التحقيق الجديد حلّل البيانات عن الكربون المخزّن من الدراسات التي أُجريت على مدى 20 عامًا مضت في أجزاء مختلفة من العالم
وكشفت الدراسة أن الخسائر في المناطق المرتفعة كانت في عداد المفقودين إلى حد كبير، حيث تحتوي هذه المناطق الباردة على مخزون ضخم من الكربون تراكم على مدى آلاف السنين لكنها ظلت آمنة من خلال نوع النشاط الميكروبي البطيء، وأوضح الدكتور توماس كراوثر زميل ما بعد الدكتوراه من جامعة ييل "مخزون الكربون كبير جدا في مناطق مثل القطب الشمالي حيث تكون التربة باردة وغالبا مجمدة، وفي هذه الظروف تكون الميكروبات أقل نشاطًا ما يسمح ببناء الكربون على مدى قرون عدة، ومع زيادة الحرارة يزيد نشاط هذه الميكروبات وحينها تبدأ الخسائر في الحدوث، والمخيف هو أن تلك المناطق الباردة من المتوقع أن تصبح دافئة بشكل أكبر في ظل تغير المناخ"
ويتوقع الباحثون أن هذه الظاهرة ستؤدي إلى خسائر بنسبة 17% من الانبعاثات المتوقعة من الأنشطة البشرية بحلول منتصف القرن، وتشير هذه النتائج إلى خطورة تغير المناخ، وتوضّح تضارب نتائج الدراسات السابقة، وكشف مارك برادفورد أستاذ علم الإيكولوجيا الأرضية في جامعة ييل أن الأثر "يعتمد بشدة على المكان الذي تبحث فيه، وبمعرفة ذلك يمكننا تطوير المزيد من الثقة في فكرة أن الملاحظات البيولوجية حقيقية وبالتالي من المرجّح أن يتغيّر المناخ بسرعة أنشطة البشر"، فيما ركّز الباحثون فقط على خسائر الكربون في التربة الناجمة عن الاحتباس الحراري، مبيّنين أن العمليات البيولوجية الأخرى يمكن أن يكون لها تأثيرًا أفضل أو أسوأ مثل تسريع نمو النباتات الناجم عن زيادة ثاني أكسيد الكربون، وتابع كراوثر: "التعامل مع هذه الأصداء من الأمور الهامة إذا قدمنا إسقاطات هادفة بشأن الظروف المناخية في المستقبل، حينها فقط يمكننا استهداف مسببات الاحتباس الحراري للحد من تغير المناخ".