واشنطن ـ رولا عيسى
كشف معتقل سابق في سجن غوانتانامو عن نضاله المستمر للتكيف مع الحياة بعدما أصبح طليقًا، محذرًا من الصعوبات والتحديات التي ستواجه شاكر عامر الذي يتبقى أسبوع على إطلاق سراحه، بعد 13 عامًا من السجن.
وأوضح أحمد الرشيدي (49عامًا)، أن التكيف مع الحياة الطبيعية بعد خمسة أعوام ونصف من السجن لم يكن أمرًا سهلًا، مضيفا: "عندما تمشي في الشارع الآن يتبقى بداخلك سؤال: هل يعرف هؤلاء الناس من أكون؟ هل يعلمون أنني قادم من غوانتانامو؟".
وتابع: "بالإضافة إلى الكوابيس التي تراها، فإن أسوأ شيء عندما يرى السجين زيًا برتقاليا، حيث يرى نفسه عائدًا إلى غوانتانامو مرة أخرى، وهذا هو الكابوس المستمر الذي يعاني منه الكثير من المعتقلين".
يُذكر أن الرشيدي ولد في المغرب ولكنه عمل طباخا في بريطانيا، وتم القبض عليه على الحدود الباكستانية الأفغانية عام 2002، ويقيم حاليًا في المغرب، حيث يمتلك مطعما ومقهى هناك.
وأضاف: "أكبر مشكلة واجهتها هنا هي أن الناس يكونون حذرين جدًا عندما يتحدثون إليّ، فلا أحد يسألني عن رقم هاتفي، ولا أحد يسألني عن غوانتانامو، وبالرغم من أن ذلك قد يسبب لي الألم، إلا أنني أتمنى أن يسألونني هذه الأسئلة".
واعتقل الرشيدي لمدة خمسة أعوام، وأثناء ذلك الوقت حاز على لقب "الجنرال" من الحراس، حيث كان يُلقى كزعيم غير رسمي لأكثر من 700 معتقل، وينظم الاحتجاجات التي تشمل إضرابات عن الطعام، وهو الدور الذي اكتسبه بشكل كبير لأنه واحدًا من القلائل الذين يتحدثون الإنجليزية.
واسترسل: "وددت الابتعاد عن الأضواء والحفاظ على خصوصيتي، ولكن الآن أشعر بالحاجة لأن أتكلم عن غوانتانامو، أريد أن أتحدث إلى الناس وأنير طريقهم، أريد أن أذهب إلى الكونغرس وأخبر الشعب الأميركي بحقيقة ما يحدث".
ويصف المعتقل السابق "عامر" بأنه رجل جميل وعظيم، حيث لعب نفس الدور معه، وحذر من أنها ستكون نفس الأشياء التي عاناها، مثل القدرة على مشي خطوات قليلة دون القيود، وكذلك الأثر المعنوي لأثار الكوابيس مخافة العودة للحبس في قفص القاعدة الأميركية، والذي سيكون أصعب ما يواجهه "عامر".
وجاءت تعليقاته بعد أسبوع من إطلاق سراح "عامر" من مركز المعتقل بعد حبس حريته لمدة 14 عاما دون توجيه اتهام، حيث كان آخر معتقل بريطاني يغادر المعسكر، ليلتئم شمل الأسرة مع زوجته وأطفاله الثلاثة.
ويذكر الرشيدي تفاصيل قليلة بسبب الحالة الصحية أو الحالة الذهنية للرجل ذات الـ 48 عاما، والتي بدت منذ عودته إلى لندن الجمعة الماضية، ويعتقد أنه يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة؛ إلا أن الرشيدي يتذكر "عامر" جيدًا.
وأردف: "كان شاكر يدافع عن المسجونين ويساعدهم في غوانتانامو طوال الوقت، وإذا لم يكن لديه جواز سفر بريطاني لما كان هنا اليوم، وكان سيُترك مع "معظم بك" وبقية البريطانيين عندما غادروا في 2004. ومثل أي شخص يتحدث الإنجليزية وله صوت عال ويتصدى للجيش، فقد اعتبروا "شاكر" شخصا مشبوها وخطرا وغير مرغوب فيه من الأميركيين .. وهكذا، لقد اعتبروه شخصًا في حاجة إلى مزيد من الانتباه له، كما حدث معي أيضًا".
ويتذكر الرشيدي أيضًا معتقلا بريطانيا آخرا يدعى "جمال الحارث" الذي اعتنق الإسلام بعدما كان اسمه رونالد فيدلر، والذي أطلق سراحه من غوانتانامو في 2004، بعد ضغوط من الحكومة البريطانية وقيل أنه مع زوجته الآن في صفوف "داعش" الذي سيطر على منطقة في سورية.
وأضاف: "أنا مندهش من ذلك، وأشعر بالرثاء تجاه أي شخص ينضم لداعش، لأنه سيكون ساذجا وواهما، ففي غوانتانامو تجد الكثير من الناس ممن لا علاقة لهم بأي شيء أو بما يفعله البريطانيون أو الأميركيون، وكانوا مجرد كبش فداء، فماذا سيفعلون بعد غوانتانامو، إنني لا أستطيع التحدث معهم".
وقال الرشيدي انه استطاع أخيرًا عمل جواز سفر آخر ويريد السفر إلى المملكة المتحدة، وحتى إلى الولايات المتحدة، لافتًا إلى رحلته الإجبارية إلى غوانتانامو بدأت باعتقاله على الحدود الباكستانية مع أفغانستان بعد السفر من المملكة المتحدة بأسبوع عقب هجمات 11 سبتمبر، ولم يكن متهمًا بأي تهمة، ولم يتسلم حتى اعتذار، لافتًا إلى أنه كان يؤدي مساعدة إنسانية أثناء القبض عليه.
وأشار إلى أنه يمتلك عملًا ناجحًا ولكنه غير سعيد لأن العدالة لم تنفذ، ولم تعد لديه شهية للطعام كما كانت، مضيفًا: "لقد فقدت شهيتي، غوانتانامو ليس وراء ظهري، وهي كذلك بالنسبة لكثير من المسجونين، ولسوء الحظ إنها أمام كل مسجون، فهو يرى غوانتانامو أمام عينيه، ومن الصعب أن نترك الأمر وراء ظهورنا".
ولأنه يستمتع بقضاء الوقت مع عائلته، يؤكد الرشيدي أن "عامر" سيجد نفس الأمر ويكون اليوم مليئا بالأحاسيس التي ستبدو مفاجئة له، ففي الحياة الطبيعية تدخل إلى المطبخ وتشعل الموقد وتنظر إلى النار، ولكن في حالة المعتقل الذي لم يرى النار لأعوام طويلة وكان يعيش في زنزانة، سيكون كل شيء حوله صلب، ويصرف النظر عن أوراق التواليت والفراش والزجاج والخشب، سيلمس أشياء لم يمسسها منذ 13 عاما".